الخليج:ليس “داعش” فقط

كان يمكن فهم الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة الإرهاب لو أنها كانت شاملة ولم تقتصر على “داعش” . وكان يمكن تبرير أي خطوة عسكرية ضد الإرهاب لو لم يكن القرار الأمريكي انتقائياً ويقوم على ازدواجية في الاختيار، وكأن هناك إرهاباً حميداً وآخر يستدعي الاستئصال .
ثم إن ما كشف عنه من خطوات محتملة لتحالف يضم 40 دولة ضد “داعش”، يبدو مبتسراً . فالمواجهة تقتصر على قصف من الجو، وقد تستمر لثلاث سنوات أو أكثر .
بداية، “داعش” هي مجرد منظمة إرهابية من بين عشرات المنظمات الإرهابية الأخرى المنتشرة في دول عربية وأجنبية، تعود إلى أصل واحد، ومنبت واحد، وإيديولوجيا واحدة، وتنهل من منبع واحد، أي أن الإرهاب شجرة واحدة بفروع متعددة، وكل فرع له مسمى . فكيف يمكن اختصار الإرهاب ب“داعش” في حين أن المنظمات الإرهابية الأخرى تصول وتجول في سوريا والعراق واليمن وتونس ومصر والصومال، وتمارس القتل والذبح والإرهاب وترتكب المجازر وتنتهك الحرمات، وربما مثل “داعش” وأكثر منها .
ماذا نقول عن “جبهة النصرة” و“جيش الإسلام” وغيرهما من المنظمات التكفيرية التي تحمل مسميات إسلامية وترتبط بالقاعدة؟ ماذا نقول عن “أجناد بيت المقدس” و“أجناد مصر” وما بينهما “الإخوان” في مصر، وما يقومون به من أعمال إرهابية في سيناء وداخل مصر ضد الجيش والمؤسسات الأمنية والمدنية؟
ماذا نقول عن جماعة “أنصار الشريعة” في ليبيا وتونس وما تمارسه من إرهاب وقتل وعمليات تهجير طالت آلاف الليبيين؟
ماذا نقول عن فصائل “القاعدة” في دول المغرب العربي وشمال إفريقيا واليمن والصومال، وليست كلها منظمات إرهابية تستحق استراتيجية مواجهة واحدة لا تستثني أحداً؟
هذه أسئلة نطرحها لنتبين مدى جدية المواجهة ضد الإرهاب، ولماذا تم اختصار الإرهاب ب“داعش” فقط، هل لأنها تجاوزت حدودها وباتت تهدد المصالح الأمريكية في العراق، وقامت بذبح صحفيين أمريكيين، وأن المطلوب هو تحجيمها في هذه الفترة، وهل لأن المنظمات الإرهابية الأخرى ما زال لها دور تلعبه في إطار مخطط “الفوضى الخلاقة” في دول تعارض السياسات الأمريكية؟
لقد أثبتت التجارب السابقة، أن الإرهاب لا يهزم بالقصف الجوي فقط، ومثال أفغانستان واليمن هما الأبرز والشاهد . . القصف الجوي يقلص ويحجم ولكنه لا يحسم المواجهة، فهل الاستراتيجية الأمريكية هدفها تقليم أظافر “داعش” وترك منظمات الإرهاب الأخرى تقوم بأدوار لم تنته بعد؟