الثلاثاء 16 أيلول (سبتمبر) 2014

السودان وصراع الأقدار

الثلاثاء 16 أيلول (سبتمبر) 2014 par صالح عوض

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سادة السودان : لقمان والنجاشي وبلال ومهجع. .وبهذا استقر في وجدان المؤمنين حب السودان قبل الاسلام وبعده، فالسودان عندما يذكر تبرز منظومة القيم الانسانية الجميلة من كرم وحسن معشر وصبر وتحد للظروف القاسية وانتماء للأسرة الانسانية وتوخيا للحق والعدل وتصديا للظلم.. هكذا كان السودان ولايزال.. انها القيم التي يمثلها السادة لقمان والنجاشي وبلال ومهجع.

لقد منّ الله على الأمة بالتحاق السودان وجغرافيته وموقعه الحساس الاستراتيجي بعيد سقوط الأندلس، واصبح السودان منطلقا للدعوة الاسلامية في أدغال افريقيا فكانت نعمتها بالإنسان بنقله من ظلمات الجهل والتخلف إلى مصاف الانسان في أبهى حلله.. هذا السودان مثل عمقا للأمن القومي العربي وظهيرا إساسيا لإقليم الشمال مصر وهكذا كان السودان مصدر الأمن من جهة الجنوب لمصر.. وتوحد السودان بمصر ليمثلا وحدة جغرافية منطقية قبل ان تستبد بالحكام أنانيتهم ونزواتهم فيفصلوا البلد الواحد إلى بلدين.

يمر السودان منذ عدة عقود بدوامات من التصادم بين أقداره، هل يظل السودان عربيا اسلاميا بمعنى ان يقوم بأدواره القومية لمصلحة الأمة في مواجهة التحديات الخارجية انطلاقا من انتمائه، أم يبحث له عن حوض ثقافي آخر بالنظر لبعده الإفريقي الذي تحاول الثقافات الغربية إغراقه فيه ينأى به عن الصراع الحضاري حامي الوطيس..

واشتغل الأعداء جميعا بتفسيخ السودان وانهاء وجوده بعد ان فشلوا في انهاء دوره.. تصادم الغربيون بتطور الأوضاع السودانية على اتجاهين، الأول ان اخرجت الأرض خيراتها لتهب الجغرافيا أدوارا اكثر فعالية، ومن جهة اخرى نهضت في البلاد قوى اكثر وضوحا وجدية في التزامها العربي الاسلامي واستيعابها لمعادلة النهضة والحضارة.

فكان الدور الفرنسي الثقافي التخريبي يتزعم عملية التنصير للوثنيين في الجنوب وينشر عنهم الروايات غير الصحيحة، ومن خلال عملية التنصر تتم عملية ضخمة من الاختراق الأمني.. تعاضد ذلك مع الدور الأمريكي الذي خاض عملية منهجية لإرهاق الحكومة وتحويلها عن ادوارها القومية لاسيما في الموضوع الفلسطيني والعربي جملة، ووصل الأمر بأن قامت الطائرات الأمريكية بقصف السودان ومنشآت حيوية فيه.. اما اسرائيل فلم تتردد في القيام بعمليات عدوانية مست سيادة السودان ومواطنيه من خلال عدة غارات لطيرانها العسكري، في حين كانت تل أبيب اهم موقع تحفيز وتنشيط للانفصاليين في جنوب السودان، كما صرح بذلك زعيم الانفصاليين بعد يوم واحد من اعلان نجاح الانفصال في جنوب السودان اثناء زيارته تل ابيب .

امريكا واسرائيل وفرنسا هذا الثالوث التخريبي الذي عمل جاهدا خلال ثلاثين سنة لتدمير السودان، ولم يكن الإقليم بمنآى عن المشاركة في العملية الواسعة.. صمد السودان رغم انه اضطر لقبول الانقسام.. ولم يكن الانقسام الا للمخطط الاستعماري ذاته، حيث ستشرف اسرائيل على تكوين اجهزة أمنية ومجموعات تخريب تكون جاهزة للقيام بأعمال تخريبية في السودان ما تفعل في اثيوبيا وارتيريا مستهدفة استقرار السودان ووحدته.

الآن تثور قضايا حدودية حوله وهي أصغر من ان تناقش، حيث تقع في دائرة الحدود المصطنعة وينبغي ان لا تجر البلد إلى تنازع مع الجيران وان يكون سعي الجارين لحل مرض لكليهما خلال لجان تحكيم دولية اذا لم يستطيعا التوصل إلى حل مناسب..

امام السودان بخيراته وبنهضته قدر المشاركة باقتدار في صمود الأمة امام العدوان الغربي على ثقافتها وكرامتها وسيادتها وذلك عندما يلتفت العرب إلى بلد عربي كبير هو بلا شك أحد معاملات قوة شروطهم الحضارية.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2165607

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165607 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010