الخميس 11 أيلول (سبتمبر) 2014

جريمة استهداف المسيحيين والأقليات

الخميس 11 أيلول (سبتمبر) 2014 par د. فايز رشيد

“داعش” يستهدف المسيحيين والأقليات في الأماكن التي يحتلها ويقيم فيها “دولته العظمى ـ إمارته الإسلامية”. “داعش” يتفنن في تهجيرهم من بيوتهم وأماكنهم, وفي ذبح العديدين منهم وعلى الطريقة “الإسلامية”! وسبي نسائهم وبناتهم وبيعهن في سوق النخاسة. يحدث ذلك باسم الإسلام العظيم (الذي هو براء من داعش وتعاليمه), فالإسلام دين المحبة والمساواة والتعايش مع الأديان والأقليات الأخرى. هكذا تربينا على الإسلام الحنيف الذي هو يتعاكس مع فتاوى “داعش” وأساليبه وجزه للرقاب! “داعش” يتقاطع ويتماهى مع المخططات الصهيونية والغربية لتفتيت العالم العربي إلى دويلات طائفية واثنية متحاربة مع بعضها البعض. باختصار يهدف إلى تخريب النسيج الاجتماعي للأمة العربية من خلال إثارة الصراعات المذهبية والطائفية والإثنية. للتدليل على صحة ما أقول: اعتراف هيلاري كلينتون في مذكراتها المنشورة حديثا: بأن الولايات المتحدة هي التي أنشأت داعش. كذلك: الداعشيون يقتلون الشيعة والسنة (وهم يدّعون حماية الأخيرة!) لذلك فخطرهم عام عل كل المذاهب والأديان والأقليات. “داعش” لا يقذف إسرائيل بحجر منذ نشأته وحتى اليوم! وليس في نيته ذلك. هذا هو داعش باختصار.
من الحقائق أيضا: كان لافتًا للنظر، التصريح الذي أدلى به الرئيس جورج بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بأن ما سيقوم به (هو حملة صليبية جديدة ضد ما أسماه الإرهاب الدولي). بالمقابل فإن أسامة بن لادن قبل مقتله، أعلن في تصريح قديم له (الجهاد ضد الصليبية والمسيحية). من جانب آخر، فإن كثيرين من سياسيي الغرب ومفكريه: بريجنسكي، هنتجتون، كيسينجر وغيرهم يؤكدون وفي كتاباتهم على: ارتباط المسيحية العربية بالغرب، لذا فمن وجهة نظرهم فإن المسيحية في المشرق العربي, هي ظاهرة غريبة على العرب، وينكرون عروبة المسيحية بتغريبها وادعاء غربيتها، أو يحاولون تصويرها وفقًا للكاتب اللبناني جورج حداد: بأنها دخيلة ومستوردة, في البلاد العربية.
بالمقابل، فإن جزءًا لا يستهان به من بعض الكتّاب والمحللين والأيديولوجيين العرب، وكذلك جزء من الاتجاهات الإسلامية, ترى مثل هذا الارتباط العضوي, وتؤكد عليه.
بدايةً، فإن المسيحية: هي إحدى الظواهر العربية كما تبين الأحداث التاريخية, وأبحاث كثيرة، نشأت في فلسطين والمشرق العربي, ويسميها البعض بــ(النبتة الوطنية العربية التي ظهرت ونشأت في التربة الوطنية العربية ـ جورج حداد)، وفيما بعد تم نقل مركز القرار المسيحي إلى روما, في عهد الإمبراطورية الرومانية ـ البيزنطية.
وبعيدًا عن التسلسل التاريخي الممل للكثيرين، فلا يستطيع أحد إنكار دور المسيحيين العرب في النهضة العربية، منذ القرن التاسع عشر وحتى اللحظة، ولا دورهم الأساسي في الحركة القومية العربية, ولا في الثقافة العربية: المفهوم الأشمل من العقيدة الدينية، ولا في الحضارة العربية, التي تعتمد على البنية المؤسسة في حياة الشعوب. وأيضًا في حركة التحرر الوطني العربية, بمعنى أن المسيحية هي إحدى البوتقات الأولى لظهور حركة القومية العربية.
