الثلاثاء 23 أيلول (سبتمبر) 2014

ما هو مستقبل اليمن المرتبك؟

الثلاثاء 23 أيلول (سبتمبر) 2014 par باتر محمد علي وردم

الأحداث المدهشة التي شهدها اليمن أول أمس جاءت بتسارع مذهل جعل معظم المتابعين غير قادرين على ربط الأمور ببعضها، ولكن بعد ساعات من سيطرة الحوثيين على مطار صنعاء والقيادة العامة للقوات المسلحة والبرلمان والبنك المركزي واستقالة الحكومة وقبول الرئيس اليمني للواقع الجديد وهدوء ردود الأفعال من الدول المجاورة والولايات المتحدة وإيران جاء الاتفاق الذي تم توقيعه بين الرئيس اليمني والحوثيين برعاية الأمم المتحدة ليثبت بأن ما حدث في اليمن كان خطة مبرمجة من عدة أطراف لتغيير الحالة السياسية القائمة.
اتفاق تقاسم السلطة الذي تم منذ “خروج” الرئيس علي عبد الله صالح قبل سنتين كان هشا، ولم يقدم لليمن أي نوع من التطور الاقتصادي بل ساهم في ترسيخ الفساد وغياب الأمن وتراجع هيبة المؤسسات وانتشار الفوضى التي اقلقت جميع اليمنيين. النمو المتسارع للحوثيين والذين تم تصنيفه إعلاميا بأنه مؤامرة خارجية ذات بعد طائفي كان نتيجة طبيعية لفقدان الثقة بالمؤسسات الرسمية في اليمن. تمكن الحوثيين من فرض نظام من الأمن والسيطرة في المحافظات الشمالية ضمن سياق قاس جدا من السلطة جعل نسبة من اليمنيين تتوقع وتقبل بدور مشابه حتى في صنعاء. لعب الحوثيون السياسة بطريقة ذكية جدا وحاليا يوجد تحالف استثنائي بينهم وبين حزب المؤتمر الذي كان يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح والذي يأمل في العودة إلى قمة هرم العمل السياسي في اليمن من جديد على حساب حزب الإصلاح الذي يسيطر عليه الاخوان المسلمون.
الاتفاق السياسي والذي يبدو أنه جاهز منذ فترة ولم يكن وليد إنتاج يوم الأحد المدهش، يتضمن مبادئ مهمة نحو نقل اليمن لمرحلة من السلم الأهلي والديمقراطية وستكون الخطوة الأولى هي إجراء مشاورات وطنية واسعة من أجل تشكيل حكومة كفاءات في غضون شهر، على أن تعتمد معايير الكفاءة والنزاهة بمشاركة واسعة. ولكن السجل “السياسي” للحوثيين لا يثير الارتياح فهذه جماعة ذات طابع ديني قبلي تأتمر بالسيد المسيطر ولا توجد لديها ممارسات ديمقراطية ومن الصعب تصور الحوثيين في وضع المشاركة السياسية على قدم المساواة أو التوازن مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى.
الخاسر الأكبر في أحداث يوم الأحد هم الاخوان المسلمون (حزب الإصلاح) والذين سيفقدون دورهم السياسي مقابل نمو كبير في قوة تحالف المؤتمر-الحوثيين ولكن الانتقال السياسي لن يتم بسهولة وستكون هنالك مقاومة شديدة له، مع أن حزب الإصلاح في اليمن قد فقد على ما يبدو سنده السياسي الرئيسي في المنطقة.
الجيش اليمني هو الآخر يواجه حالة انقسام، حيث تدعم بعض الوحدات التحرك الحوثي أو على الأقل لا تقاومه ولكن كتائب وألوية أخرى تحمل موقفا معاديا للحوثيين وتستمر في المقاومة ولكن معظمها لم يكن يحرس المناطق والمرافق الحساسة التي تم السيطرة عليها يوم الأحد من قبل الحوثيين. هذا الانقسام من المحتمل أن يتعمق أو أن يتراجع حسب تطور الأوضاع السياسية في الأيام القادمة.
هنالك ارتباك كبير في اليمن حاليا وكذلك توقعات غاية في التشاؤم والقلق حول الأيام القادمة، ولكن قد تكون هنالك تحولات غير متوقعة نحو مستقبل أفضل للشعب اليمني. ننتظر ما يحدث مع كل الدعاء بأن يحفظ الله الشعب اليمني من شرور العنف الداخلي وأن يتوصل السياسيون إلى حلول عقلانية تنقذ اليمن من الوقوع في مآسي الحرب الأهلية التي باتت تنتشر على مساحات واسعة من العالم العربي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165442

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165442 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010