الأربعاء 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

رؤية “إسرائيلية” واحدة أم رؤيتان؟

الأربعاء 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par عوني صادق

ما يجري في القدس المحتلة منذ عملية اختفاء المستوطنين الثلاثة في الخليل، التي كانت بداية التصعيد الحالي، بما في ذلك شن الحرب على غزة، أعاد الحديث عن “الانتفاضة الثالثة” ولكن باسم “انتفاضة القدس” أو “انتفاضة فتيان الحجارة”، وفتح ما يبدو سجالا بين “رؤيتين” داخل التجمع الصهيوني في فلسطين .
وقد تحدث آخر خبر نقلته جريدة “القدس” المقدسية صباح الأحد الماضي، عن تجدد المواجهات بين قوات الاحتلال وأولئك الفتيان، واعتقال ثمانية شبان وإصابة العشرات منهم . وكان ذلك إثر الإعلان عن تأجيل تسليم جثمان الشهيد عبد الرحمن الشلودي، الذي قتلته شرطة الاحتلال بعد عملية دهس مستوطن في القدس المحتلة . وجاء في الخبر أن المواجهات بدأت في البلدة القديمة، وامتدت إلى باب العامود وسلوان والطور وصور باهر ومخيم شعفاط وبيت حنينا وبلدة الرام . وكانت المواجهات قد وصلت إلى رام الله وسقط فيها شهيد وجرحى .
ففي أعقاب عملية الدهس، أصدر نتنياهو أوامره بضرورة تعزيز قوات الشرطة، بعد مشاورات أجراها مع رئيس (الشاباك) ووزير الداخلية ووزير الأمن الداخلي ومفتش عام الشرطة . في الوقت نفسه، دعا وزير الاقتصاد في حكومة نتنياهو، نفتالي بنيت، إلى استخدام “القبضة الحديدية”، ثم أعلن مفتش عام الشرطة، يوحنان دينينو، أن الشرطة ستشكل وحدة خاصة متخصصة في مواجهة “أعمال خرق النظام” في القدس، متعهداً باستعادة الأمن للقدس خلال فترة قصيرة . وطالب رئيس بلدية القدس الصهيوني، نير بركات، بمنح الشرطة المزيد من “الوسائل” واستخدام المزيد من القوة لقمع المشاغبين على الأمن . وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الشرطة تنوي استخدام “مستعربين” داخل القطار المحلي (الذي يصل بين تل أبيب والقدس)، إضافة إلى الوحدة الجديدة، وتفعيل وسائل تكنولوجية جديدة لهذا الغرض . ويذكر أن “الكنيست” يعتزم طرح مشروع قانون جديد يتيح، إذا تمت المصادقة عليه، تقاسم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، بين اليهود والمسلمين، عبر ما سموه “مساواة الحق في العبادة” في المسجد !!
وكتب المراسل العسكري لصحيفة (يديعوت أحرونوت - 23/10/2014)، المقرب من الأجهزة الأمنية، أليكس فيكشمان، يقول: “في المخابرات وفي قيادة المنطقة الوسطى قلقون أقل من الشبكات العسكرية التابعة لحركة (حماس) في الضفة، ليس لأنها ليست خطيرة بل لأنها تخضع لتحكم استخباري جيد . . ولأن أجهزة أمن السلطة تعمل بالتنسيق مع جهاز الأمن”الإسرائيلي“بكل ما يتعلق بمكافحة (حماس)”! ويضيف: لكنهم يخشون أن يؤدي “استمرار الفوضى” إلى تدني مستوى التنسيق مع أجهزة أمن السلطة ما قد يؤدي إلى القطيعة الكاملة"!
تلك كانت باختصار عينة من “رؤية” اليمين عموماً . أما “الرؤية الثانية”، فقد عبر عنها كتاب وصحفيون وبعض السياسيين من الصف الثاني مثل وزيرة القضاء تسيبي ليفني، وتدعو إلى “أفق سياسي”! وقد كتب شمعون شيفر في صحيفة (يديعوت أحرونوت- 23/10/2014)، مقالاً بعنوان (اطفئوا النار المشتعلة في القدس) يقول: “الناطقون بلسان جهاز الأمن يواصلون الشرح بأن ما يجري أعمال فردية، وليست انتفاضة . وأقترح على كل المعقبين من نتنياهو وحتى آخر الوزراء: كفوا عن الثرثرة وتحملوا المسؤولية” . ثم يقول: “هناك أمور يمكن عملها: أولاً، ينبغي الشروع في مفاوضات حول تسوية لمكانة الأماكن المقدسة لليهود، للمسلمين، والمسيحيين في الحرم وفي شرقي القدس” ! وفي صحيفة (معاريف- 24/10/2014)، شن بن كاسبيت نقداً لاذعاً على سياسة نتنياهو وفريقه الوزاري، واصفاً إياهم ب“قطار الشياطين”، ومعتبراً أن ما يجري في القدس يرتقي إلى مستوى انتفاضة حقيقية، خاتماً مقاله بالقول: “القدس تشتعل، ووزير الأمن الداخلي لا يزال يرى عكس ذلك”!
أما صحيفة (هآرتس- 24/10/2014)، التي تعتبر ممثلة لما يسمى “اليسار الوسط”، فجاء في افتتاحية نسختها الإنجليزية، قولها: إن الأحداث التي تشهدها القدس من مواجهات واقتحامات للمسجد الأقصى “لم تأت من فراغ، ولن تنتهي باستخدام القوة التي دعا إليها نتنياهو” . وأضافت: “السبب وراء هذه الأعمال هو اليأس والخوف لدى سكان القدس . فانهيار العملية السياسية والدعوات بإعطاء الحرم القدسي لليهود، إضافة إلى إهمال الحكومة”الإسرائيلية“لأوضاع الأحياء العربية في القدس ووضع المستوطنين في قلب الأحياء العربية، كلها أسباب انتشار وازدياد أعمال العنف” . وختمت قائلة: “إن تجاهل هذه الأسباب والتركيز على استخدام القوة والعقاب لن يحل المشكلة” .
ويلاحظ أن استراتيجية اليمين، وائتلافه الحكومي، و“رؤيته” لم تتغير ولا تتغير في أي وقت لأنها محكومة برؤية “توراتية” ثابتة لا تتغير، وتقوم على أساس “ما لا يتحقق بالقوة، يتحقق بمزيد من القوة”! وقد شكك معلقون عديدون بنجاعة هذه الاستراتيجية، وعلقت (هآرتس) على مطالبة نير بركات بمزيد من القوة، قائلة: إن عقيدة القتال لبركات الجديدة (هل هي جديدة؟!) التي تتلخص بأن “ما لا يتحقق بالقوة، يتحقق بمزيد من القوة، لم تثبت نجاعتها في القدس” .
ولكن بماذا تختلف “الرؤية الثانية”، رؤية ما يسمى “اليسار واليسار الوسط”، عن “رؤية” اليمين التوراتية؟ فيما سبق من اقتباساتنا للمعترضين، يتبين أن الاعتراض على الأسلوب والشكل، ولكن ليس على الأهداف . إن كل ما يطلبه المعترضون هو تحقيق الأهداف بعملية توفيقية بين “القوة والسياسة”، ولذلك لم نسمع منهم أحداً يطالب بالانسحاب من القدس الشرقية، مثلاً، كسبيل لوقف أعمال العنف فيها . وهم أيضاً عندما يطالبون بالانسحاب من الضفة، يضعون شروطاً لا تختلف في شيء عن شروط الأكثر تطرفاً، إلا ربما في الألفاظ!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2177381

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2177381 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40