السبت 19 تموز (يوليو) 2014

السيسي متخابر فاشل مع حماس

السبت 19 تموز (يوليو) 2014 par سهيل الخالدي

من الواضح أن السؤال الذي فرضه هذا العدوان يختلف عن أي سؤال طرح من قبل فهو هذه المرة يقول: أي من الأطراف الأربعة: إسرائيل، العرب، الفلسطينيون، دول المتروبول، الذي أدار معركته بنجاح، فكل خاضها وفق حساباته؟

وإسرائيل حاربت هذه المرة لحسابات إقليمية ودولية أكثر منها إسرائيلية محلية. وجزء من هذه الحسابات يتمثل في تعويم السيسي، حاكم مصر، وتسويقه لدور إقليمي في المنطقة تنازعه فيه تركيا. ويبدو أن إسرائيل ككل دولة استعمارية واستيطانية فشلت في الحساب :

1- استعملته كساعي بريد لأيصال رسالة ليست مرسلة إلى أحد. وهو تكليف لا يتفق مع القيام بدور الوسيط.

2- جعلت رئيس السلطة الفلسطينية في موقف من ينتظر حافلة لا يدري هل ستأتي أم لا.

3- ضربت كل بيت في غزة ليكون ذلك ضغطا على حماس فتوافق على رسالة لم تستلمها.

وهذه الإدارة الإسرائيلية لمعاركها هي إدارة أصبحت كلاسيكية، فكتاب الحرب الإسرائيلي مفتوح دائما، وما عليها حين تريد تنفيذ إحدى صفحاته إلاأن تفتعل واقعة تضعها عنوانا لتلك الصفحة.. وعلى ذلك خلت صفحة الحرب على غزة من أي إبداع، وبدأت خسارة إسرائيل السياسية على الفور محليا ودوليا.

وبالمقابل فإن حركة حماس المنهكة سياسيا وعسكريا وماليا وربما عقائديا أدارت معركتها بملامح فيها إبداعات غير مألوفة:

1- أكدت مع الفصائل الأخرى أنها مقاومة شعبية على الأرض وبالتالي أخرجت السياسيين الفلسطينيين في السلطة وربما في حماس من أي استثمار، بل لعلها كانت تقول للعالم إن التفاوض هذه المرة مع المقاتلين وليس مع السياسيين وهي صيغة من الصيغ التي ثبتتها الميلشيات في المنطقة منذ عدة سنوات.

أكدت أن ترسانة الأسلحة الإسرائيلية ونظامها الاستخباراتي وأقمارها الصناعية ليس بإمكانها حماية إسرائيل، فبضعة صواريخ وطائرات جرى تصنيعها في بادية الشام في سنين خلت؛ اخترقت كل ذلك وأدخلت كل إسرائيلي، بمن فيهم الوزراء، إلى الملاجئ. وطالت كل مدينة إسرائيلية، أي أن اليهودي لم يعد آمنا في هذا الجيتو الذي صنعه لنفسه بنفسه.

2- أفهمت السيسي أن استعادة دور مصر الإقليمي لا يمكن أن يمر إلا عبر الفلسطينيين ومعهم وبهم، وليس بالالتفاف عليهم إسرائيليا أو عربيا أو دوليا. وهذا هو موقف الشعب المصري أصلا، وبذلك دخل السيسي في ورطة: فكيف يجيز لنفسه العمل كساعي بريد مع من يصفهم داخليا وخارجيا بالإرهابيين ويبدو أن موعد دفعه فاتورة استيلائه على السلطة وجبروته ضد الأخوان المسلمين- مهما كان رأينا فيهم- لم تعد بعيدة. فقد تمكنت حماس بإدارتها للمعركة بأن تزيد في كراهية الشعب العربي كله للسيسي وهذا يؤثر في سعيه لاستعادة الدور الإقليمي. كما أنها زادت من شعبية الإخوان في الداخل المصري ولم تعد تهمة التخابر مع حماس حكرا على مرسي؛ فهاهو السيسي يتخابر أيضا وإن كان مخبرا فاشلا.

-3وإذ برهن سياسيو حماس هذه المرة أنهم لا ينشغلون بالجزئيات المؤقتة وينسون الكليات الأساسية وأكدوا على ضرورة رفع الحصار إسرائيليا وعربيا وليس على فتح المعابر، فإن الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة أكد أنه شعب مبدع في نضاله وإلا من أين دخلت هذه الصواريخ؟ وكيف صنعت وشغلت هذه الطائرات؟ ومن أين جاء كل هذا العنفوان وكل هذا التماسك.. إن الفلسطينيين هنا يعيدون ما فعله الجزائريون من قبل وكل شعوب الأرض المكافحة لا يقفون عند عدد شهدائهم فالأوطان لم تكن أبدا رخيصة الثمن.

وأعتقد أن علينا أن نفهم من معالجات الإعلام الإسرائيلي والعربي والدولي لهذه الحرب الجديدة على غزة ما يلي:

1- إن إسرائيل تجدد الاعتراف بفشل استراتيجيتها في اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وباستراتيجيتها في استيعابهم والضغط عليهم وتسخيرهم لخدمتها اقتصاديا وسياسيا.

2- فشل سياستها في توظيف الدول العربية وحكامها كمخبرين وكأجهزة شرطة عندها كما كانت الحال عليه منذ ستين سنة أويزيد.

3- فشل ما سمي بالربيع العربي بإغراق كل شعب عربي بهمومه ونسيان قضيته المركزية أي فشل سياسة الإشغال بالجزء للتفرد بالكل.

وعلى ذلك أعتقد أن الماكينة الديبلوماسية الدولية ستتحرك مجددا كما لم تتحرك من قبل فالقضية الفلسطينية بهذه الحرب على غزة تكاد تكون قد خرجت من مستنقع الربيع وهو ما لم يحسبه أحد؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2165610

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165610 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010