السبت 19 تموز (يوليو) 2014

مبادرة مصرية أم صهيونية؟

السبت 19 تموز (يوليو) 2014 par حسين لقرع

بعد أسبوع كامل من العدوان الصهيوني على غزة وسقوط نحو 200 شهيد و1400 جريح، تحرّكت مصر ظاهرياً لوقف الحرب، لكنها قدّمت مبادرة تنطوي على قدر عال من الخبث والمكر؛ مبادرة تمثل طوق نجاة للجانب الصهيوني ولا تقدّم للفلسطينيين شيئاً عدا العودة إلى التهدئة مع إستمرار الحصار والتجويع والإذلال.

لو كان النظام الانقلابي في مصر جادا ويريد فعلاً حقن دماء الفلسطينيين لتعامل مع حماس بشكل رسمي عوض أن يكتفي بتسريب مبادرته إلى وسائل إعلامه الحاقدة على غزة، ولبعث مسؤوله للمخابرات إلى القطاع كما أرسله إلى تل أبيب، ولكنه يعتبرها عدوا لدوداً ويمقتها بشدّة ويتمنى لو يستطيع الجيشُ الصهيوني سحقها وإنهاء وجودها في غزة. وحينما مرّ أسبوع وأدرك أن مدى الورطة التي يتخبط فيها الصهاينة بعد أن تصاعدت موجة السخط لدى الرأي العام العالمي وخرجت مظاهراتٌ كثيرة في العواصم الأوروبية والأمريكية للتنديد بمذابحهم ضد الأطفال والنساء ومطالبة قادتهم بالتحرّك لإيقافها، حينئذ تحرّك هذا النظام الانقلابي لمنح طوق نجاة للجناة، وطرح مبادرة ظاهرها الرحمة للفلسطينيين وباطنها استسلام المقاومة وتجريدها من سلاحها أو على الأقل تجريد فلسطينيي غزة من التعاطف العالمي معهم.

النظام المصري طرح فقط، بغطرسة واستعلاء مقيتين، مسألة العودة إلى التهدئة، ولم يتحدث أبداً عن رفع الحصار والفتح الدائم للمعابر وفي مقدمتها معبر رفح، وعن الإفراج عن أسراه في الضفة، فجاءت مبادرته موافقة تماماً للأجندة الصهيونية، وهذا هو السرّ في الترحيب الصهيوني الشديد بها.

والواضح أن الذين صاغوا هذه المبادرة المشبوهة قد فعلوا ذلك بخبث شديد بهدف إشعار المقاومة بالإهانة والذل وهي تقرأ بنودها التي تستخفّ بها وتدعوها ضمنياً إلى الاستسلام والخنوع للغطرسة الصهيونية عوض أن تشدّد على رفع الحصار عن غزة، ما يدفعها حتماً إلى رفض هذه المبادرة المهينة، ومن ثمة إظهارها بمظهر من لا يريد السلام ووقف القتال، وبالتالي إقامة الحجة عليها وتوفير المبرر الكافي للصهاينة للاستمرار في عدوانهم وتصعيد مجازرهم، ومنحهم غطاءً عربياً ودولياً واسعاً لفعل ذلك بكل راحة وتحميل مسؤوليتها لحماس ظلماً وعدواناً.

وحينما يظهر نتنياهو بعد ساعات من طرح المبادرة المصرية وهو يتوعّد حماساً بأنها ستدفع ثمناً غالياً ويهدّدها بحرب طاحنة، فإن هذا يعني بوضوح تام أن التنسيق بين نظام السيسي والصهاينة في هذه الحرب الثالثة على غزة قد تجاوز ذلك التنسيق الذي كان قائما بين أبو الغيط وليفني في حرب غزة الأولى في 25 ديسمبر 2008، وأن الصهاينة قد شاركوا في صياغة المبادرة المصرية بهدف وضع المقاومة في الزاوية وتخييرها بين سلام ذليل أو حرب مدمّرة بغطاء دولي واسع يضفي الشرعية على إبادة الفلسطينيين.

مصر السيسي عادت مجدداً إلى أحضان الصهاينة واختارت التخندق في صفوفهم كما كان الأمر في عهديْ السادات ومبارك، وخانت فلسطين وأصبحت شوكة في حلق المقاومة وعدوّا يتآمر عليها ويطعنها في الظهر، ورفضت حتى أن تكون “وسيطاً محايداً” وانحازت بشكل سافر إلى الصهاينة. كل الشهداء الذين يسقطون الآن دماؤُهم في رقبة مصر السيسي ولن يغفرها لها الفلسطينيون أبداً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 36 / 2165595

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165595 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010