الخميس 4 أيلول (سبتمبر) 2014

غزة ومصر وتصحيح العلاقة

الخميس 4 أيلول (سبتمبر) 2014 par ناجي صادق شراب

إنها فرصة كبيرة لإعادة تصحيح العلاقة بين مصر وغزة وحماس في ضوء تفهم وإدراك المحددات المشتركة التي تحكم العلاقة . لأن أي تدهور في العلاقة سيعود بنتائج كارثية على غزة أكثر منه على مصر، فالجزء لن يستطيع تحمل هذه النتائج والتداعيات في تدهور العلاقة . وهذا التوقع لا يعني التشاؤم من تدهور العلاقة بقدر ما هي دعوة لاحتواء أي تدهور ومحاولة تصحيح العلاقة ووضعها في مسارها الطبيعي، والترفع عن أي علاقة تعلو على العلاقة العضوية والمصيرية التي تربط غزة بمصر . إذ لا بد أن تحكم العلاقة هذا البعد العميق بين الجانبين والذي هو أبعد من علاقة حماس بالإخوان، أو حتى قبل نشأة الإخوان نفسها .
إذن الأولوية هنا لهذه العلاقة ومحدداتها والتي تعلو على أي علاقة دونها . فالمحدد المصري يعتبر رئيسياً في هذه العلاقة، وفي تحديد أي خيارات ليس فقط لحركة حماس، بل لخيارات غزة نفسها، وفي العلاقة مع القضية والشعب الفلسطيني، وفي تحديد أولويات الخيارات تبقى أولوية الخيارات على مستوى غزة كجزء من الخيارات الفلسطينية الكلية والتي تفترض التوافق والتكامل .
فحماس أو أي تنظيم فلسطيني يستمد شرعيته السياسية والنضالية من الشرعية الفلسطينية كلها، ومع التسليم بالبعد العقيدي والديني كمحدد لشرعية هذه الحركات والتي لا أحد ينكرها، لكن يبقى المعيار الرئيسي هو الشرعية السياسية الكلية التي تستمد منها حماس وغيرها شرعيتها السياسية، ولو لم تكن حماس حركة فلسطينية، ما أثرنا هذه المحددات، ولا هذه الخيارات . فكل تنظيم وكل حركة ورغم البعد الرئيسي المكون لها، تبقى مقيدة بالمكان الذي توجد فيه، وبالشعب الذي تمثله، وبالقضية التي ترفعها، والأولوية هنا للقضية الأساس وهي القضية الفلسطينية، وهذا قد ينطبق على جميع حركات “الإخوان” في الدول العربية التي لا بد أن تأخذ في اعتبارها خصوصية الدولة والشعب الذي تستمد منه شرعيتها السياسية .
من هذا المنظور لا بد من النظر والتعامل في العلاقة مع مصر كدولة وشعب لها خياراتها وحريتها في تشكيل نظام الحكم الذي يريدانه، وهو ما يستلزم الحيادية والموضوعية في الموقف منهما، مع الأخذ في الاعتبار خصوصية العلاقة ومحدداتها التي تحكم مصر بغزة، وغزة بمصر، وهي محددات تجب أي خيارات ومحددات أخرى، ووصولاً إلى هذه القناعة، والتصور المشترك يجب أن نصل إلى توافق وتوازن في العلاقة يأخذ في الاعتبار المحددات المشتركة، وهو ما يضمن عدم توتر العلاقة وتأزمها بعيداً عن حدود هذه التصورات المشتركة .
ومن المبادئ المهمة في منظومة هذه العلاقة هي أن أمن مصر واستقرارها مصلحة وطنية على مستوى الشعب الفلسطيني وغزة، واستقرار غزة وضمان حياة أبنائها، ورفع الحصار عنهم أيضاً مسؤولية ومصلحة مصرية، هذا الوازن هو الذي يحدد مسار العلاقة .
فالأولوية هنا لأمن مصر وشعبها . وهذا ما ينبغي إدراكه من قبل حركة حماس، وهو ما يعني ألا تكون غزة مصدراً لتهديد أمن مصر واستقرارها، وألا تشكل غزة حاضنة لأي تنظيمات وقوى قد تساهم في تهديد أمن مصر .
ومن ناحية أخرى هناك بعد خطير في تحديد العلاقة ويحكم محددات وخيارات حركة حماس كحركة فلسطينية وطنية هدفها الأساسي إنهاء الاحتلال “الإسرائيلي”، فأزمة العلاقة بين حركة الإخوان ومصر ينبغي أن تحل في إطار المصلحة المصرية العليا، وليس عبر العنف والقتل والتدمير .
بل وقد نذهب ونقول إنه من المصلحة الفلسطينية العمل على المساهمة في احتواء هذا العنف والترهيب في مصر، وفي سيناء بشكل خاص لما لذلك من علاقة مباشرة مع غزة لأن قيام غزة بهذا الدور كفيل بالحفاظ على العلاقة بينهما تحقيقاً للمصلحة المشتركة .
ويبقى الخيار المصري محدداً رئيسياً في تشكيل خيارات غزة وخيارات من يريد أن يحكم غزة، والخروج من هذا المأزق يكون من خلال التمسك بالخيار الوطني الفلسطيني، وخيار المصالحة الفلسطينية التي من خلالها يمكن إيجاد الحلول لمشاكل الحصار والمعبر، والعلاقة مع مصر .
وفي النهاية فإن الحفاظ على العلاقة مع مصر هو مصلحة فلسطينية ومكون من مكونات الأمن القومي المصري، وهذه المصلحة تفرضها عوامل تاريخية وسياسية واجتماعية وقومية وإسلامية، واقتصادية، والقاعدة التي تحكم هذه العلاقة تكون بمصر قوية وفلسطين قوية .
كثيرة هي القوى التي تستهدف دور مصر، وتستهدف هذه العلاقة . وما جرى يفرض على حركة حماس دوراً سياسياً جديداً يتوافق مع دورها كفاعل مؤثر، وهذا يتطلب مراجعة لسياساتها وأولوياتها، وانفتاحها على بيئتها العربية والإسلامية بما يحقق التوافق، والقدرة على التكيف، وبما يتوافق والمصلحة الفلسطينية العليا . وما قد يمنحها دوراً سياسياً جديداً في التفاعلات التي تشهدها المنطقة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 76 / 2165607

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165607 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010