الجمعة 5 أيلول (سبتمبر) 2014

“عبدة الشيطان” الصهيوني

الجمعة 5 أيلول (سبتمبر) 2014 par محمد الصياد

ما خلا بعض الأصوات الشاردة مثل وزيرة الدولة البريطانية سعيدة وارسي التي قدمت استقالتها الثلاثاء 5 أغسطس/ آب 2014 من الحكومة في رسالة مسببة نشرتها على تويتر جاء فيها أنه “لا يمكن من الناحية الأخلاقية الدفاع عن مقاربتنا ولهجتنا خلال الأزمة الحالية في غزة” . . وعدد محدود من أصحاب الرأي والفكر الحر في الولايات المتحدة وأوروبا . . فإن الغالبية الساحقة من النخب الأمريكية والأوروبية، من مختلف الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية، بدت خلال محرقة غزة التي ارتكبتها “إسرائيل” على مدى شهر كامل (اعتباراً من يوم السابع من يوليو/ تموز 2014) ضد أبناء الشعب الفلسطيني المحاصرين منذ عام 2006 في قطاع غزة، كتلة لحمية من العبيد الخارين على ركبهم أمام الشيطان الذي صارت “إسرائيل” تمثله اليوم كما كانت مثلته نازية هتلر وفاشية موسيليني من رمزين للشيطنة والبربرية، للإنسانية جمعاء طوال الفترة الممتدة من مطلع ثلاثينات حتى منتصف أربعينات القرن العشرين الماضي .
ومن خلال “سياحة” قصيرة في أروقة الدوائر الحكومية والمؤسسات التشريعية والواجهات الإعلامية وأروقة استوديوهات الفن والثقافة، وأوساط قطاعات الأعمال، في أمريكا وأوروبا، سنجد أنفسنا أمام أناس متخشبين لا إحساس لهم ولا ضمير يُسير انفعالاتهم وردود أفعالهم الفطرية على ما استقر عليه العقل والذوق والمناقبيات الإنسانية . . أناس يرددون كالببغاوات ما تريد سلطة “شيفرة دافينتشي” منهم ترداده . . إنهم عبيد السلطة المتخفية وشبه المتخفية للعصابة الصهيونية الأممية
وجدير بالتنويه هنا أنه ليس من الذكاء بمكان خلع مسمى اللوبي على هذه العصابة . فاللوبي يذود عن مصالح مركز من مراكز القوى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية . أما التحزبات الصهيونية الموجودة في الولايات المتحدة وفي فرنسا وفي بريطانيا وغيرها من بلدان المعمورة، فهذه ذات طبيعة إجرامية مختلفة . إنها أقرب إلى الجماعة الفاشية التي لا تتورع عن استخدام أقذر الأساليب لإرهاب وإخراس وإخضاع الآخر .
روبرت دي نيرو الممثل الأمريكي الشهير كان في مقابلة مع محطة “فوكس نيوز” اليمينية المتطرفة حين بادره المضيف بسؤال عن “أحداث” غزة، فجاء جواب دي نيرو صاعقاً بصورة مذهلة وغير متوقعة، إذ قال: “لماذا نلوم”إسرائيل“أو”الإسرائيليين“على ما يفعلونه” . لم يملك المذيع المضيف أمام هذه الإجابة “الملغومة” سوى الحملقة باندهاش في وجه دي نيرو عله يقرأ في تقاطيع وتعابير وجهه ما يفسر مقاصد كلماته . دي نيرو وقد لاحظ علامات الدهشة وقد ارتسمت على وجه مضيفه لم يتأخر عن شرح كلماته بالقول: “حسناً دعني أشرح لك الأمر، إذا عضك كلب مسعور فعلى من تضع اللوم؟ على الكلب أو على مالك الكلب؟ . . الأكيد على صاحب الكلب . لذا فإن الملام فيما يجري في غزة هو الولايات المتحدة التي تتبنى وتدعم”إسرائيل“” .
طبعاً لم تحتمل العصابة الصهيونية هذا الموقف المفاجئ والصادم من هرم هوليوودي كبير بحجم روبرت دي نيرو، فأرهبته وأرعبته فكان أن عاد للانضمام لقطيع العبيد وخص “إسرائيل” بزيارة في شهر يونيو/ حزيران الماضي والتقى رئيسها شيمون بيريز مهنئاً إياه بعيد ميلاده التسعين، ومطلقاً تصريحات ليعيد بها تأكيد مذلته ومهانته تكفيراً عن “سقطة” لسانه، إذ أعلن: “بأنني أشعر بالسعادة دائماً حين أزور”إسرائيل“، لأن”الإسرائيليين“دافئون وحيويون ومباشرون وأذكياء، وأنا أحب الناس الأذكياء” . وأفاض قائلاً: “إنهم أُناس طيبون، وأنا أحترم عدوانيتهم لأنهم بحاجة إليها في الوضع الذي يعيشونه” . وقد تكفلت العصابة عبر إعلامها فيما بعد، بنفي قصة المقابلة وعدم وجودها من الأساس وأنها - بحسب فوكس نيوز - من اختلاق ما أسمته اليسار الحاقد والمعادي ل“إسرائيل”!
أيضاً يوم السبت 9 أغسطس/ آب 2014 تظاهر أكثر من مئة وخمسين ألفاً من البريطانيين والمقيمين أمام مقر هيئة الإذاعة البريطانية “بي .بي .سي” في لندن للأسبوع الثاني على التوالي للاحتجاج والتنديد بانحيازها السافر ل“إسرائيل” وتبرير عدوانها على غزة . ومع ذلك فإن “عبدة الشيطان” الصهيوني القائمين على هذه المؤسسة، أبوا إلا أن يزوغوا عن أصوات الحناجر المرتفعة تنديداً بالخزي والعار اللذين ألحقتهما ال“بي بي سي” بالمهنة الصحفية وببريطانيا التي ما انفكت حكوماتها تبرهن المرة تلو الأخرى على وفائها لتاريخها الاستعماري “العريق” .
هل هذا معقول؟ . . لقد وصل العالم إلى مرحلة تقوم فيها “إسرائيل” أمام مرأى ومسمع حكوماته ومنظماته بإزالة أحياء ومناطق كاملة، بمبانيها وشاغليها من سكانها الأبرياء، من على وجه الأرض، تماماً كما فعلت أمريكا بهيروشيما ونجازاكي، وهي - أي “إسرائيل” - مطمئنة إلى أن أحداً في العالم لن يجرؤ على رفع صوته مندداً بهذه البربرية والهمجية؟!
هل وصلت جرعة عبودية العالم للشيطان الصهيوني، ذروتها التي صارت تتواضع أمامها الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في العصر الحديث؟ . . وهل من نهاية لقيود العبودية التي يحكم الشيطان الصهيوني إغلاقها على معاصم وأنفاس الأمة العالمية بأسرها؟ . . هل من أمل لأن يتحول التململ إلى تمرد أوسع نطاقاً على هذا النير العبودي الإجرامي الصهيوني؟
هي أسئلة لا يبدو أن في الأفق من يؤشر إلى قرب انزياح هذا الكابوس الجاثم على رقاب البشر عبر العالم . فما لازالت سطوة المال الصهيوني محتفظة بمصادر قوتها وجبروتها . ولنا وقفة أخرى حول هذا الموضوع .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165364

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165364 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010