السبت 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

فتحي الشقاقي في ذكرى استشهاده

السبت 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par معن بشور

ظنّ «الإسرائيليون» أنهم تمكنوا بفضل اتفاق اوسلو أيلول 1993 من الإجهاز تماماً على قضية فلسطين وحقوق شعبها، وأنه لم يعد في مواجهتهم سوى بعض قادة مصرين على العيش في «الماضي» وعدم التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية الكبرى بدءاً من تدمير العراق بذريعة الكويت وصولاً الى الانهيار الضخم الذي أصاب الاتحاد السوفياتي القطب الآخر في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.

هؤلاء القادة – الأهداف، كان الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي الدكتور فتحي الشقاقي، واحداً من أبرز من يدرك «الموساد» منذ ذلك الحين خطورة الحركة الجهادية التي ساهم في تأسيسها في قلب الانتفاضة الأولى، انتفاضة الحجارة 1987 ، لتصحح بوصلة العديد من الحركات الإسلامية باتجاه فلسطين غاية، والمقاومة المسلحة خياراً ونهجاً.

لم يكن الشهيد الشقاقي يظن في رحلته «السرية» الى ليبيا لحل أزمة تتعلق بالفلسطينيين العاملين هناك، انه كان ملاحقاً خطوة إثر خطوة، بل ربما كان يظن ولكنه أصر على انجاز المهمة الانسانية والوطنية في آن، وربما كان يقول بينه وبين نفسه ورفاقه، ما الفرق بين أن يعطي المجاهد حياته في لحظة مواجهة او عملية اغتيال او ان يعطيها في كل يوم من ايامه لخدمة وطنه وأمته وربه، بل ربما كان يعتقد، وهو سليل إرث نضالي فلسطيني عريق ممتدّ الى عشرات السنين ان اغتيال حاملي القضايا الكبرى، كقضية فلسطين سيعطي لهذه القضايا دفعاً وزخماً في استشهاده ربما يفوق الزخم والدفع اللذين يعطيهما نضالهم في حياتهم.

واليوم، وبعد 19 عاماً على اغتيال الشقاقي، من واجب الصهاينة وشركائهم الاقربين والأبعدين، هل أوقف اغتيال الشقاقي تنامي دور حركته في المقاومة أم انه جعلها تتقدم لتصبح واحدة من أفعل حركات المقاومة الفلسطينية ومن أكثرها انسجاماً مع نفسها ومبادئها واخلاقياتها، كما ظهر في حروب غزة المتتالية، فتُبقي «للجهاد الاسلامي» الذي اختارته اسماً لها مدلوله الحقيقي اي انه جهاد ضد مغتصبي الأرض ومدنّسي المقدسات وفي مقدمها الاقصى المبارك.

واليوم، وبعد 19 عاماً على اغتيال القائد الجهادي الفلسطيني الكبير، ألا تشعر روح الشهيد القائد، ومعها ارواح كل الشهداء بالارتياح وهم يراقبون من علٍ الانتفاضة المتجددة في القدس، وثبات المرابطات والمرابطين في ساحات الأقصى يشكلون جداراً بشرياً منيعاً بوجه اقتحامات سوائب المستوطنين المتوالية، مؤكدين ان عقيدة التوحيد التي يحملونها في قلوبهم والعقول ستبقى أقوى من أي محاولة صهيونية لتقسيم الحرم القدسي او لتقاسم الصلاة فيه.

بل بعد 19 عاماً ألا يشعر الشقاقي كم بات حال الأمة بعيداً من حاجتها وحقيقتها، وكم بات التمزق قانون حياتها، فيما كان الشقاقي المؤمن يسعى الى الوحدة قانوناً ومحركاً لحياة الأمة.

لقد كانت السنوات التي تفصلنا عن استشهاد الشقاقي تفاصيل مجسدة للأفكار والمواقف التي حملها الشقاقي وأخوانه منذ انطلاقة حركتهم، بل حتى قبل الانطلاقة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه: الى متى يبقى الشعب الفلسطيني عموماً وقادته خصوصاً، مستباحين لمجازر الصهاينة واغتيال عملائهم؟

بل الى متى يغض العالم عموماً، وأبناء الامة خصوصاً، النظر عن هذه الجرائم الارهابية الموصوفة والتي لا يخجل مجرمو الحرب الصهاينة من التباهي بارتكابها سواء تلك التي ارتكبوها في لبنان على مدى سنوات، وفي تونس أعوام 1988 و1991، وصولاً الى رام الله وغزة وما بينهما على امتداد العقدين الفائتين، واسماء الشهداء اكبر من ان نوردها في هذه العجالة.

ألا تستحق هذه الاغتيالات، وقد بات مرتكبوها معروفين بإقرارهم، والإقرار سيد الأدلة، تحركاً قانونيا عربياً ودولياً لإحالة مرتكبيها الى القضاء الجنائي الدولي، أو حتى الى القضاء الوطني في بعض الدول.

إن ملاحقة إرهابيي الكيان الصهيوني في هذه الحال تتجاوز كل المحاذير التي يضعها بعضهم للتريث في توقيع اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية وهي محاذير غير مقبولة في جميع الأحوال ، وبالتالي لا مبرر للتأخر فيها…

حينها فقط نكون قد جعلنا من دماء الشقاقي، القائد والمفكر والشاعر، ورفاقه الشهداء طوقاً جديداً يلف عناق كيان الإجرام والإرهاب جنباً الى جنب مع طوق المقاومة الباسلة والعزلة الدولية المتنامية والتأزم الداخلي المتفاقم، بل كرّسنا قاعدة رفض الإفلات من العقاب وحمينا كلمة الجهاد من كل مستخدميها في غير موضعها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 59 / 2165913

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع معن بشور   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165913 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010