الجمعة 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

ممدوح رحمون… وبوليصة التأمين

الجمعة 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par معن بشور

صاحب هامة مرفوعة دائماً لم تعرف الانحناء لغير الله، وصاحب همّة عالية لم تستطع السنوات والعقود ان تصيبها بالفتور، وصاحب خلق رفيع عصي على كل ترغيب وترهيب، وحين كنا نفاجأ به في ندوة او مؤتمر او لقاء او مخيم شبابي ، في مناطق لبنانية نائية، او في اقطار عربية بعيدة، ونسأله : ما الذي جاء بك الى هنا” كان يجيب ضاحكاً من خلف شاربين معكوفين كرجال الاحياء في دمشق : “لا تنسى انني ابن حي الميدان”.
كم كان معتزاً “بميدانيته”، الجغرافية والتاريخية، وكم كان معتزاً بوطنيته السورية العابرة للعصبيات بكل انواعها، وبحكايات ابطالها ضد كل غازٍ او مستعمر، وكم كان معتزاً بقوميته العربية ورمزها جمال عبد الناصر وبحركتها الجامعة لكل مكونات الامة ، كيف لا وقد انطلقت من “الميدان” الدمشقي حركة البعث العربي برسالتها الخالدة التي كان ممدوح رحمون يصرّ وهو “الناصري” العارف باسرار البدايات، انها الاسلام.
كم كان معتزاً بايمانه الاسلامي مصراً في كل جلساته على ان الايمان بالاسلام لا يكتمل إلا بالايمان بكل الرسالات والرسل، وان العروبة كانت الفضاء الذي جسّد قيم الاسلام وانفتاحه على باقي الاديان، كما قال مرة سماحة الامام الراحل السيد محمد حسين فضل الله.
مؤرخ شفوي بامتياز، وان سجّل بعض تاريخه في كتابه “محطات في الحياة”، فكنوز معلوماته عن السياسة العربية في العقود الستة ونيّف الاخيرة تفيض في كل جلسة معه، فلا تغادره إلا وفي داخلك شوق الى المزيد.
كنت أسأله ما الذي جاء بك من “الاتحاد القومي” والنضال ضد الانفصال المشؤوم الى عالم التأمين وإعادة التأمين، وقد تبوأ رحمون رئاسة اتحاد شركاته لسنوات، كان يجيب بابتسامته الوديعة المعهودة:” كنت أبحث عن بوليصة تأمين للعرب… فلم أجد أفضل من الوحدة العربية، وكنت أفتش عن بوليصة إعادة تأمين للانسان العربي فلم أجد أثمن من الحرية والعدالة”. وكنت ابحث عن بوليصة تأمين واعادة تأمين للكرامة العربية فلم أجد اكرم من الجهاد في فلسطين والعمل من اجل القدس.”
لقد أقعدَ ممدوحَ مرضُ فتك به متزامناً مع محنة فتكت بسوريا، وكان في كل لقاءاته حول ما يجري في بلده يقول: “احذروا الاجندات المشبوهة تستغل المطالب المشروعة.. وكان يغتاظ حين يرى علماً غير علم الوحدة، العلم الرسمي، مرفوعاً في السماء السورية”.
ورحل ممدوح فيما طائرات التحالف الامريكي تقصف في العمق، فتوقف القلب الكبير عن الخفقان محذراً من استباحة سوريا والعراق، ومن استخدام الارهاب ذريعة لتدمير الاوطان فوق كل ما لحق بها من دمار.
لقد أختار القدر لأبي سحر ان يكون رحيله في اليوم ذاته الذي رحل فيه القائد خالد الذكر جمال عبد الناصر (28 ايلول) تأكيداً على عمق الصلة بين ابن دمشق وزعيم مصر والامة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165226

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع معن بشور   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165226 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010