وبالرغم من اتفاقي المطلق مع ما يصل إليه المفكر العربي جورج قرم في كتابه القيم (انفجار المشرق العربي), عن استحالة كتابة التاريخ العربي من منظور الدولة القطرية، إلاّ أنني سأتطرق إلى لمحة موجزة (لا تفي الموضوع حقه, سوى من إشارات) إلى دور المسيحيين العرب في النضال الوطني الفلسطيني، باعتباره القضية الأبرز في القرنين الزمنيين الماضي والحالي، ولخصوصية الصراع, باعتباره انطباقًا على المشاركة النضالية للمسيحيين في كافة الأقطار العربية الأخرى.
لقد شكّل المسيحيون العرب ما يقارب الــ50% من عدد سكان مدينة القدس وفقًا لإحصائية 1922. استشعر المسيحيون الخطر الصهيوني منذ نهايات القرن التاسع عشر, وبدايات القرن العشرين (كتابات الأب هنري لامنسي اليسوعي، كتاب نجيب العازوري بعنوان: يقظة الأمة العربية, صدر في باريس في عام 1905، الذي بين بوضوح حقيقة الصراع العربي ـ الصهيوني, وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
لقد افتتح المسيحيون العرب آنذاك: المدارس، النوادي (نادي الاتحاد الأرثوذكسي), وأيضًا من خلال المشاركة في المؤسسات والوفود الوطنية العربية, للمؤتمرات الدولية التي جرى عقدها لبحث القضية الفلسطينية, (وهي مؤتمرات كثيرة), أو المشاركة في تعيين الحاج أمين الحسيني, مفتيًا للقدس.
وصلت وحدة التناغم بين المسلمين والمسيحيين إلى الحد: أنه وبعد الفتوى الدينية الإسلامية في 7 آب 1934: بتكفير كل عربي, يبيع, أو يتوسط لبيع, أراضٍ للصهاينة.. قامت الطوائف المسيحية بإصدار نفس الفتوى للمسيحيين. هذا يذكر: بمنع البابا شنودة منذ احتلال 1967 وحاليا, للأقباط, من الحج إلى فلسطين, ما بقيت تحت الاحتلال الإسرائيلي.. ويؤكد في تصريحاته على: أن الأقباط لن يدخلوا القدس إلا مع إخوانهم المسلمين, (ظل هذا الموقف قائما برغم اتفاقيات كامب ديفيد).
لقد شارك المسيحيون العرب في كل الثورات الفلسطينية بدءًا من التظاهرات وصولًا إلى المقاومة المسلحة (ثورة البراق، والثورة الفلسطينية الكبرى). لم تميز بريطانيا بين المناضلين المسلمين والمسيحيين فبعد مقتل حاكم لواء الجليل اندروز في أكتوبر عام 1937, قامت بنفي بعض أعضاء اللجنة العربية (مسلمين ومسيحيين) إلى سيشيل.
لقد شارك المسيحيون الفلسطينيون في مقاومة الاحتلال الصهيوني لفلسطين في عام 1948، ووقفوا ولا يزالون ضد الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية وغزة، وللأراضي العربية الأخرى في حرب عام 1967، وشاركوا وأسهموا بفعالية كبيرة في الثورات العربية, والثورة الفلسطينية المعاصرة: (أنطون سعادة, قسطنطين زريق, ميشيل عفلق، جورج حبش, وديع حداد، نايف حواتمة، المطران كبوتشي، وغيرهم كثيرون…. وهذا أيضًا على سبيل المثال لا الحصر).
المسيحيون العرب هم جزء رئيسي من مكونات أمتنا العربية، والتاريخ الإسلامي يدعو إلى الحفاظ على المسيحيين، وليس أدل على ذلك من العهدة العمرية، ورفض الخليفة عمر بن الخطاب الصلاة في كنيسة القيامة، خوفًا من استغلال الحادثة فيما بعد من قبل بعض المسلمين. وللعلم فإن مفاتيح الكنيسة ما زالت مودعة منذ القدم لدى عائلة مسلمة. هذا هو التعايش الحقيقي بين المسيحية والإسلام، وليس كما تفهمه القوى الظلامية، والتي يُطلق عليها خطأ: الأصولية الإسلامية، فللإسلام تعاليم واحدة، إنسانية، تعايشية، عقيدية، تحترم خصوصيات الأديان الأخرى.
لنعزز من الوحدة الإسلامية ـ المسيحية لمواجهة كافة المخططات والمؤامرات التي تستهدف أمتنا الواحدة.

