الأحد 21 أيلول (سبتمبر) 2014

نتنياهو وحزبه وائتلافه

الأحد 21 أيلول (سبتمبر) 2014 par عوني صادق

قبل الحرب “الإسرائيلية” الثالثة على غزة، كان رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو، ينام هانئاً مطمئناً على زعامته . ولم تضعف سياساته الاستيطانية والعنصرية شعبيته بل زادتها اتساعاً، كما أن خلافاته الخارجية مع الولايات المتحدة أو مع الاتحاد الأوروبي لم تهدد مكانته . وبالرغم من الخلافات التي كانت تظهر داخل حزبه، وداخل ائتلافه، بين فينة وأخرى، إلا أنه كان هناك ما يشبه الإجماع على أن ليس لزعامته بديل، في المدى المنظور على الأقل . أما الآن وبعد تلك الحرب، فهناك من أصبح يرى أن انتخابات مبكرة للكنيست تلوح في الأفق .
وفي مقال له في صحيفة (معاريف-16/9/2014)، كتب أوري سافير، الرئيس الفخري ل“مركز بيريز للسلام”، يصف الوضع في “إسرائيل” بعد الحرب على غزة، وقال: “إسرائيل في أزمة من أعمق وأخطر الأزمات في التاريخ . فقد انتهت الحرب بإحباط عميق بسبب عدم قدرتنا على التغلب على (حماس) الضعيفة” . وتابع يقول: “الاقتصاد على شفا ركود عميق، البطالة تتعاظم، وغلاء المعيشة لا يطاق . الصحة والتعليم والرفاه ستتضرر بشدة بسبب كلفة الحرب . . والساحة السياسية تمر بهزة شديدة في ضوء الصراع بين نتنياهو وليبرمان وبينيت” .
والسؤال الذي يطرحه الوضع “الإسرائيلي” الراهن هو: ماذا فعلت الحرب على غزة بنتنياهو وبحزبه وبائتلافه؟
في الأسبوع الماضي وحده، تم رصد ثلاثة أحداث انفجرت في وجه نتنياهو: الأول، اضطراره إلى إلغاء الاجتماع الأسبوعي للحكومة، للمرة الثانية على التوالي، وقيل إن سبب الإلغاء كان من أجل تلافي تصعيد الأزمة الناشبة حول الموازنة بينه وبين لبيد، وزير المالية . والحدث الثاني، كان إعلان استقالة وزير الداخلية جدعون ساعر، المنافس الأقوى لنتنياهو على زعامة الليكود، بسبب التوتر بينهما حول ما جرى أثناء الحرب على غزة . أما الحدث الثالث، فكان في الأخبار التي ذكرت أن مدير مكتب نتنياهو، إيال جيموفيسكي، سيقدم استقالته بعد الأعياد اليهودية أول الشهر المقبل، دون ذكر الأسباب .
لقد جاء إعلان وزير الداخلية، جدعون ساعر استقالته، مفاجأة للطبقة السياسية في الكيان، ولنتنياهو وحزب الليكود بشكل خاص . مسؤولون في (الليكود) علقوا على الإعلان بقولهم إنهم “يشعرون بأن السفينة تغرق، وأن موعد الانتخابات يقترب”، وإن “نتنياهو يخسر الليكود”! وذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت- 18/9/2014) أن التوتر بين ساعر ونتنياهو كان قد وصل ذروته أثناء الحرب على غزة، حيث اتهمه ساعر بالتخاذل لعدم العمل على إسقاط (حماس) . كما كتب ناحوم برنياع في الصحيفة ذاتها أن ساعر أدرك متأخراً ما أدركه القيادي الآخر في حزب نتنياهو الذي غادر الحزب، موشي كحلون، من أن العمل ممكن من خارج الحزب وليس من داخله، ما دام نتنياهو في رئاسة الحكومة . بينما رأى شمعون شيفر، الكاتب في الصحيفة، أن استقالة ساعر تأتي من تقديراته أن زمن نتنياهو قد ولى، وأن السفينة التي يقودها توشك على الغرق .
ومع استقالة ساعر، كما يرى مراقبون، تراجع (الليكود) الى المركز الثاني في الائتلاف الحاكم، فأصبح له في الكنيست (18) عضواً، بعد أن كان له (20) عضواً، وأصبح لحزب ليبرمان (13) عضواً، وكان له (12) عضواً . وفي الوقت نفسه، تقدم عليه حزب لبيد ب (19) عضواً، ولذلك توقع البعض أن يطالب لبيد بإعادة توزيع الحقائب في الحكومة . إلى جانب ذلك، رأى مراقبون أنه لم يعد لحزب الليكود “نخبة” يمكن الاعتماد عليها في الانتخابات، بعد خروج ساعر وكحلون، ومن قبل بني بيغن ودان مريدور . يذكر أن الخلاف الناشب بين نتنياهو ولبيد، يرجع إلى الخلاف حول حصة الجيش في الموازنة الجديدة، حيث يطلب له نتنياهو (11) مليار شيكل، بينما تقول أوساط لبيد إن الحد الأقصى لا يجب أن يتجاوز (6) مليارات شيكل . وهناك نقطة خلاف أخرى تتعلق بالضريبة والقيمة المضافة الخاصة بالشقق السكنية الجديدة . ويتهم نتنياهو وزير ماليته بأنه يسعى إلى تأخير التصديق على الموازنة، ليصبح لا مفر من إجراء انتخابات مبكرة . من جانبه، تحدث وزير الاقتصاد، زعيم حزب (البيت اليهودي) عن ضرورة الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وزاد على ذلك أنه غير دستور الحزب من أجل أن يسمح للعلمانيين بدخوله، واعتبر البعض ذلك استعداداً للانتخابات، حيث يطرح بينيت نفسه ممثلاً لليمين بدلاً من نتنياهو .
لكن مع وجود كل تلك الصراعات والشقوق في جدار الائتلاف الحاكم، يظل من يرى أن الخلاف بين نتنياهو ولبيد على وجه التحديد “معركة مفتعلة”، يقصد بها ترميم زعامة الزعيمين كل لدى جمهوره، بعد التداعيات التي جرتها عليهما الحرب على غزة . ويستشهدون بما أظهرته نتائج بعض استطلاعات أجريت مؤخراً . فقد جاء أن نتنياهو سيحقق فوزاً كبيراً، لو أجريت انتخابات مبكرة، وسيحصل على (26) مقعداً، أي بزيادة ستة مقاعد عن آخر انتخابات . أما بالنسبة للبيد، فالاستطلاع المذكور توقع أن ينفرط عقد حزب لبيد، وأن يحصل على (8) مقاعد، وهو الذي له الآن (19) مقعداً . لذلك من مصلحة لبيد وحزبه أن لا تكون هناك انتخابات، خصوصاً أنه لا يزال أمامه ثلاث سنوات مضمون فيها بقاؤه في الحكومة . إن ما كشفت عنه الحرب من شقوق في الوضع “الإسرائيلي”، وما أضافته من شقوق جديدة وتداعيات، أظهر نقاط ضعفه الكثيرة التي كانت، وربما لا تزال، برسم الفلسطينيين الذين يتوجب عليهم أن يستغلوها لصالح قضيتهم الوطنية في إنهاء الاحتلال .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165612

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165612 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010