الأحد 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

مستقبل الكيان من وجهة نظر بعض كتَّابه

الأحد 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par د. فايز رشيد

أحسن الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي صنعا, عندما كتب مقالة له في عموده الأسبوعي في صحيفة هآرتس (28 سبتمبر الماضي) بعنوان “ما الذي كان يجب أن يقوله عباس”, يقصد خطابه الأخير في الأمم المتحدة, والذي طالب فيه بحقوق الشعب الفلسطيني, واتهم إسرائيل بارتكاب حرب إبادة جماعية للفلسطينيين. مقالة ليفي ساخرة, تعكس غضب إسرائيل وأميركا من الخطاب. المقالة تصور ماذا كان على الرئيس عباس أن يقوله ليكسب رضا الحليفتين. جدعون ليفي هو صحفي ذو ضمير, يعكس معاناة الفلسطينيين جرّاء الاحتلال. تماما مثل الصحفية الكاتبة عميره هاس في عمودها اليومي في نفس الصحيفة. كلاهما مغضوب عليه إسرائيليا لأنهما يسبحان عكس التيار العنصري الفاشي المتطرف السائد في دولة الكيان. كلاهما يرى: أن مستقبل الوجود الإسرائيلي في المنطقة مرتبط بموافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل. كلاهما يطالب بإنهاء سريع للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة, وذلك من أجل مصلحة مستقبل الوجود الإسرائيلي نفسه. حتى هذا الطرح لا يعجب الإسرائيليين!
في مؤتمرعقد في جامعة حيفا منذ مدة “للرابطة الدولية للدراسات الإسرائيلية” وفي إحدى ندواته تحدث الكاتب الإسرائيلي سامي ميخائيل عن: العنصرية الصهيونية في إسرائيل من خلال القول “إن بإمكان إسرائيل أن تتفاخر بلقب الدولة الأكثر عنصرية في العالم المتطور”. وعن سياسة إسرائيل قال الكاتب: “يوجد خطر حقيقي على إسرائيل إذا لم تدرك القيادة الحالية بحقيقة: أن إسرائيل ليست موجودة في شمال أوروبا, وإنما في المركز النشط للشرق الأوسط, المعذب، وليس لنا مكان فيه, بعد أن جعلنا كل المحيط يكرهنا، وشددنا ليل نهار، على أن هذا المحيط مكروه علينا أيضًا”. وقال ميخائيل محذرا: “قد نفقد كل شيء, ودولة إسرائيل ستكون ظاهرة عابرة مثل الهيكل الأول والهيكل الثاني”.
سامي ميخائيل هو باحث في الشؤون الاستراتيجية, وأديب له العديد من المؤلفات، من بينها: الأدبية وقد ترجم بعضها إلى لغات كثيرة منها العربية, التي يتقنها قراءة وكتابةً وحديثًا. توقعات ميخائيل تعيد إلى الأذهان تصريحات رئيس الكنيست الأسبق: إبراهام بورج, الذي صرّح في حديث له في إحدى مقابلاته “بأن إسرائيل دولة فاشية, وهي قوة استعمارية شبيهة بألمانيا, عشية صعود النازية إلى الحكم”. وحول واقع الحياة في إسرائيل قال بورج آنذاك: “إن أكثر من نصف النخب الإسرائيلية لا يريدون لأبنائهم العيش في دولة إسرائيل” ونصح الإسرائيليين “باستصدار جوازات سفر أجنبية”. وحول المستقبل أضاف بورج في المقابلة الصحفية التي أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت من خلال الصحفي آري شاليط ونشرتها في 8 يونيو 2007: “إن يهودية دولة إسرائيل ستقرّب نهايتها”. حينها أثارت المقابلة, ضجة كبيرة في الكيان الصهيوني, وكانت بمثابة الهزة الأرضية القوية بمقاييس ريختر، فبورج هو ابن للحاخام يوسف بورج, الذي كان مقربًا من ديفيد بن جوريون, وهو تولى منصب رئاسة الوكالة اليهودية لسنوات عديدة، وتسلم رئاسة الكنيست في الفترة بين عامي 1999ـ2003 وتولى مناصب وزارية عديدة, ونافس مرارًا إيهود باراك على زعامة حزب العمل.
أيضًا فإن ما سبق يذكر بالمؤرخ الإسرائيلي: إسرائيل شاحاك وكتاباته وبخاصة مؤلفه “التاريخ اليهودي، الديانة اليهودية، وطأة ثلاثة آلاف سنة”. وفيه يفصّل في شرح العنصرية في تاريخ اليهود تجاه الآخرين, والتي ازدادت حدتها بوجود دولة إسرائيل”. وحول توقعاته بالنسبة لمستقبل دولة إسرائيل صرّح شاحاك مرارًا “بأن مصيرها إلى زوال” ولذلك كان مُحَارَبًا في الكيان الصهيوني بوسائل عديدة.