- دعوات لمواصلة العدوان

الشارع الصهيوني بأغلبيته ينحو باتجاه التطرف والفاشية . حالة جدل كبيرة تتصاعد في الكيان الصهيوني . انتقادات حادة توجه إلى نتنياهو من أعضاء في حكومته ومن معظم “الإسرائيليين” على قرار وقف إطلاق النار والطريقة التي تم بها اتخاذ القرار . إرهاصات ائتلافية تتحدث عن انسحابات متوقعة من الحكومة الحالية، وربما اللجوء إلى انتخابات مبكرة . جدل حول ميزانية وزارة الحرب البالغة 23 مليار دولار على حساب اقتطاعات كبيرة من ميزانيات الضمان الاجتماعي والرفاه وتأمين الشيخوخة وغيرها . هذه هي أبرز التفاعلات في الكيان خلال الفترة الحالية، الأبرز فيها هو الدعوة إلى المزيد من محاربة الفلسطينيين ومقاومتهم .
أبرز المنتقدين لنتنياهو وقرار وقف إطلاق النار كان الفاشي أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية ورئيس حزب “إسرائيل بيتينو” الذي اعترض على شكل اتخاذ القرار بوقف إطلاق النار وبيّن “أنه جرى اتخاذه بواسطة الهاتف” . وحسب وسائل الإعلام فإن أربعة وزراء من الطاقم الوزاري المصغر كانوا ضد القرار، وهم ليبرمان، نفتالي بينيت رئيس حزب “البيت اليهودي”، أهرونوفيتش وآخر رابع .
ليبرمان قال على صفحته في الفسبوك “طالما أن المتطرفين الفلسطينيين هم المسيطرون على القطاع فإن حربنا ضدهم ستستمر، لذلك فإننا نعارض وقف إطلاق النار” . عضو الكنيست عن حزب “هناك مستقبل” عوفر شيليح أشار إلى احتمال انسحاب حزبه من الحكومة قائلاً: “إن حزبه يدرس إمكانية الانسحاب من الائتلاف، وذلك بناء على البرنامج السياسي للحكومة ومدى تصديها للإرهاب” .
رئيس الشاباك الأسبق يعقوب بيري قال: “إنه في حالة عدم وجود برنامج سياسي للحكومة فالذهاب للانتخابات المبكرة خيار رئيسي” . من جانب آخر شن وزير السياحة عوزي لنداو الرجل الثاني في حزب ليبرمان حملة على نتنياهو مطالباً باستئناف العدوان . النائب داني دانون من حزب الليكود سيبادر إلى طلب انعقاد سريع لمركزية الليكود وصرح قائلاً: “ما كان لنتنياهو ان يتخذ قراراً بوقف إطلاق النار لأن أمننا مهدد، لذا من المهم مواصلة الحرب على الصواريخ التي تهددنا” .
من ناحية ثانية: فإن المتابع للصحافة “الإسرائيلية” ولاستطلاعات الرأي في الكيان يلحظ وبلا أدنى شك: مطالبة 72% من “الإسرائيليين”، “القضاء على كل الذين يهددون”الإسرائيليين“وأمنهم” . هذا غيض من فيض توجهات مستوطني الكيان الصهيوني . ما سقناه كان من أجل ثلاثة أهداف . الأول: معرفة ما يجري في الداخل “الإسرائيلي” من جهة، ومن جهة أخرى، انعكاس ذلك على الواقع الفلسطيني . الهدف الثاني: إدراك طبيعة التحول في الشارع “الإسرائيلي” . الثالث: استخلاص الاستنتاجات اللازمة والضرورية على المديين القريب والبعيد .
إن طبيعة الشارع “الإسرائيلي” تتجه نحو المزيد من اليمين والتطرف، وكافة استطلاعات الرأي تؤكد هذا الأمر، فوفقاً لإحصائية أجرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت”: فإن نسبة المتطرفين اليهود في الكيان الصهيوني ستبلغ 62% من مجموع “الإسرائيليين” في العام 2025 . إن هذه الحقيقة تشي بأنه لا يمكن الفصل بين الكيان والعدوانية، والعنصرية، وممارسة المذابح بحق الفلسطينيين والعرب . لا يمكن لهذه الدولة أن تتعايش مع السلام، فهو يتناقض مع جوهر وجودها .
لكل ذلك: ومثلما أثبتت التجربة: فإن نهج المفاوضات مع الكيان لا يمكنه أن ينتج سوى المزيد من الكوارث على الشعب الفلسطيني والأمة العربية . “إسرائيل” لن تستجيب للمطالب الفلسطينية سواء الآنية منها أو اللاحقة إلا من خلال إخضاعها بالقوة المسلحة، لا ولن تفهم لغة غيرها . لا فائدة من المفاوضات غير المباشرة التي ستجرى في القاهرة، والأنباء تقول: باحتمال رفض “إسرائيل” إرسال وفدها إلى القاهرة . من أبرز الاستنتاجات أيضاً: إنه لا مجال لما يسمى ب “حل الدولتين” . إن “إسرائيل” لن تلتزم بما يسمى “الهدنة”، وستستأنف عدوانها على القطاع إن آجلاً أو عاجلاً . إن معركتنا مع الكيان هي معركة وجود لا معركة حدود، بالتالي: فإن الحل الموضوعي يتمثل باجتثاث هذا الكيان من جذوره، باعتباره مشروعاً دخيلاً وغريباً عن وطننا العربي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165924

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165924 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010