الأحد 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

“بلفور” في الذاكرة الفلسطينية

الأحد 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par يونس السيد

لا شيء في هذا العالم يمكن أن يمحو من الذاكرة الجمعية الفلسطينية كارثة “وعد بلفور” وتداعياتها التي لا تزال ماثلة حتى الآن، ولا حتى الصحوة الأوروبية، إن جاز التعبير، والتي جاءت متأخرة كثيراً باعتراف بعض دول الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية المستقبلية .
وكما في كل عام، فقد حلت علينا ذكرى هذه الكارثة المشؤومة، والتي أوشكنا على إحياء ذكراها المئوية بعد ثلاثة أعوام، لتضيف إلى سجل الذاكرة الفلسطينية، مزيداً من المعاناة والقتل والاستيطان والتهويد ومصادرة ما تبقى من الأرض والتهجير، فيما الأمة العربية تغط في سبات عميق، وتزداد انقساماً وتشرذماً يوماً بعد يوم، يشي بإمكانية انهيارها على نحو مأساوي لا سابق له في التاريخ .
قبل 97 عاماً، وبالتحديد في 2 نوفمبر/تشرين الثاني عام ،1917 منح وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر بلفور وعد من لا يملك إلى من لا يستحق، في رسالة وجهها إلى الثري اليهودي اللورد روتشيلد، وتضمنت موافقة الحكومة البريطانية على “إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين”، مقابل أشهر رشوة في التاريخ تقدم لعائلة مالكة ولحكومة انتهازية، حيث كانت بريطانيا آنذاك بحاجة لاستغلال اللوبي الصهيوني في إقحام الولايات المتحدة إلى جانبها في الحرب العالمية الأولى، وإن كان ذلك لم يمنع الولايات المتحدة فيما بعد من رعاية الحركة الصهيونية بعد انتقال مركز ثقلها من لندن إلى نيويورك إبان الحرب العالمية الثانية .
مياه كثيرة جرت منذ ذلك التاريخ، سالت خلالها أنهار من الدماء الفلسطينية والعربية، ولا تزال، بفعل الهجمة الاستعمارية الشرسة على الوطن العربي، والمقاومة الفلسطينية والحروب العربية - “الإسرائيلية” التي سبقت وأعقبت نكبة فلسطين عام 1948 . فقد شكلت هذه النكبة وما رافقها من مجازر وعمليات مصادرة الأراضي والاستيطان والتهويد واقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين من أرضهم وديارهم وتشريدهم إلى مخيمات اللجوء في دول الجوار والشتات، نقطة تحول في مسار الصراع، وأسست لمرحلة جديدة من الكفاح والمقاومة والحروب والثورات والانتفاضات المتلاحقة .
واليوم، بعد مرور 66 عاماً على نكبة عام ،1948 يتضح الآن كم هي زائفة تلك الادعاءات والمقولات الصهيونية، التي ظلت تروج بأن فلسطين “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، وكم كانت رئيسة وزراء الكيان غولدا مائير مخطئة وبائسة حين راهنت على أن “الكبار سيموتون أما الصغار فسينسون”، فها هي الأجيال الفلسطينية تحمل راية المقاومة جيلاً بعد جيل، وها هي القدس تنتفض في وجه الاحتلال، تأكيداً على عروبتها وإسلاميتها، والأقصى يستصرخ ضمير الأمة أن تهب لنجدته، فيما يستجمع فلسطينيو الضفة وغزة والمناطق المحتلة عام 48 غضبهم ليلقوه في وجه الاحتلال ربما على شكل انتفاضة فلسطينية جديدة .
لن يستجدي الفلسطينيون بالتأكيد اعترافاً من بريطانيا ولا من غيرها، رمزياً كان أم حقيقياً، فالشعب الفلسطيني نضج بما فيه الكفاية ليعرف طريقه إلى انتزاع الحرية والاستقلال، ويستطيع الآن أن يرد على بلفور وغيره من نظرائه الغربيين بأن “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”، وأن الحق لا يضيع إذا كان وراءه مطالب مهما طال الزمن .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165445

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165445 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010