الخميس 31 تموز (يوليو) 2014

فلسطين تعود فلتلتحم الضفّة بغزّة

الخميس 31 تموز (يوليو) 2014 par جورج كعدي

غزّة الشهادة، غزّة البطولة، ترسم بالدم أولى علامات النصر الحقيقيّ للمرّة الأولى منذ نشوء الكيان المسخ الغاصب والمحتلّ، وباللغة الوحيدة التي يفهمها وينبغي مخاطبته بها: القوّة. لا تُواجَه الوحوش غير الآدميّة بالكلام أو بالنوايا الحسنة، ولا حتّى بما أسموه بـ«المفاوضات» التي لم تحصّل من الوحش الصهيونيّ سوى مزيد من المجازر والاستيطان والتهويد والقمع والقتل والاغتيال وقضم الأراضي. لا يُخاطب هذا الصهيونيّ الوحش إلاّ بالضرب على الرأس حتّى يسقط ويسهل الانقضاض عليه فيزال من الوجود. هذا وحش لا يجدي معه شيء إلاّ التصدّي لعنفه الجبان المغرور وسعوره وبشاعته وجنونه، سعياً إلى القضاء النهائيّ عليه. منْ لا يرى في هذا الكيان «الإسرائيليّ» المسخ صورة الوحش هو بالتأكيد قصير البصر والبصيرة، حتّى لو كان بمرتبة «رئيس» لفلسطين غير الموجودة إلاّ افتراضيّاً أو وارث قيادة لمنظمة تحرير فلسطينية لم يبق منها في اللحظة الراهنة، بعد تاريخ مديد من النضال الفعليّ، سوى الإسم والعنوان والشعار، بل تحوّلت ويا للأسف من منظمة تحرير لفلسطين وشعبها من الاحتلال والقهر واغتصاب الأرض، إلى أداة قمع للناس الثائرين والمنتفضين في الضفّة الغربيّة ومنعهم من التظاهر والتضامن والالتحام مع أهل غزّة، الضفّة الأخرى من فلسطين المقهورة والمعذّبة والمذبوحة. بل إنّ ما يحصل في الضفّة من لجم للانتفاضة الثالثة التي يجب أن تنطلق بسرعة القطار الماضي بثبات نحو محطّة التحرير النهائيّة، هو فعل خيانة للوطن والشعب بامتياز. فماذا ينتظر «الرئيس» رئيس على ماذا؟! محمود عبّاس و«مجلس أركانه» العظيم لتثوير شعب الضفة نصرة لأخوتهم في غزّة؟! هل ينتظر، ومعه «أركانه» الجهابذة، علامات حسن سلوك من الولايات المتحدة الأميركيّة، أُمّ المظالم والشرور في العالم؟! أم من عربان الصحراء الخونة الذين يمدّون «السلطة» ورجالها وأزلامها والمنتفعين ببعض مال النفط الأسود مثل وجوههم؟ أم لعلّه ينتظر «المكافأة» من «إسرائيل» وسفّاحيها وفي مقدّمهم سفّاح مجزرة قانا شمعون بيريز والـ«سايكوباتيّ» الخائب والساقط الـ«نَتِنْ ياهو»؟ ألم يسأم محمود عباس بعد من انتظار الرضى و«المكافآت» من أميركا والعربان وأركان عصابة الدولة المسخ؟ ألم يوقن بعد أنّ «المفاوضات» التافهة والمخادعة والتعيسة لا تفضي إلى مكان؟ ألا ينظر إلى الوراء قليلاً وتحديداً إلى تجربة سلفه الذي يفوقه حنكة ودهاء… وأوهاماً، الراحل مغدوراً ياسر عرفات استمات هذا الأخير لإرضاء الصهاينة إلى حدّ ارتكابه خطأ بل خطيئة أوسلو وخيانة القضيّة، ومع ذلك لم يرضِ الوحش «الإسرائيليّ» فاغتاله هذا بالسمّ؟ وإن كان يُحسب لعرفات أنّه لم يتوانَ عن إطلاق الانتفاضات في الضفة والقطاع ساعة ييأس من «الإسرائيليّ» القذر، في حين أنّ السيّد عبّاس يفشل كمفاوض، وييأس، ويظلّ يهادن عدوّه وحماته الأميركيين والغربيين وينتظر منهم «المكافآت» على «انضباطه» و«حسن سلوكه»! ، إذن، ألا ينظر محمود عبّاس وجوقة الفاشلين حوله من بقايا «إيتّا ماجور» عرفات المنتفعين والعجزة والعاجزين إلى الوراء لاستقاء العِبَر والتأكّد من أنّ التفاوض مع المحتلّ وداعميه غرباً وشرقاً وصحراءً وأرض كنانة لا يجدي ولا ينفع ولا يوصل إلى تحرير فلسطين، وأنّ الطريق الوحيد هو تعزيز قدرات التصدّي والمقاومة تسليحاً وتطويراً، على نحو ما حصل في غزّة البطلة، الصابرة أيّما صبر، ولا يزال يحصل حتّى الساعة؟!

