الثلاثاء 9 أيلول (سبتمبر) 2014

الغاز الإسرائيلي: مخاطر سياسية وجدوى اقتصادية

الثلاثاء 9 أيلول (سبتمبر) 2014 par باتر محمد علي وردم

انشغلت الأوساط السياسية والاقتصادية في الأردن الأسبوع الماضي بأنباء التوقيع على اتفاقية نوايا بين الحكومة الأردنية وشركة نوبل إنيرجي الأميركية صاحبة حقوق الامتياز في حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في البحر المتوسط والذي تملكه إسرائيل. الاتفاقية التي ستؤدي إلى تزويد الأردن بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي تصل إلى 1.6 تريليون قدم مكعب من الغاز بحلول العام 2017 ولفترة 15 سنة تكون بديلة عن الغاز المصري الذي انقطع منذ العام 2011 بعد أن تم تخطيط مستقبل الطاقة في الأردن على اساس استمرارية تدفق الغاز المصري.
معظم ردود الأفعال على الخبر جاءت سلبية سواء من خبراء الطاقة الذين وجدوا فيها تكرارا لحالة الاعتماد على مصدر خارجي واحد مهدد بالانقطاع أو الابتزاز السياسي مستذكرين تاريخ الاعتماد على النفط العراقي والغاز المصري، أو النشطاء المسيسين الرافضين لأي نوع من التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل وخاصة في الأجواء الحالية التي لا زالت تستذكر فظاعات العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة.
هنالك بضع مشاكل بنيوية في الاتفاق الجديد. كما يشير خبراء الطاقة فإنه ليس من الحكمة بمكان تكرار خطيئة الاعتماد على الغاز المصري والذي جاء بناء على مبالغات كبيرة في تقييم الاحتياطي من مصادر الغاز المصرية وكذلك احتمالية التغير الجذري في الأوضاع السياسية. حتى في حال توقف الانفجارات في انبوب الغاز المصري فإن أزمة الكهرباء التي تعيشها مصر حاليا هي نتيجة الفهلوة والفساد في إدارة ملف الغاز الطبيعي في عهد مبارك وابرام العديد من الاتفاقيات مع دول مجاورة ومع شركات ومصانع وبرامج ومشاريع اقتصادية اعتمدت على كميات مبالغ بها من الغاز الطبيعي ثبت عدم صحتها. حتى في حال تجاوز حقيقة أن إسرائيل هي دولة عدوانية تحتل الأراضي الفلسطينية وتعيش حالة عداء تاريخي مع الأردن ولا يمكن الثقة بها فإن مجرد الاعتماد على مصدر واحد هو مجازفة كبيرة.
المشكلة الأخرى أن الحكومة تبدو في حالة تردد في المضي قدما بمشاريع الصخر الزيتي والطاقة المتجددة وأن الرهان بات على الغاز الطبيعي وعلى مشروع الطاقة النووية الذي سيصطدم يوما ما بحقيقة عدم امكانية تبريد مفاعل نووي بمياه عادمة من الخربة السمراء. الخوف الذي يراود خبراء الطاقة في الأردن هو أن تتخلى الحكومة عن المشاريع الطموحة في تنويع مصادر الطاقة المحلية مقابل الاعتماد على الغاز الإسرائيلي.
في المقابل وبكل أسف يبدو الاتفاق بشأن الغاز الإسرائيلي مجديا اقتصاديا حتى لو كان خطيرا من الناحية السياسية لأن بنية قطاع توليد الكهرباء في الأردن مصممة في السنوات الماضية على الاعتماد على الغاز الطبيعي. في حال استبدال مصدر غاز طبيعي بآخر سوف تكون الحاجة قليلة لتغييرات في البنية التحتية أو طرق الإنتاج بعكس الأنواع الأخرى من مصادر الطاقة الكهربائية التي تحتاج لتعديلات في الشبكة والبنية التحتية.
الجميع في الأردن يتمنى لو استمر الغاز المصري في التدفق أو أن يتم الاتفاق مع قطر على شراء غاز طبيعي ونقله إلى الأردن عبر البحر ويخزن في العقبة أو الحصول على مصادر نفط أرخص من الدول المنتجة. خياراتنا محدودة وخيار الغاز الإسرائيلي لا يحظى بالقبول الشعبي أو السياسي ولا بد، حتى في حال أصرت الحكومة على المضي قدما به أن يتم التسريع في كافة مشاريع الطاقة البديلة القابلة للتحقق فنيا وعلميا وخاصة الطاقة المتجددة والصخر الزيتي لتحقيق المزيج المطلوب من أمن الطاقة في الأردن بناء على تنويع المصادر ولا نصبح أسرى للمصدر الإسرائيلي الوحيد للطاقة الكهربائية في الأردن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2181836

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2181836 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40