في نفس السياق يأتي: أستاذ التاريخ (المؤرخ) الإسرائيلي:إيلان بابيه في مؤلفه القيّم “التطهير العرقي للفلسطينيين” والذي يكشف فيه المخططات الإسرائيلية بعيد إنشاء الدولة الصهيونية وبالوثائق: تطهيرها العرقي للفلسطينيين, وتواريخ المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحقهم, وغير ذلك من أشكال القتل والتحايل لتهجير الفلسطينيين. بابيه ومثلما ذكر في تصريحات ومقابلات كثيرة له “أنه ونتيجة لعنصرية إسرائيل ودمويتها لم يستطع العيش فيها”، ولذلك غادر إلى بريطانيا وهو يمارس التدريس في إحدى جامعاتها. لنفس السبب سبق للمحامية الإسرائيلية التي اشتهرت بدفاعها عن الأسرى الفلسطينيين في المحاكم العسكرية الإسرائيلية: فيليتسيا لانجر, أن هاجرت هي وعائلتها إلى ألمانيا. بابيه ولانجر يعترفان في أقوالهما: بأن استمرار إسرائيل في نهجها الدموي مع الفلسطينيين وفي عنصريتها المتزايدة سيؤدي بالضرورة إلى زوالها.
هؤلاء قلّة في إسرائيل, الذين يتنبأون بإزالة هذه الدولة، وقيمة أقوالهم أنهم يهود، عاشوا (ومنهم لا يزال يعيش ومنهم من مات: شاحاك) لسنوات طويلة في الكيان الصهيوني, وكانوا على تماس مع كافة أشكال العدوان والقتل الذي مارسته إسرائيل ولا تزال ضد الفلسطينيين والعرب. ولأن الفاشية والعنصرية متلازمتان مع العدوان, والشوفينية, والعنجهية, والأنا فوق كل البشر هي قضايا “طبيعية” لدى الإسرائيليين, فإن هذه الصفات ليس لها حدود في هذه الدولة وستظل من سماتها الرئيسية, طالما بقيت, فلذلك من الطبيعي أن يكون مصيرها إلى زوال.
هؤلاء يرددون حقيقة علمية تم تأكيدها بالحقائق التاريخية: ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، اكتسحتا في تحالفهما أوروبا, واحتلتا مناطق من الأراضي, شاسعة، ولكن بعدوانيتهما وعنصريتهما: حفرا قبريهما بأيديهما، وأصبحتا في ذمة التاريخ ومزابله. النظام العنصري في جنوب إفريقيا كان مصيره إلى زوال, وغير ذلك غير ذلك من الأمثلة. الدولة الصهيونية لن تكون استثناءً من هذه القاعدة، لذا فمصيرها إلى زوال.
حري القول: إن العامل الفلسطيني والآخر الشعبي العربي وعنوان العامليْن: المقاومة للمشروع الصهيوني برمته، وهما فاعلان على هذا الصعيد، فالمقاومة الفلسطينية وكما أثبتت صموده في وجه العدوان الصهيوني الأخير على القطاع وتمكنت من إفشال أهدافه، فهي ستظل قائمة ولن يستطيع أحد أو جهة نزع أسلحتها، كذلك هي المقاومة الوطنية اللبنانية بالمعنى الفعلي, عامل مقاومة لإسرائيل. هاتان المقاومتان رأس جسر على المدى المستقبلي التاريخي, لإمكان قيام مقاومات شعبية عربية أخرى للمشروع الصهيوني في المنطقة. الفلسطينيون مؤمنون ومصرون على نيل حقوقهم، والأمة العربية كذلك من المحيط إلى الخليج: تعتبر المشروع الصهيوني طارئًا على المنطقة، ومصيره مثل مصير كل المستعمرين والمحتلين الذين جاءوا إلى هذه المنطقة, وفي النهاية حملوا عصيّهم على كواهلهم واضطروا إلى الرحيل. الدم لا يستسقي إلا الدم. العدوان والعنصرية لن يتوقفا في هذا الكيان، فبعد ما يزيد عن الــ66 عامًا على الإنشاء القسري لهذه الدولة المغتصبة, كانت وستظل متحالفة مع كافة أشكال الاستعمار، لم يزدد فيها سوى العنصرية والعدوان، بالتالي ستتوقع مقاومة هذا المشروع, المؤهل أيضا من داخله, إلى الزوال, هكذا يتوقع بعض الإسرئيليين… فكيف بنا أن لا نتوقع ذلك؟! سؤال برسم إجابة كل الذين يتوقعون استمرار المشروع الصهيوني وتمثيله السياسي: دولة الكيان, في المنطقة العربية ويدعون إلى مصالحته وإقامة “سلام” معه … “عشم هؤلاء مثل عشم إبليس في الجنة” هكذا يقول المثل العربي عن: استحالة تحقيق بعض الرهانات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2165279

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165279 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010