السبت 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

الدولة والعودة عنوان الكفاح الفلسطيني

السبت 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par صالح عوض

منذ النكبة ارتفع الصوت الفلسطيني بحق المهجرين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم ومدنهم وقدمت الشرعية الدولية غطاء قانونيا لذلك بقرارات توالت من المؤسسات الأممية تعزز حق الفلسطينيين بالعودة، وانطلق الكفاح الفلسطيني بشتى أشكاله، مؤكدا على حق العودة وتحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني..وظلت فكرة العودة قوية في الوجدان الشعبي كما في الخطاب السياسي على حد سواء..

إلا أن فكرة الدولة لم تكن بمثل جلاء فكرة العودة وحضورها، ففي حين حاول الفلسطينيون بقيادة الزعيم الفلسطيني الكبير الحاج أمين الحسيني التركيز على التمثيل الفلسطيني قبل النكبة ليتجنب الشغور الحاصل عن رحيل الاستعمار البريطاني عشية 15 أيار 1948 إلا أن الرسمية العربية يومذاك رفضت الاعتراف بتمثيل الهيئة العربية العليا للشعب الفلسطيني، الأمر الذي وجه ضربة حقيقية في سياق الكيانية السياسية الفلسطينية الجنينية..وبعد النكبة سارع الحاج إلى إنشاء مجلس تشريعي فلسطيني انبثقت عنه حكومة عموم فلسطين، ولكنها سريعا ما وئدت بفعل النظام الرسمي العربي.

فكرة العودة كانت هي العنوان الحاضر دوما لكل العمل الفدائي الفلسطيني بكل عناوينه ولأسباب عديدة كان العرب المحيطون بفلسطين يحاولون إدماج الوضع الفلسطيني في مشاريعهم المحلية أو القومية، غير مستحسنين أن يتحرك الفلسطينيون بعيدا عن برامجهم الخاصة، كأن يسعوا إلى تكريس حالة التمثيل للشعب وللقضية والسير في تكريس مؤسسات الشرعية السياسية، صحيح أنها لم تغب في المشروع الوطني المعاصر في طبعته الأخيرة، إلا أن فكرة الدولة لم تكن ملحة على الثورة الفلسطينية على مدار عقدين من الزمن تقريبا، مع أن الفلسطينيين أقاموا مؤسسات رئيسية من جملة مؤسسات الدولة إلا أنها ظلت دون ذلك حتى أعلن في الجزائر عن قيام دولة فلسطين..وبذلك انتقل الفكر والممارسة السياسية الفلسطينية إلى الأمام بخطوات أكثر وضوحا وثباتا.

وأصبحت فكرة الدولة أكثر وضوحا وإلحاحا مع عودة الفلسطينيين بموجب اتفاقية أوسلو إلى أرض الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث أقام الفلسطينيون مؤسسات الدولة معنويا وسياسيا إلا أن إدارة الصراع مع الصهاينة كان يحتاج أسلوبا أكثر واقعية وعلمية..حيث أقام العدو الصهيوني كل جهده على اعتبار تضييع الوقت على الفلسطينيين في مفاوضات عبثية تتم تحت غطائها جرائم الاستيطان الصهيوني وانتهاك الحقوق، ورغم ذلك فإن الفلسطينيين أنشأوا مرافق الدولة ومؤسساتها واقتربوا من الإعلان عن الدولة وتدربوا على السلاح في غزة والضفة وأن الجيش الفلسطيني والقوى المسلحة الفلسطينية أصبحت تتحرك بحرية في الأرض الفلسطينية، الأمر الذي يعني أن الفكرة التي تحرك الفعل السياسي هي فكرة سياسية.

ورغم أن الفكر الفلسطيني السياسي، كما النضال الفلسطيني العسكري والسياسي والثقافي لم يركز كثيرا في رحلتنا الفلسطينية المعاصرة على فكرة الدولة، وهذا منذ البيان الأول لحركة فتح مرورا بكل البيانات السياسية للفصائل الفلسطينية، انتهاء ببيان حماس والجهاد وخطابهما المتواصل في الدعوة إلى المقاومة والجهاد..في العقل السياسي الفلسطيني كانت الأولوية للكفاح المسلح ثم التمثيل لقضية الشعب ثم انتزاع الاعتراف بمنظمة التحرير الفسطينة..

الأن يبدو أن الفلسطينيين يركزون على الشق السياسي في العملية وأن الدولة الفلسطينية، والتي لم تحظ فكرتها كثيرا من الاهتمام في عقود فائتة، بل حتى لدى بعض القوى السياسية اليوم، وهذا ما يرتقي بفعلهم ويجعل من كل خطوة وجهد لهم إنما هو في عملية تراكمية لانضاج هدفهم .. وهذا إنجاز على المستوى الفكري والنضالي يصنع حجر ارتكاز لكل الفعل الفلسطيني وينتقل بالوعي العام إلى مرحلة متقدمة يقترب معها تحقيق الهدف.

ولكن يعود الخوف هنا إن يضعف التركيز على شق عنوان العملية السياسية الأخر في ظل التركيز على الدولة وهو حق العودة أن الضغوط كبيرة على راسم الموقف السياسي الفلسطيني فهو يواجه التعنت الاسرائيلي وفقدانه كثيرا من أوراق الضغط، لاسيما الموقف العربي الذي أصبح مشغولا بتحديات تتهدده.. ومن هنا يصبح السياسي الفلسطيني حريصا على عدم تفويت أية فرصة حقيقية لتكريس واقع الدولة الفلسطينية بما لها وما عليها من التزامات نحو شعبها ونحو الاقليم والعالم..

الأن بوضوح يصبح على السياسي الفلسطيني الرسمي والفصائلي التركيز على الدولة والعودة وأن ينشط لكي يتم تكريس الدولة بتعزيز مؤسساتها، لاسيما المجلس التشريعي والوطني وإعطاء فرصة كافية لإنجاح الحكومة ومؤسسات الدولة جميعا..ومن هذه المؤسسات الجوانب القضائية والخدماتية للناس، كما الشؤون الخارجية، وسوا ذلك من استحقاقات..ولابد في هذا الاطار أن يقوم العمل من أجل بناء الدولة على فكر إنساني وعالمي لا أن يرتكس لأي معنى ضيق سواء على صعيد الفكرة أو الممارسة.. وبنفس الدرجة أن يطرح موضوع حق العودة بما يتوافق مع جهود دولية جبارة منحت الفلسطينيين العمل بكل الوسائل من أجل عودتهم وبناء دولتهم.

لقد تطور الوعي السياسي لدى كثيرين، وما التصميم على إقامة الدولة الفلسطينية الأن بمثل هذا الاصرار إلا عبارة عن اكتشاف عظيم رغم كل ما يحصل في الاقليم والعالم..وهذا ما يعطي للكفاح الفلسطيني هدفية ويمنح لكل الفعل الفلسطيني على كل المستويات حتى مستوى الرياضة والتعليم وسوى ذلك قيمة لأنه يسهم في بناء المستقبل السيد الحر بدولة فلسطينية... وهكذا يتلاحم هدفا نضالنا إنه حق العودة وإقامة دولتنا بعاصمتها القدس الشريف..تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2178066

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2178066 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40