الجمعة 25 تموز (يوليو) 2014

“مبادرتُكم” ليست قرآناً منزّلاً

الجمعة 25 تموز (يوليو) 2014 par حسين لقرع

بعد أن أثخنت المقاومة في الجنود الصهاينة قتلاً وجرحاً وملأت قلوبهم رعباً ونفوسَهم كمداً، هرع كيري وغيرُه من “الوسطاء” إلى الشرق الأوسط لإنقاذ الاحتلال الصهيوني من ورطته عبر تكثيف الضغط على المقاومة لقبول“المبادرة المصرية” لوقف إطلاق النار والعودة إلى فترة ما قبل 7 جويلية، وإن كانت في الواقع مبادرة ً صهيونية بامتياز وصاغها ضباطٌ أمنيون من تل أبيب، وكان الطرف المصري مجرّد “ساعي بريد” تكفل بتبنيها وإيصالها، كما اعترف إعلامُ العدو بنفسه.

المقاومة لم تطرح شروطاً تعجيزية لإيقاف الحرب، بل تقدّمت فقط بشروط إنسانية وفي مقدّمتها رفع الحصار الصهيوني- المصري الجائر المضروب على غزة منذ عام 2006 على 1.8 مليون فلسطيني، وهو حصار مخالف للقوانين الدولية ولمبادئ حقوق الإنسان العالمية، لكن أمريكا ومصر لم تقبلا حتى هذا الشرط البسيط، وهما تريدان من المقاومة استسلاما ذليلا دون أي قيد أو شرط، ووفق “المبادرة المصرية” حرفياً، وبعدها يتم بحث مسألة رفع الحصار… ما يعني عملياً استمرار الإذلال والتجويع والموت البطيء سنوات أخرى وذهاب تضحيات آلاف الغزاويين سدى.

لو كانت مصر تريد بالفلسطينيين خيراً لأعادت صياغة “مبادرتها” بما يستجيب للحدّ الأدنى من مطالب المقاومة وفي مقدمتها رفع الحصار، ولبادرت بنفسها إلى إعلان الفتح الدائم لمعبر رفح، ولكنها تتعمّد التمسّك بـ“مبادرتها” بعناد وترفض إدخال أي تعديل عليها وكـأنها قرآنٌ منزّل، حتى تستمر الحربُ أسابيع أخرى لعل العدو الصهيوني ينجح خلالها في القضاء على حماس، ولا يهم في سبيل تحقيق هذا الهدف سقوطُ آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى في صفوف المدنيين ودمار ما تبقى من بيوت ومنشآت في غزة وإعادتها إلى العصر الحجري.

لم يعد هناك شك في أن ثمة مؤامرة إقليمية وعالمية واسعة على المقاومة في غزة بهدف تصفيتها، ولكن صمودها ردّ كيد المتآمرين في نحورهم ووضعهم في موقف حرج؛ فهي تفاجئ العدو كل يوم بأساليب قتالية جديدة تلحق به خسائرَ بشرية لم تكن في الحسبان.. في حين لا يفلح “الجيشُ الرابع في العالم” سوى في قتل المزيد من الأطفال والنساء والمدنيين كل يوم وارتكاب المزيد من المجازر النازية.

إن مقاومة ًتحقق كل هذه الإنجازات تستحق مبادرة تحقق لها الحدّ الأدنى من شروطها، وفي مقدمتها إنهاء الحصار الجائر إلى الأبد وضمان العيش الكريم لـفلسطينيي غزة أسوة بباقي شعوب الأرض، وأيّ مبادرة لا تستجيب لهذا الشرط على الأقل، هي مبادرة ميّتة، سواء جاءت من مصر أو غيرها من دول التآمر العربي.

لم يعد أحدٌ يطالب مصر اليوم بأن تقف في صف المقاومة وهي تحت حكم السيسي المعادي للإخوان، ولكن بإمكانها أن تتعامل مع المحيط بعقلانية أكثر وتقدّم مبادرة أخرى متزنة تضمن رفع الحصار عن الفلسطينيين، من غير المعقول أن تسعى مصر إلى المحافظة على دورها الإقليمي وقطع الطريق على تركيا وقطر وغيرهما وهي تقدّم مبادرة تخدم الصهاينة وحدهم وتذلّ الفلسطينيين ولا تستجيب لحاجياتهم الإنسانية، فإما أن تستدرك عداوتها المفرطة للفلسطينيين وتعدّل“مبادرتها”، وإما أن تتنحى عن هذا الدور المخزي وتترك غيرها من الوسطاء في المنطقة يتقدمون بمبادرات تكون في مستوى تضحيات الفلسطينيين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2165391

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165391 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010