الجمعة 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

قيادة خاصة لمكافحة التظاهرات من الجو.. وخوف من الضفة

الجمعة 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par حلمي موسى

تخشى إسرائيل من أن الانتفاضة الجارية في القدس الشرقية ضد الاحتلال الإسرائيلي وممارساته يمكن أن تنتشر في الضفة الغربية المحتلة قريباً. وتحاول الحكومة الإسرائيلية، عبر استخدام الانتشار الواسع لقوات الشرطة وحرس الحدود والاستعانة بالطائرات من دون طيار السيطرة على الوضع في القدس الشرقية. وتتناقض المواقف داخل النخبة الإسرائيلية بين من يدعون إلى الضرب بيد من حديد وتوسيع استخدام العنف ضد الفلسطينيين، وبين من يرون عدم جدوى استخدام القمع.
فقد انتشرت قوات معززة من الأمن وشرطة الاحتلال أمس، بعد ليلة من المواجهات في القدس الشرقية المحتلة تطبيقاً لسياسة الحكومة القاضية بـ“عدم التساهل إطلاقاً” إزاء أي أعمال عنف جديدة.
ويتحدث معلقون إسرائيليون عن أن جمرة الانتفاضة المتقدة في القدس منذ بضعة شهور والتي بلغت ذروتها سابقا في اختطاف وقتل الشهيد محمد أبو خضير، عادت بقوة إلى الاشتعال مهددة بانفجار أزمة قد تقود، كما حدث سابقاً، إلى الانتشار في الضفة أو إلى حرب جديدة مع المقاومة في غزة.
وتشهد خريطة الأحداث في القدس الشرقية على أن التظاهرات غير مقصورة على حي واحد أو وقت معين وإنما تعم غالبية مناطق القدس الشرقية وفي أوقات مختلفة. ويعرف كثيرون أن هذه الأحداث تأتي في أعقاب حملة التغول الاستيطاني الإسرائيلي في محتلف مناطق القدس الشرقية والتمادي في الاعتداء على الحرم القدسي.
وذهب المعلق العسكري لـ“هآرتس” عاموس هارئيل إلى اعتبار ما يجري في القدس الشرقية بأنه “انتفاضة مدينية في القدس تعربد منذ مطلع الصيف”. ولاحظ أنه بعد توقف القتال في قطاع غزة ساد هدوء ولكن “العنف في القدس لم يتوقف للحظة”.
وأشار هارئيل إلى أن المشروع الطموح بإنشاء خط القطار الخفيف في القدس “لتوحيد” أحياء المدينة شرقاً وغرباً هو ما يشكل اليوم مظهر الصدام الرئيس، ما قاد إلى توقف سير هذا القطار في غالبية الأحياء العربية. فخط القطار هذا يعتبره الفلسطينيون في القدس المحتلة أحد عناوين السيطرة الإسرائيلية على حياتهم، وواجب تحديه.
وقد دفعت الأحداث في القدس الشرقية رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى إجراء سلسلة مشاورات موسعة مع العديد من الوزراء والفعاليات الأمنية. وأعلن في ختام هذه المشاورات أن “كل محاولة للمساس بسكان القدس ستجابه برد فائق الشدة”.
وأكد نتنياهو على وجوب تجسيد السيادة الإسرائيلية على كل أجزاء المدينة عبر نشر المزيد من القوات بعدما تقرر دفع سرايا حرس الحدود ووسائل رصد واستخبارات وأدوات قمع. وشدد على “أننا أثبتنا أنه بالحزم وبطول النفس نحقق هذه الغاية في كل أرجاء إسرائيل. فليست القدس وحدها ما يتعرض لهجمة إرهابية، وإنما هناك عواصم أخرى ومدن أخرى في أرجاء العالم تتعرض لهذه الهجمة”.
وفي هذا الإطار، حمل نتنياهو على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يتخذ من حماس شريكاً له ويدعو الفلسطينيين لمجابهة المستوطنين في القدس. كما حمل نتنياهو على الأسرة الدولية التي لم تدن مواقف عباس، مؤكداً “سوف نصر على حقوقنا وعلى واجباتنا في الدفاع عن عاصمتنا. سوف نفعل ذلك بقوة، وسوف ننتصر”.
وفي نطاق السعي إلى قمع انتفاضة القدس الشرقية المحتلة، تقرر إرسال آلاف من رجال الشرطة وحرس الحدود إلى القدس الشرقية وإنشاء قيادة خاصة لمكافحة التظاهرات عبر استخدام وسائل تكنولوجية حديثة وإنشاء دائرة ادعاء وتحقيق من أجل إصدار الأحكام بسرعة على المتظاهرين.
وفي هذا السياق، قال موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي، إن هذه هي مجرد بعض بنود الخطة الجديدة التي تبلورت لمجابهة الوضع في القدس الشرقية، إذ ستضاف لوحدات الشرطة وحدات من المستعربين وقوات قمع التظاهرات التي ستجلب من مناطق أخرى بما فيها الضفة الغربية المحتلة. كما ستوضع تحت تصرف الشرطة وحدات استخبارية تستخدم طائرات من دون طيار وبالونات للتصوير تسمح بالسيطرة على التظاهرات من الجو.
ومن المهم الإشارة إلى أن الشرطة الإسرائيلية أعلنت خلال الشهور الأخيرة مرات عدة نجاحها في قمع انتفاضة المقدسيين، لكن استمرار التظاهرات كان يظهر خلاف ذلك. فالوضع في القدس الشرقية بات غير محتمل من جانب الفلسطينيين هناك جراء الاستمرار في سلب أراضيهم والبناء الاستيطاني عليها واقتحام بيوتهم وإنشاء مستوطنات يهودية، ليس فقط بين الأحياء العربية وإنما أيضاً داخلها كما حدث مؤخراً في سلوان.
ولذلك، يلحظ معلقون أن الحديث الإسرائيلي عن خطة جديدة ونظرية مكافحة مختلفة لن تغير في واقع الحال شيئاً. فالخطة الجديدة تقوم على مبدأ جربته إسرائيل على مدار وجودها: ما لا ينجح بالقوة يمكن أن ينجح باستخدام المزيد والمزيد من القوة. وهكذا توسعت حملات الاعتقال في صفوف الشباب المقدسي وبلغ عدد المعتقلين في الموجة الأخيرة 700 مقدسي تم تقديم لوائح اتهام سريعة ضد ما لا يقل عن 300 منهم. ولكن هذه الوسائل والخطط لا تضمن لإسرائيل أبداً إسكات صوت المقاومة في القدس، وإن أفلحت، فإلى حين.
ويدرك كثيرون أن انتفاضة القدس ترتكز أساساً إلى ما يشعر به أهل القدس المحتلة من تهويد للمدينة واستهانة بحقوقهم والتي وصلت مؤخراً إلى حد المطالبة، عبر سن قوانين في الكنيست الإسرائيلية، بتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي.
وهكذا، بصرف النظر عن الأقوال، تجد حكومة إسرائيل نفسها في مواجهة واقع قد يقود إلى مواجهة شاملة بانضمام الضفة الغربية للانتفاضة. وتتغذى احتمالات هذه المواجهة على تصريحات قادة إسرائيل الحماسية وعلى أفعالهم على الأرض والتي يصعب اعتبارها تقود إلى التهدئة. فلا أفق لعملية سياسية مع السلطة الفلسطينية ولا مجال لتهدئة مع الجمهور الفلسطيني وليس مستبعداً أن تقود التطورات إلى انهيار التهدئة في قطاع غزة أيضاً حتى لو لم يرغب أحد بذلك.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165746

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حلمي موسى   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165746 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010