حين يفشل أكثر من عشرة آلاف شهيد وجريح إضافة إلى آلاف البيوت التي سقطت سقوفها على قاطنيها في توحيد شعب حتى لو كانت مساحة أرضه بسعة الصين وعدد مواطنيه ملياراً، فإن الأمر جلل . وينبغي على الفور إعادة النظر في مواقف الأطراف المتنازعة كلها . وأخذ عينات من خطابها لوضعها تحت مجهر المحلل النفسي لا المحلل السياسي .
لأكثر من خمسين يوماً هي الأقسى في تاريخ فلسطين كان الجميع يرددون عبارة واحدة هي فشل العدوان في فك الارتباط العضوي بين فصائل المقاومة الفلسطينية، بحيث بدت الخلافات والانقسامات التي ألحقت أذى كبيراً بالقضية كلها، كما لو أنها وراء ظهور المؤتلفين على إيقاع الرصاص، لكن ما إن بدأت التهدئة حتى اندلعت حرب أخرى، بوسائل مختلفة، وبأسلحة من طراز آخر تتلخص في تبادل الاتهامات والسعي إلى تبرئة الذات .
وهذه العودة غير الحميدة على الاطلاق إلى أول السطر في ذلك الكتاب الأسود خصوصاً في أشد فصوله مأساوية هي ما يسمى إجهاز الجريح على ما تبقى فيه من عافية وهذا بحد ذاته شروع في انتحار .
وهنا أستأذن القارئ الذي لا يرى أن اللحظة مناسبة لاستدعاء أمثلة من الفن وبعيداً عن الحرب لأتذكر لوحة شهيرة للفنان الإسباني جويا عن رجلين يشتبكان والأرض تميد تحت أقدامهما ولا ينتبهان إلى ما هما عليه إلا عندما تبتلع الدوامة جسديهما حتى الرقبة .
والسؤال الذي لا مهرب منه الآن هو هل كانت الخلافات الفلسطينية البينية على هذا القدر من الراديكالية والجذرية بحيث لم يضع لها حداً هذا العدد من الشهداء والجرحى والأيتام والثواكل؟ أم أن وراء الأكمات أو الكواليس شيئاً آخر يحتاج إلى حفريات سايكولوجية وسياسية؟
لقد عادت حليمة الفلسطينية بكل أسمائها المستعارة وغير المستعارة إلى عادتها القديمة، قبل أن يجف الدم عن الرمل في شطآن القطاع وقبل أن يجد مئات الألوف من المشردين مأوى أو علبة دواء أو مدرسة لاستقبال التلاميذ في بدء العام الدراسي أو حتى مسجداً ليصلوا فيه بعد أن تحولت معظم المساجد إلى أطلال .
فلا معنى على الإطلاق لأي انتصار إذا كان مقترناً بالعودة إلى الحرب الكلامية، لأن العزاء الأكبر بعد كل ما جرى لغزة كان في الوحدة الفلسطينية التي طال انتظارها .
إن التعليقات المتكررة حول الخلافات الفصائلية قبل تموز 2014 تصبح ساذجة وبلا مفعول إذا استخدمت الآن لتحليل خلافات ما بعد العشرة آلاف شهيد وجريح والعشرة آلاف طلل .
الأربعاء 3 أيلول (سبتمبر) 2014
بانتظار تهدئة فلسطينية - فلسطينية
الأربعاء 3 أيلول (سبتمبر) 2014
par
خيري منصور
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
27 /
2181692
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
14 من الزوار الآن
2181692 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 13