الأحد 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

استيقاظ العملاق الاقتصادي

الأحد 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par علي بدوان

تجلت مسيرة الصين الجديدة، بعد إقرار سياسة الانفتاح، في انطلاقة جبارة لاقتصاد بات هو الرابع في اقتصادات العالم بعد كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان، حيث تشير تقديرات فلاسفة الاقتصاد في العالم بأن الاقتصاد الصيني سيصبح اكبر اقتصاد في العالم قبل منتصف هذا القرن، بل إن البعض توقع حدوث ذلك عند نحو 2035 إذا استمرت معدلات النمو الحالية للاقتصاد الصيني على حالها، متبوعة بسياسات رشيدة على المستوى الاقتصادي المتبع في إطار العلاقات المتبادلة مع دول العالم، ومترافقة مع تنمية عوامل الاستثمار الصيني في الخارج، والاستثمار الخارجي في الصين، بعد أن كان محظوراً لعقود خلت. ومتناغمة مع سياسة رشيدة تضع أمامها ضرورة تحقيق قفزات نوعية وبشكل سنوي في هذا المضمار، متناغمة مع سياسة خارجية صينية تقوم على الاعتدال وتجنب الصدام «المباشر» مع القوى المقررة في الشأن الدولي.

فالعملاق الصيني يسير بجموح وطموح عال لاحتلال الموقع الثاني في اقتصادات العالم، كعملاق قادم بصمت وعزيمة، عبر اقتصاد هائل، وأحلام واسعة، وإستراتيجية ترمي لربط دول عديدة به، وفي تحد واضح للهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة. فقد حققت جمهورية الصين ووفقًا لمعلومات مستقاة من مصادر صينية قفزات اقتصادية خلال الأعوام القليلة السابقة، إذ إنها ومنذ عام 1978، بدأ إنتاجها الاقتصادي بالنمو بمعدل (94) ليتضاعف الناتج الكلي للفرد فيها بنسبة خمسة أضعاف. كما أن لديها (61) بليون دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر حسب إحصاءات عام 2004، وقد بلغت تجارتها الخارجية نحو (851) بليون دولار لتصبح ثالث أكبر دولة في العالم من ناحية التجارة الخارجية، وأمام قوتها في التجارة الخارجية، بلغ العجز التجاري الأميركي مع الصين عام 2005 أكثر من (200) بليون دولار.

إن الفورة الاقتصادية الصينية، لم تكن لتأتي بيسر وسهولة، بل جاءت مخاض ولادة عسيرة، لم يكن ممكناً لها أن ترى النور بسهولة بعد عقود من الانغلاق الذي عاشته الصين الشعبية في ظل أزماتها المتعلقة بالصين الوطنية (تايوان) والحرب الكورية عام 1955 وأزمات الهند الصينية مع وجود الاحتلالين الفرنسي والأميركي لبلدان تلك المنطقة، وبعد حصار دولي هائل مورس بحقها إبان اشتداد صراع الأقطاب والحرب الباردة، التي ترافقت مع صراع (صيني- روسي) بين رفاق الأيديولوجيا..

إن الفورة الاقتصادية الصينية، لم تكن لتأتي بيسر وسهولة، بل جاءت مخاض ولادة عسيرة، لم يكن ممكناً لها أن ترى النور بسهولة بعد عقود من الانغلاق الذي عاشته الصين الشعبية في ظل أزماتها المتعلقة بالصين الوطنية (تايوان) والحرب الكورية عام 1955 وأزمات الهند الصينية مع وجود الاحتلالين الفرنسي والأميركي لبلدان تلك المنطقة وبعد حصار دولي هائل مورس بحقها إبان اشتداد صراع الأقطاب والحرب الباردة، التي ترافقت مع صراع (صيني- روسي) بين رفاق الأيديولوجيا اتخذ عناوين الخلاف في الاشتقاق الأيديولوجي لأبناء المدرسة الماركسية اللينينية. فقد نجحت الولادة القيصرية بدرجة عالية، بعد أن بدأت بكين إتباع سياسات الانفتاح المدروس، لصالح مرونة عالية في صياغة العلاقات الخارجية للصين في جانبيها السياسي والاقتصادي، وانتهاج سياسة شديدة الاعتدال على المستوى الدولي خصوصاً بالنسبة لمناطق الأزمات في العالم، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الإصلاحات اليومية الجارية في الصين لعبت دوراً مهماً في الفورة الاقتصادية، فهي إصلاحات أخذت بعين الاعتبار رفع مستوى الأداء الاقتصادي والتخلص من المعيقات الإدارية البيروقراطية، وتسخير القانون وأنظمة الاقتصاد وتطويرها بشكل عملي في خدمة الاقتصاد وتنمية الاستثمار والتصدير، الذي فاق ما ضخته الصين الشعبية من فائض تجاري بلغ عام 2010 على سبيل المثال نحو 177 مليار دولار، كما أن النجاح الذي ينعم به الاقتصاد الصيني، مصدره انخفاض الأجور، وبنية تحتية جيدة، ومراعاة قواعد الحفاظ على التوازن المطلوب، وانسجاما مع ذلك، تستكمل بكين صياغة القوانين واللوائح ليتوسع مدى انفتاح السوق الصينية على الخارج وتتحسن البيئة الاستثمارية باستمرار، وزد على ذلك، تواصل عملية إصلاح النظام النقدي بخطوات ثابتة.

وفي هذا السياق، دخلت اتفاقية التجارة الحرة بين الصين والبلدان الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) حيز التنفيذ منذ عامين، في ساحة باتت الآن أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، نظرا لأنها تشمل (1.7) مليار مستهلك بناتج محلي إجمالي مشترك قدره (1.3) تريليون دولار، ومن المتوقع لها أن تأتي بالمنافع المتبادلة للصين وباقي الدول الموقعة على الاتفاقية، بالرغم من تخوف البعض من إمكانية ابتلاع الصين لاقتصادات الدول المذكورة التي تشكل في الوقت نفسه مصدراً مهماً للعديد من الخامات التي يحتاجها الاقتصاد الصيني لمواصلة النمو، وخصوصاً خام النفط.

وبموجب هذه الاتفاقية، تُعفي التبادلات التجارية بين الصين، بروناي، إندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، سنغافورة، وتايلاند من الرسوم الجمركية المفروضة على (7000) سلعة قبل سريان الاتفاقية، ومن المقرر أن تنضم فيتنام، لاوس، بورما، وكمبوديا إلى اتفاقية التجارة الحرة هذه بحلول عام 2015.

إن الصين تمتلك الآن أسرع الاقتصادات العالم نموا (11% سنويا)، وتحتل المرتبة الأولى في إدخار الاحتياطات الأجنبية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 71 / 2165923

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165923 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010