الجمعة 29 آب (أغسطس) 2014

غزة تنتصر

الجمعة 29 آب (أغسطس) 2014 par سمير الحجاوي

“انتصرت غزة” انتصارا كاملا، ماديا ومعنويا.. انتصرت بمعايير الحرب العادية وليس بمعايير الحرب غير المتكافئة بين جيش مدجج بالسلاح ومجموعات صغيرة من المقاتلين المسلحين بأسلحة خفيفة ومتوسطة.
ورغم أن المقاومة الفلسطينية في غزة قاتلت وحدها، وهي محاصرة منذ 8 سنوات حصارا خانقا من العدو الإسرائيلي ومصر، إلا أنها أبلت بلاء حسنا واستطاعت أن تقف في وجه أقوى جيش إقليمي يصفه الصهاينة بأنه “الجيش الذي لا يقهر”، وقهرته، وكسرت عنجهيته ومرغت وجه جنوده بالتراب، ويكفي فقط مشاهدة فيديو اقتحام ثكنة “ناحال عوز” الإسرائيلية، وكيف اقتحمها المقاومون الفلسطينيون بكل سهولة، وكالوا الركلات و“الشلاليط” لجنود الاحتلال وقتلوهم وكأنهم يلعبون “لعبة بلاي ستيشن”، مما دمر الروح المعنوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
حققت المقاومة الفلسطينية العديد من الإنجازات والأرباح، أهمها قصف المدن الإسرائيلية بالصواريخ، ودفع 100 ألف إسرائيلي للهرب من المستوطنات المحيطة بغزة، وهو أول نزوح إسرائيلي رسمي، فصرنا أمام معادلة “نزوح إسرائيلي مقابل نزوح فلسطيني” للمرة الأولى، وإغلاق الأجواء في فلسطين المحتلة عام 1948 وقصف مطار بين غوريون ومنع شركات الطيران من التوجه الى الكيان الإسرائيلي، وهنا معادلة جديدة “حصار الأجواء مقابل حصار الأجواء” وقصف محيط المفاعل النووي في ديمونا، وفي ترجيحي أن المقاومة الفلسطينية تجنبت قصفه مباشرة خشية حدوث “مجزرة بيئية” وتلوث اشعاعي علما أن المفاعل قديم ومتهالك ويعاني من الشقوق كما يقول الخبراء.
يضاف إلى ذلك رفع الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، وافتخار الفلسطيني بنفسه وبفلسطينيته، وإعادة القضية الفلسطينية إلى جدول الأعمال الدولي والعربي، ووضع فلسطين على رأس أجندة الأولويات في العالم، وخاصة في المنطقة العربية المشغولة بمشاكلها وهمومها وثوراتها وطغاتها.
كثيرة هي النتائج الإيجابية لمفاعيل الانتصار الفلسطيني في قطاع غزة الذي يمكن أن نسميه “الانتصار الغزاوي”، فقد وحد فصائل المقاومة الفلسطينية للمرة الأولى منذ الانقسام الفلسطيني قبل 8 سنوات، وتوفرت الحاضنة الشعبية التي ترعى المقاومة وتوفر لها مددا لا ينقطع من الشباب والمقاتلين والأمهات والزوجات والاخوات الصابرات المرابطات، وهي حاضنة رائعة ومذهلة وتثير الاعجاب، لان الناس العاديين من الفلسطينيين الذين هدمت بيوتهم وجرحوا وفقدوا أحبتهم في العدوان الإسرائيلي وقدموا قوافل الشهداء كان أكثر إصرارا من المقاومة على مواجهة الاحتلال وضربه والاستمرار في محاربته وعدم تقديم أي تنازل مهما كان، وكانوا يطالبون المفاوضين الفلسطينيين في القاهرة برفع سقف المطالب والشروط الفلسطينية، وهذا يعبر عن عظمة هذا الشعب الصبور المجاهد المرابط.
قدم الشعب الفلسطيني في غزة 2144 شهيدا و 11000 جريح، ودمر العدو اليهودي أكثر من 30.000 منزل و271 مسجدا و76 مدرسة و17 مستشفى ودور الأيتام ومراكز رعاية المعاقين ودمر ما يزيد عن 2500 منشأة صناعية كبيرة وصغيرة، ودمرت مزارع الابقار والدواجن وقتل الحيوانات ودمر 70 في المائة من شبكة المياه والكهرباء والصرف الصحي، ودفع الاحتلال ما يزيد عن 230.000 ألف شاب إلى البطالة في القطاع. واستهدفت قوارب 4000 صياد فلسطيني.
لا شك أن هذه فاتورة كبيرة من التضحيات، فكل قطرة دم فلسطينية غالية، لكنها دفعت من أجل رفع الحصار ودحر الاحتلال والاستقلال والحرية، وهذا ما دفع قائد المقاومة في قطاع غزة اسماعيل هنية للقول: “العالم كله شاهد تطور المقاومة على كل المستويات، في الأرض والبحر والجو، هذا جهد تم خلال سنوات طويلة، ليس فقط من أجل غزة وإنما من أجل معركة التحرير الكبرى.. هذا الصمود ليس له جزاء إلا النصر والصلاة في المسجد الأقصى إن شاء الله”.
عين المقاومة الفلسطينية على “المعركة الكبرى” من أجل تحرير القدس والمسجد الأقصى، وكما قال الناطق الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة الذي كان يتحدث باسم فصائل المقاومة الفلسطينية كلها، بلغة المنتصر، وهو يقف على إطلال حي الشجاعية الذي دمره جيش الاحتلال الاسرائيلي: “إن غزة انتصرت وسحقت كبرياء جيش الاحتلال تحت أقدام المقاومين وأن المقاومة أعادت الأمل لمليار ونصف مسلم وعربي أن الطريق ممهد للأقصى إن صدقت النوايا”.
انتصرت غزة لأنها فعلت ما لم تفعله جيوش أخرى وما لم تفعله الجيوش العربية كلها التي لم تذق إلا طعم الهزائم أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهذه معادلة جديدة ستفرض نفسها على الواقع الفلسطيني والعربي والإسرائيلي والدولي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 44 / 2166103

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2166103 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010