الأحد 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

17‭ ‬أكتوبر‮ ‬1958

الأحد 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par صالح عوض

إنه‮ ‬يوم من أيام الثورة الجزائرية المجيدة‮.. ‬يوم فاض كأس الثورة ولم تستطع أساليب الاستعمار الفرنسي‮ ‬وجرائمه كبت الثورة وإيقاف تأثيرها‮.. ‬يوم نقلت فيه جبهة التحرير المعركة إلى أرض المستعمر،‮ ‬وكما قال جياب،‮ ‬قائد المقاومة الفيتنامية‮: “‬إن الجزائريين‮ ‬يلقنون العالم درسا في‮ ‬الثورة بنقلهم الكفاح إلى أرض العدو الاستعماري‮”.‬

في‮ ‬مثل هذا اليوم هبّ‮ ‬الجزائريون من كل النواحي‮ ‬في‮ ‬فرنسا ليكونوا جميعا صوت جبهة التحرير وفعلها المقاوم،‮ ‬يستهدفون القوة الغاشمة وأجهزة أمنها،‮ ‬يكيلون الصاع بمثله ويوقعون في‮ ‬وجدان الفرنسيين أن العدوان الفرنسي‮ ‬الواقع على الشعب الجزائري‮ ‬لا‮ ‬يمر دون ثمن،‮ ‬وأن هناك مسؤولية بشكل كبير على الناخب الفرنسي‮ ‬وعلى دافع الضريبة الفرنسي‮ ‬وفي‮ ‬الوقت نفسه تبلغ‮ ‬الثورة رسالتها كاملة أن لا استقرار ولا سلام في‮ ‬باريس إلا بسلام الجزائر واستقلالها‮.. ‬وكانت الثورة وهي‮ ‬تفتح الجبهة الثانية إنما تسير في‮ ‬خط التحدي‮ ‬والمقاومة إلى أبعد نقاطه،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬وصلت معانيه إلى القيادة الفرنسية التي‮ ‬بدأت تقدم التنازلات الواحد تلو الآخر‮.‬

هبّ‮ ‬الجزائريون من كل أنحاء فرنسا ليصدعوا المجتمع الفرنسي‮ ‬ويهزوا ضميره ويرفعوا صوتهم ليتجاوز الحدود‮.. ‬ولم تقابل فرنسا الاستعمارية هذا الموقف الإنساني‮ ‬الباحث عن حقه في‮ ‬الحياة والاستقلال إلا بأبشع ما عرفه التاريخ البشري‮ ‬شراسة وعنفا‮.. ‬قامت القوات الفرنسية من كل الأجهزة بمطاردة المغتربين الجزائريين وتجميعهم في‮ ‬الملاعب والسجون وإلقاء من استطاعت أن تلقيه في‮ ‬نهر السين وتطلق النار بكثافة على جموع المتظاهرين‮.‬

كانت إشارة العمل والتوسع في‮ ‬بناء هياكل جبهة التحرير وقوتها الضاربة في‮ ‬فرنسا إحدى تتويجات مؤتمر الصومام الذي‮ ‬أشرفت عليه قيادة الثورة في‮ ‬الداخل،‮ ‬بإشراف القائدين الكبيرين المرحومين محمد العربي‮ ‬بن مهيدي‮ ‬وعبان رمضان‮.. ‬والثورة في‮ ‬هذا ترسم معالم العمل الثوري،‮ ‬إنه السير في‮ ‬المقاومة بتوزيع المكان وملء الزمان بفعل ثوري‮ ‬يضيّق الخناق على العدو ولا‮ ‬يترك له فسحة من راحة حينذاك‮ ‬يفكر العدو في‮ ‬الأفضل بالنسبة له إنه الرحيل‮.‬

الثورة الجزائرية لازالت مدرسة ثورية لكل حر وشريف في‮ ‬العالم ولعل هذا أهم درس من دروسها الاستراتيجية وهو نقل المعركة إلى أرض العدو،‮ ‬بعد أن‮ ‬يتغطرس العدو ويظن أن النار الملتهبة في‮ ‬الشعوب المظلومة ستبقى محصورة في‮ ‬المكان فيما هو ومجتمعه‮ ‬يكونا في‮ ‬مأمن من لهيبها‮.‬

حينذاك‮ ‬يقفز الوعي‮ ‬الثوري‮ ‬بمغامرة استراتيجية بأن لا بد لأمهاتهم أن‮ ‬يبكين مثلما بكت أمهاتنا ولا بد لأمنهم أن‮ ‬يتكسر بعد أهرقوا أمننا ولا بد لحياتهم الوادعة أن تضطرب بعد أن قضوا مضاجعنا وعاثوا فسادا بمدننا‮.‬

حينذاك بدأت الثورة تجني‮ ‬ثمارها بأن بدأ قادة فرنسا‮ ‬يعترفون شيئا فشيئا بحق الجزائريين في‮ ‬تقرير مصيرهم واسترداد سيادتهم‮.. ‬قانون عظيم من قوانين الثورة أن الاستعمار حيوان بليد لا‮ ‬يفهم إلا بالنار والحديد‮.. ‬وانتصرت الجزائر رحم الله الشهداء وبارك الله في‮ ‬الجزائر‮.. ‬وتولانا الله برحمته‮.‬



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2166086

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2166086 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010