لنتصوّر الضفّة الغربيّة منتفضة اليوم بملايين شعبها وبكامل طاقاتهم الهائلة نصرة لأهل غزّة، مطلقةً انتفاضتها الثالثة بعد انتفاضتيها السابقتين المباركتين والعلامتين المضيئتين في تاريخ القضيّة الفلسطينيّة، أمّ القضايا في هذه الأمّة الممزّقة، رغم أنّ فيها جميع عناصر القوّة والمنعة والعظمة، على ما أكّد النهضويّ والرائي الأكبر أنطون سعاده راسم طريق الخلاص والمصير الوحيد للأمّة.

بل لنتصوّر الضفّة مهيّئةً نفسها لساعة التحرّر والتحرير واستعادة فلسطين كلّها لا أجزاء و«زواريب» متقاطعة منها، بالطاقات القتاليّة والصاروخيّة و«النفقيّة» نكاية بالـ«نتن ياهو» وعصابة «إسرائيل» كلّها ، فأمام أيّ مشهد تاريخيّ عظيم مزلزل كنّا لنكون؟! فإذا كانت غزّة المحاصرة المظلومة الفقيرة تصنع اليوم هذا النصر الكبير والمجيد، وإن ممهوراً بالدم وشهادة الأطفال التي تدمي قلوب الإنسانيين والأحرار في العالم، فما بالنا بالضفّة الأوسع مساحةً وإمكانات ماديّة ومعطيات طبيعيّة، فضلاً عن التعداد السكانيّ الأكبر، لو انضمّت إلى غزّة في معركة التحرّر والاستقلال الوطنيين؟! أمّأ كنّا في هذه الحال أمام مشهد التحرير الناجز واستعادة كامل تراب فلسطين؟! فهذا الكيان المجرم التافه قائم على حفنة صهاينة جبناء وهو في وصف السيّد نصرالله البليغ أوهن من خيوط العنكبوت، والواقع منذ تموز 2006 إلى تموز 2014 يثبت ذلك، فلا داعي بعد اليوم إلى توهّم القوّة والثبات في كيان قام أساساً على الباطل وعكس حركة التاريخ وهو آخر كيان مستعمر ومحتلّ في العالم اليوم.

المفاوضات وهمٌ ساقط…

المراهنة على الولايات المتحدة وسواها من دول الإمبرياليّة والاستعمار جريمة سياسيّة لا تغتفر…

توسّل العدالة والإنصاف من منظّمات دولية عاجزة ومنحازة ومُسَيْطر عليها أميركيّاً مثل الأمم المتحدة عبث لا يضاهيه عبث بعد نحو سبعة عقود من احتلال فلسطين وعشرات القرارات التي لا توازي قيمتها قيمة الحبر الذي خُطّت به…

انتظار الترياق من عربان الصحراء الفاسدين والغادرين والخونة خيانة للذات والقضيّة والوطن… وحتى مصر السيسي يبدو أنّ لا خير يُرجى منها لأنّ الزمن لا يجود دوماً بالقادة العظام، ولأنّ الشعب المصري لا يخرج إلى الشوارع اليوم في تظاهرات مليونيّة تأييداً لغزة واستنكاراً للمجازر المرتكبة في حقّ أطفالها وشعبها الفقير المعذّب، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول تمتّع هذا الشعب بالحسّ التضامنيّ المسمّى «عربيّاً»، أو حتى بمجرّد الحسّ الإنسانيّ العام الذي تتفوّق به شعوب في أوروبا وبعض دول المغرب العربيّ تونس والجزائر مثلاً على الشعب المصريّ الذي لم تحرّكه مأساة غزّة!

فلسطين العائدة إلى أهلها وأصحاب الأرض والحقّ هي قاب قوسين أو أدنى، إن شهدت التحام أجزائها في معركة التحرير والمصير… وإلاّ فالويل للشعب الفلسطينيّ وللأمّة جمعاء من أيّ تقاعس أو تردّد أو تنكّر أو خيانة، فهم ونحن والحال هذه لا نستحقّ أوطاناً عزيزة ولا أمّة قوية جامعة!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165797

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165797 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010