السبت 30 آب (أغسطس) 2014

اتفاق بين خيارين

السبت 30 آب (أغسطس) 2014 par يونس السيد

اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى توقيعه في القاهرة مؤخراً بين الجانب الفلسطيني والكيان الصهيوني لوقف العدوان الغاشم على قطاع غزة، والذي جاء على مرحلتين، يحمل في طياته خطر بقاء الصراع مفتوحاً على كل الاحتمالات، رغم الاحتفالات بانتصار المقاومة، والهزيمة المدوية التي أحاقت بالكيان في أطول وأقسى حروبه العدوانية منذ تأسيسه .
يحق لأهل غزة والفلسطينيين عموماً الاحتفال بالنصر، رغم كل هذا الألم والدمار وجرائم الحرب التي خلّفت آلاف الشهداء والجرحى ومئات آلاف المهجرين، عدا عشرات العائلات التي ابيدت بالكامل، وعشرات آلاف المنازل والأبراج المدمرة إلى جانب المؤسسات والبنى التحتية، لأنهم ببساطة صمدوا وتحدوا واحداً من أعتى الجيوش وآلات الموت والقتل والدمار في العالم، ومنعوا العدو من تحقيق أي من أهدافه المعلنة وغير المعلنة .
وهم ينهضون الآن من بين الركام ليعلنوا للعالم أن إرادة الشعوب أقوى من بطش وجبروت الاحتلال، وأن الكف يستطيع مقاومة المخرز، وأن الدم يمكنه الانتصار على السيف عندما تتوافر الإرادة ويتوافر معها الإيمان بعدالة القضية، ولكن ذلك كله يبقى ناقصاً ما لم تصل الأمور إلى نهاياتها الحقيقية ويتم ترجمة الاتفاق إلى واقع ملموس يفضي إلى حالة من الأمن والأمان، وقبل ذلك وبعده، إزالة آثار العدوان، بدءاً من رفع الحصار وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار وحل قضايا المهجرين، ثم إعادة بناء المطار والميناء البحري، وصولاً إلى معالجة القضايا الاقتصادية والسياسية .
كلها قضايا باتت على المحك أمام واقع الفشل والاحباط “الإسرائيلي” الذي قد ينفجر في أية لحظة ويقلب الطاولة رأساً على عقب . فالهزيمة “الإسرائيلية” المرة الآخذة في التطور نحو أزمة مجتمعية وسياسية بامتياز، يرجح إنها ستطيح برؤوس كبيرة على المستويين السياسي والعسكري، في ضوء الخلافات الحادة ونتائج لجان التحقيق الداخلية التي شكلت لبحث أسباب الفشل وإخفاقات العدوان، التي قد تدفع قادة الكيان للهروب إلى الأمام، حماية لرؤوسهم، عبر نقض الاتفاق والعودة إلى شن العدوان من جديد . إذ يستطيع نتنياهو ويعلون وبينتز، استغلال المرحلة الثانية من تنفيذ الاتفاق والمحددة بشهر، لإعادة تفجير الأوضاع بذريعة قضيتي الميناء والمطار، على سبيل المثال، كما يلمح هؤلاء في تصريحاتهم، إرضاء لجمهورهم الغاضب والمحبط من ثقل الهزيمة، بعدما تبين أنه كان بإمكان هؤلاء القادة التوصل إلى مثل هذا الاتفاق في الأيام الأولى للعدوان .
من الواضح، إذاً، أننا أمام معركة لم تنته فصولها بعد، ف “الإسرائيليون” الذين عجزوا عن الحسم عسكرياً ولم يستطيعوا تحمل حرب الاستنزاف، أجبروا على الذهاب إلى تسوية عبر التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، فيما الفلسطينيون الذين يرون أن مقاومتهم لا تزال قوية وقادرة، يصرّون على الذهاب إلى النهاية وبناء المطار والميناء البحري، وإذا ما حاول جيش الاحتلال اعتراضهم فإنهم سيفرضون معادلة مطار مقابل مطار، وميناء مقابل ميناء .
نحن الآن أمام خيارين: إما أن ينفذ الاتفاق بحذافيره وفق الشروط والمطالب الفلسطينية، وإما الذهاب إلى جولة جديدة من القتال قد تكون أشد فتكاً وتدميراً، وفي مطلق الأحوال نحن أمام واقع جديد من المؤكد أن تداعياته ستنعكس على المنطقة برمتها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 72 / 2166056

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2166056 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010