الأربعاء 28 تموز (يوليو) 2010

أزمة في ألمانيا لتأييدها غير المشروط لـ «إسرائيل»

الأربعاء 28 تموز (يوليو) 2010 par هرمان ديركس

يتقاطع الاحتلال الهمجي لفلسطين والأحداث الدموية التي يقوم بها الجيش «الإسرائلي» مع الغضب والإدانة الدوليين. وفي ألمانيا المتمسكة منذ عقود بالعلاقة المميزة مع «إسرائيل»، والمترافقة مع تواطؤ واضح مع الحكومات الصهيونية ضد المطالب الشرعية للفلسطينيين في تقرير مصيرهم، نتيجة الإبادة الجماعية التي قامت بها النازية حيال اليهود الأوروبيين، بدأ وضع تأييد «إسرائيل» غير المشروط بالتلاشي.

في الأول من تموز، وللمرة الأولى في التاريخ، اتخذ البرلمان الفدرالي الألماني في برلين قراراً بالإجماع حيال الشرق الأوسط، تضمّن مطلبين أساسيين : الأوّل، إقامة لجنة دولية للتحقيق في مسألة الهجوم على أسطول الحرية من قبل البحرية «الإسرائيلية» في 31 أيار.

تم الاتفاق على مشروع القرار ببن الحزب الديموقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي والليبراليّين وحزب الخضر. أما حزب اليساريّين، فرفع مسودة خاصة به كانت أكثر اختصاراً ودقةً، إلا أنه قرر سحبها وأيّد مسودة الأكثرية بهدف الحصول على «تصويت بالإجماع» وتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي. لم تمرّ هذه الخطوة من دون مشاكل لأن القرار الذي اتخذته الحكومة وأحزاب الأغلبية لم يذكر أو يُدِن السنوات 43 للاحتلال «الإسرائيلي» غير الشرعي للأراضي الفلسطينية كونه موضوع الصراع الأساسي. على العكس من ذلك، تضمن القرار العديد من البنود الخاطئة لمشروع سلام حقيقي. ومرة أخرى حرص القرار على خلق انطباع لمقاربة متمايزة، كأنه يلمح إلى تليين الاتهامات المبررة ضد «إسرائيل». ويبدو أن القرار حال دون الوقوف إلى جانب فريق ما، من خلال ذكره التبريرات «الإسرائيلية» لحصارها على غزة وهجومها على أسطول الحرية، ومن خلال الاستشهاد بالدفاع عن النفس الذي تدّعيه الحكومة «الإسرائيلية»، والابتعاد مرة أخرى عن «حماس» ومناصريها على متن الأساطيل.

ويتّهم هذا القرار «حماس» باستغلال الحصار لأسباب سياسية، وبأنه لا مصلحة لديها في رفع الحصار، ما دامت تستفيد من اقتصاد الأنفاق. ويكرّر القرار ادّعاءات «إسرائيل» في عرضها على الأسطول الذي يحثّ على القبول بدخول البضائع إلى قطاع غزة بعد تفتيشها من قِبل قنوات نقل مختلفة. ويتهم القرار «حماس» بعدم القبول بنقل البضائع من أسطول الحرية بالشاحنات، (والحقيقة هي أن «حماس» لم تكن مستعدة للعمل ضد إرادة المنظمين في الأسطول، والكل يعلم بأن «إسرائيل» ستوافق على دخول البضائع التي هي تختارها).

من ناحية أخرى، يعلن القرار مرة ثانية حق «إسرائيل» في وجودها والحفاظ على مصالحها الأمنية. فرفع الحصار عن غزة - وفقاً لمسودة الأكثرية - كان ضرورياً لأنه فشل في إضعاف «حماس» ولم يكن مثمراً للمصالح السياسية والأمنية «الإسرائيلية». بالرغم من ذلك، فإن القرار المتخذ هو بداية مرحلة جديدة في العلاقة السياسية بين ألمانيا و«إسرائيل». وككل التحركات الدولية التي تسلط الضوء على الهجوم على أسطول الحرية، أدى ذلك إلى الضغط على الحكومة «الإسرائيلية» لتغير سياستها بهدف تسوية دائمة مع الفلسطينيين. ولكن هل هذه التسوية ستكون عادلة وديموقراطية؟

منذ بداية تموز 2010 عمل فريق من الناشطين للسلام وناشطون يساريون من مختلف التيارات السياسية من مناطق متعددة في ألمانيا على جمع تواقيع على عريضة لمشروع سياسي حول مسألة الشرق الأوسط. وقد نشر الجناح اليساري هذه العريضة أخيراً في صحيفة «جونج والت» اليومية وهي متوافرة في الصفحات الرئيسية لحركة التضامن الألماني - الفلسطيني. وما شجع على إعداد هذه العريضة توجيه أكثر من 100 «إسرائيلي» يساري رسالة مفتوحة في عام 2010 إلى الحزب الألماني اليساري طالبةً منه موقفاً أوضح وأكثر تشجيعاً حول الصراع في الشرق الأوسط، شاملاً اليسار الفلسطيني و«الإسرائيلي». وقد وصفت العريضة أسباب الصراع الممتد لعقود من الزمن والمصالح الجيوستراتيجية للقوى الإمبريالية، وجذور الصهيونية وأسباب نجاحها. وكذلك تحلل العلاقة المميزة بين ألمانيا و«إسرائيل» بسبب الإبادة الجماعية لليهود من قبل النازيين. إلا أنه لا يجب بعد الآن، كما تقول العريضة، استخدام واقع الإبادة التاريخية لستر التواطؤ بين ألمانيا و«إسرائيل» في اضطهاد الفلسطينيين.

إضافة إلى ذلك، تطالب الحكومة الألمانية بإجراءات ملموسة مثل وقف تجارة الأسلحة ووقف تعزيز العلاقات «الإسرائيلية» مع الاتحاد الأوروبي بهدف وقف سياسة الدعم التقليدية الألمانية لـ «إسرائيل» ما دامت لا تحترم الحقوق الإنسانية والقانون الدولي. وتطرح العريضة حلاً سياسياً في الشرق الأوسط، يعزز السلام، الأمن، والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين و«الإسرائيليين» على السواء، مشددةً على الخيارات المختلفة، ومنها الحل القاضي بإقرار دولتين فدرالية أو كونفدرالية...

وتعارض العريضة الاضطهاد الاجتماعي والعنصري والوطني في كل مكان، وتنادي بالصراع الطارئ ضد الحروب الإمبريالية الاستعمارية والعنصرية والرفض للديموقراطية بهدف تجنب تكرار الظروف التي أدت إلى الإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين من قبل النازية الإلمانية. فإن حملة المقاطعة ضد «إسرائيل» جرى دعمها للضغط على «إسرائيل» وكل الذين يستفيدون من اضطهاد الفلسطينيين، ولكن من الصعب تعميم تلك الحملة في ألمانيا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165371

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165371 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010