الأربعاء 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

كلام آخر حول تصويت برلمان بريطانيا لصالح فلسطين

الأربعاء 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par ياسر الزعاترة

قيل الكثير حول تصويت مجلس العموم البريطاني لصالح فلسطين، لاسيما ما يتعلق برمزية الخطوة كونها غير ملزمة للحكومة البريطانية فيما خصّ سياستها حيال القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني، الأمر الذي يبدو مثيرا للسخرية في واقع الحال، إذ أية ديمقراطية تلك التي لا تعترف برأي غالبية ممثلي الشعب؟! لكننا نتذكر هنا أن الديمقراطية هي إدارة الهوامش، الأمر الذي لا ينطبق على قضية محورية من هذا اللون تتعلق بأسس العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة.
من المؤكد أن ما جرى كان تعبيرا عن خسارة الكيان الصهيوني للرأي العام البريطاني كما قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، وهو أمر لن يكون سهلا على قادة الكيان مهما حاولوا التخفيف من وقع المصيبة بالقول إن ذلك لن يلزم الحكومة البريطانية بشيء.
على أن الذي يعنينا هنا هو تلك الزفة التي تريد منح جائزة ما جرى للخط السياسي لمحمود عباس الذي خرج بفكرة عرض الاعتراف بالدولة الفلسطينية على مجلس الأمن ثم الأمم المتحدة، الأمر الذي وجد ردا إيجابيا من السويد، تلته بريطانيا بهذه الخطوة الرمزية.
الحق الذي لن يعترف به أنصار المفاوضات والتنسيق الأمني، والتعويل على المؤسسات الدولية هو أن ما جرى في مجلس العموم البريطاني إنما يشكل انتصارا للمقاومة في قطاع غزة، وتنديدا بالعدوان الصهيوني، وليس لفكرة عباس، والنتيجة أن ما جرى لم يكن ليتم لولا تلك المعركة البطولية التي خاضها الفلسطينيون باقتدار.
نعم، إن ما جرى يعد تأكيد على صوابية خط المقاومة وليس الخط الآخر، لأن الشعوب الحرة لا تنتصر للمستسلمين، بل للذين يقاومون، ونتذكر هنا، ويجب أن نتذكر استطلاع الرأي الذي أجراه الاتحاد الأوروبي عام 2002، وفي ذروة العمليات الاستشهادية التي تراها سلطة أوسلو إرهابا، وكذلك الدول الغربية، والذي كانت نتيجته قول 59 في المئة من الناس إن الكيان الصهيوني هو الدولة الأخطر على السلام العالمي.
المسيرات التي عمت أنحاء القارة الأوروبية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة تؤكد ما تفعله المقاومة بضمير الشعوب الحرة، ولو بقي الاستيطان والتهويد قائما من دون ردة فعل مقاوِمة لما تحرك أحد في هذا العالم.
ثمة جانب آخر له أهميته بكل تأكيد، يتمثل في الصلف الصهيوني الذي يتمثل في استمرار الاستيطان والتهويد من دون توقف، لكن ذلك لا يساوي شيئا أمام بهاء المقاومة، ولا يحرك الشعوب الحرة لصالح الشعب الفلسطيني، ولا يضغط تبعا لذلك على البرلمانيين ويدفعهم نحو اتخاذ خطوة كالتي نحن بصدد الحديث عنها.
من هنا، فإن اتخاذ ما جرى سلما لتأكيد صوابية خط سياسي بائس عنوانه المفاوضات والتعويل على المؤسسات الدولية، والدبلوماسية وحدها من دون مقاومة، لن يعني سوى استمرار التيه الراهن، ومن أسف أن مسألة إعمار قطاع غزة ستستخدم من أجل تحقيق ذلك الهدف.
لو أعلن الشعب الفلسطيني انتفاضة شاملة في كل الأرض الفلسطينية عنونها دحر الاحتلال من دون قيد أو شرط عن الأراضي المحتلة عام 67، مع عودة اللاجئين، لانتصر أحرار العالم لإرادته، لكنهم لن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، وحين يتنازل عباس عن كثير من الثوابت (بلغة الشرعية الدولية وليس قناعاتنا) ويصر على التنسيق الأمني، فلن يتحركوا.
لا أفق للقضية مع قيادة كهذه، ومع خط سياسي كهذا. إنها الحقيقة التي يجب على شرفاء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات أن يدركوها، ويتحركوا على أساسها، وإلا فنحن أمام مزيد من التيه لهذه القضية المقدسة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2180691

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع ياسر الزعاترة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2180691 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40