الأربعاء 24 أيلول (سبتمبر) 2014

صالح العاروري وعملية المستوطنين

الأربعاء 24 أيلول (سبتمبر) 2014 par د.احمد جميل عزم

تستحق سيرة الناشط القيادي صالح العاروري، عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” الالتفات؛ ليس بالضرورة لشخصه، بل لما قد تعنيه بشأن آليات صنع الحدث ميدانيّاً في فلسطين.
اتجهت الأصابع إلى العاروري منذ اختفاء المستوطنين الثلاثة في مستوطنات جنوب الضفة الغربية، في حزيران (يونيو) الماضي. وبدأ الحديث عن دوره من مكانه في تركيا، في توجيه خلايا العمل الميداني المسلح الحمساوي. وبينما ما يزال اثنان ممن يحمّلهم الاحتلال مسؤولية تنفيذ العملية خارج قبضة الأمن الصهيوني، اختار العاروري، بعد شهرين من الحادثة، أن يؤكد في مؤتمر جماهيري “العملية البطولية التي قامت بها كتائب القسّام”، وقال إنها لنصرة الأسرى المضربين عن الطعام، وأنّ العملية جاءت بعد أن كان “الحراك الجماهيري قد اتسع ليشمل كل الأرض المحتلة”. كان إعلان العاروري نوعا من “الإعلام” و“التأكيد” لدور كتائب القسّام الذي لا يصل حدّ تبنيه أو تأكيده دوره الشخصي. إذن، فقد قام بتثبيت دور عناصر من “حماس” خلف العملية، في وقت امتنعت القيادة السياسية الرسمية للحركة، ممثلة برئيس المكتب السياسي خالد مشعل، عن فعل هذا.
العاروري ربما من أكثر قيادات “حماس” في الخارج اتصالا بالواقع الميداني للأرض المحتلة، ليس فقط لأنّه كان هناك حتى العام 2010، ولكن لأنه أيضاً اقترب أو انضم إلى ناشطي “حماس” قبل أن يبلغ العشرين من عمره، العام 1987، عندما كان يذهب من قريته، عارورة، غرب رام الله (شمال وسط الضفة)، إلى الجنوب، حيث جامعة الخليل للدراسة. وبالتالي، فالعملية حدثت في منطقة يعرفها ويتصل بها منذ دراسته الجامعية. ويعرف مؤرخو بدايات “حماس” العسكرية أنّ العمليات الأولى كان ينفذها شبّان وطلاب بمبادرات ذاتية، من دون قرارات قيادية ومركزية، وبالتالي ربما يتحدث العاروري عن نوع من تكرار النمط نفسه المعتاد قديماً.
أعطت تصريحات العاروري زخماً للحديث عن دوره المتصاعد، باعتباره من عناصر الجيل الثاني في “حماس” الذي انتقل ليصبح جزءا من القيادة السياسية والميدانية في آن. ولكنها فتحت الباب لتوسعة النقاش بشأن دور تركيا في احتضان قيادات “عملياتية” في المقاومة، وليس فقط سياسية، وهو أمر لا شك قد يصعّب مهمة أنقرة في توفير غطاء لحماس (إلا إذا كانت القيادة هناك قررت مواجهة مفتوحة مع الإسرائيليين). كما أنّها أعطت مؤشرا على أنّ عملية قد تغير مسارات الصراع والعمل السياسي، يمكن أن تجري من دون معرفة قيادة الحركة، وبالاعتماد على المبادرات الميدانية.
لكن رغم كل هذا، فإنّ هناك مبررات لاستمرار فرض أنّ ما فعله العاروري لا يتعدى الحديث عن معلومات استنتجها أو عرفها بحكم علاقاته، وأنّ المبادرة تمت حتى بمعزل عنه هو، وأنّ حديثه لا يخلو من نوع من الاستعراض الشخصي. ومن هنا نجد “هيو لوفات”، منسق إسرائيل وفلسطين في مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي، يشكك، كما تورد صحيفة الغارديان، في حديث العاروري، ويقول: “بينما يعد العاروري شخصية مهمة في”حماس“، وهو أهم ممثل للجماعة في تركيا، فإنّه ربما لديه هدف خفي ليعلن مزاعمه”. ويضيف: “بالإشارة للتوقيت، فإني متشكك جداً بشأن زعمه. ما أزال لا أصدق أن”حماس“ومستواها الأعلى أقرّت الخطف، وهو ما تؤمن به أيضاً المخابرات الإسرائيلية”. ويخمّن لوفات أنّ العاروري “ربما يحاول أن ينسب لنفسه ما قام به آخرون، ليُظهر استمرارية تأثيره في الضفة الغربية، وليُظهر قدرة”حماس“على ضرب إسرائيل، بهدف انتزاع تنازلات منها بعد ستة أسابيع (عند إطلاق تصريحاته) من العنف في غزة”.
لم تنفِ قيادة “حماس” حقاً مسؤوليتها عن العملية عند حدوثها، وأعلنت عدم معرفتها بمعلومات. وعندما “كُشِف” الأمر، حاول خالد مشعل توظيف المسألة في لقاءاته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الدوحة، بأنّه من دون تفاهم واضح على الشراكة السياسية في تبني مشروع مقاومة سلمية وقيادة سياسية مشتركة، لن يتم إعطاء تعليمات واضحة بوقف العمل المسلح.
تكشف ملابسات عملية الخليل التي أقر بها العاروري، أنّ عدم التوصل إلى استراتيجية عمل واضحة على المستوى الوطني الفلسطيني العام، يفتح الباب على كثير من النشاطات والمبادرات الميدانية التي سترسم مسارات الأحداث بقرارات محليّة، من ناشطين وشبّان قد يرتبطون بقائد ما وقد لا يرتبطون.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2165493

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165493 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010