السبت 23 آب (أغسطس) 2014

المقاومة: التفاوض بالنار... ورقصة الخيزران «البامبو»

السبت 23 آب (أغسطس) 2014 par نصار ابراهيم

منذ بداية الحرب التدميرية على غزة ونتنياهو يحاول حسمها مرة واحدة ونهائية… ولكنه فشل… وامتدت أيام الحرب والدماء والبطولة… «فحاص الجيش الذي لا يقهر ولاص»… فما العمل؟

بدأ الحديث عن هدنة ثم تهدئة ثم وقف إطلاق النار… لكن نتنياهو يصرّ «أن لا تفاوض تحت النار» كيف ذلك ودولة الاحتلال منذ تأسيسها وهي تفاوض تحت النار… ولكن نارها هي؟ كمنتج طبيعي لمعادلات وثقافة القوة.

ولكن في هذه المرة حصلت إزاحة نوعية في معادلات الواقع… وكي لا يغوص نتنياهو وجيشه أكثر في رمال غزة ويصبح تحت رحمة بسالتها وصمودها بدأ يبحث عن مخرج… ولكنه في ذات اللحظة يواصل الإصرار على جملته المحبّبة «لا تفاوض تحت النار»… ولكن أليس الذهاب للتفاوض في القاهرة في ظلّ استمرار حصار غزة هو تفاوض تحت النار، وأليست الطائرات التي تغطي سماء غزة والبوارج التي تربض على شواطئها وطوق الدبابات الذي يحاصر كلّ حدودها هو تفاوض تحت النار؟ ومنع الماء والدواء والغذاء والكهرباء عن مليون وثمانماية ألف فلسطيني اليس كلّ ذلك تفاوض تحت النار؟

طبعاً نتنياهو لا يتصوّر أنه سيفاوض يوماً تحت نار المقاومة وذلك لأنه تعود أن يفاوض ويضع شروطه ويفرضها تحت نيرانه هو… أما أن تتجرّأ المقاومة الفلسطينية وتكسر هذه المعادلة فهذا خرق لنواميس القوة الفاجرة…

والآن تدور عملية «التفاوض» في القاهرة… ولكن في هذه الجولة من الصراع ضمن معادلات ردعية ليست سهلة أو مريحة… ومع ذلك فإنّ نتنياهو يواصل مراوغاته ويقدم الصورة لشعبه انطلاقاً من أنّ جيشه الذي لا يقهر قد أنجز بالتمام والكمال ما طلب منه لقد دمّر الأنفاق، ودمّر بنى المقاومة، ودمّر معظم منصات الصواريخ… و… و… ولهذا فإنّ ذهاب الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة هو فقط ليقطف ثمار تلك «الانتصارات العسكرية الحاسمة»… وبما أنّ الواقع هو غير ذلك، فقد اهتزّ نتنياهو واهتزت معادلاته… فبدأ يمارس هوايته في تبديد الوقت وإشعال التناقضات الفلسطينية الداخلية مستفيداً من صراع المحاور وحركة الأولويات العربية والإقليمية… ومع ذلك فشل تماماً حتى الآن… ذلك لأنّ الوفد الفلسطيني يدرك تماماً أنه وفي هذه المرة تحديداً مسنود بمقاومة باسلة وذكية وبصمود شعب وتضحيات لا تقبل أي مساس بثوابتهما… ولهذا صمد وناور وحاور ولكنه لم يرضخ في الأساسيات…

نعم قد لا تجري جلسات التفاوض في القاهرة تحت النار… ربما، ولكنها بالتأكيد تجري ضمن معادلات النار وحدودها كما رسمها وحدّدها صمود غزة وبطولة المقاومة وإدارتها للمواجهة التي لم تنته بعد…

وبما أنّ المواجهة مستمرّة… إذن على المقاومة والوفد المفاوض والقوى السياسية الفلسطينية والقيادة الفلسطينية أن تعي خطورة وأهمية المعادلات الجديدة، وأن لا تبدّد في السياسة ما أنجزته المقاومة والشعب الفلسطيني بالدم… وهنا بالضبط على الوفد الفلسطيني المفاوض أن يتحرك ويتصرّف انطلاقاً من بديهة أساسية ناظمة وهي: أنه لم يذهب إلى القاهرة من أجل توقيع اتفاقية سلام أو حلّ مشكلات اجتماعية بل هو هناك من أجل حقوق شعب بكلّ جوانبها وبكلّ أبعادها… فما دام الاحتلال قائماً إذن يمنع ويحظر توقيع أية اتفاقية أو هدنة تمسّ حقوق الشعب أو تضرّ أو تقيد من حق هذا الشعب في المقاومة… هذا ليس شرطاً… بل أكثر وأهمّ من ذلك إنه مبدأ تأسيسي راسخ.

ولتحقيق ذلك… على المفاوض الفلسطيني أن يتمثل بحكمة وتجربة المفاوض الفيتنامي… الذي كان يتحلّى بمتانة ورشاقة ومرونة الخيزران «البامبو» حيث كان يفاوض وهو يحتفظ بعناصر وعوامل قوته ويراكمها ويعظمها… وحين كان المفاوض الاستعماري الفرنسي يصيبه الغرور ويحاول فرض شروطه أو أن يتخطى اللياقة والأدب فكان ردّ الوفد الفيتنامي: بسيطة… ميدان المواجهة والمقاومة سيغيّر رأيكم ومزاجكم… والأيام والسنوات بيننا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010