الأربعاء 16 تموز (يوليو) 2014

المبادرة المصرية وقف للنار ام وصفة للانقسام وتبرير للعدوان

الأربعاء 16 تموز (يوليو) 2014 par معين الطاهر

لم نعرف فيما مضى عن مبادرة أو وساطة بين طرفين في حرب ضروس تعلن على الهواء ودون أدنى اتصال مع طرفي النزاع , أو أن شئنا الدقة عدم الاتصال مع طرف واحد منه , وهو بلا شك طرف المقاومة .الا اذا كان الهدف من ذلك ارغامه على توقيع وثيقة استسلامه , أوالتنصل من قضيته , أوعزله وحصارة وتحميله مسؤولية ما سيأتي من قصف وتدمير . بل الأدهى والأمر , أن المبادرة ليست نداء عاما مثل ذلك الذي وجهه مجلس الأمن الدولي . بل هي مبادرة احتوت على تفاصيل كثيرة , من تحديد لمواقيت وقف اطلاق النار , و البدء في مباحثات تفصيلية , وهو ما يفترض بهذه الوفود أن تكون متواجدة فعلا في العاصمة المصرية وقت الاعلان عن المبادرة أو في طريقها اليها .

المباحثات التفصيليىة تبحث في آليات التطبيق عبر مباحثات غير مباشرة بوساطة مصرية , الا أن ثمة نقاط في غاية الأهمية تطرق لها الاعلان , ولم يتركها للتفاصيل أو الاتفاق اللاحق عليها . الا يعني هذا انها ليست نداءا لوقف اطلاق النار , او هدنة لبضعة ايام يتم فيها الاتفاق على الشروط عبر المباحثات اللاحقة التي سيجريها كل طرف على حدة مع الوسيط المصري . وانما هي التزام مسبق من مختلف الأطراف بهذه البنود , وتبقى الاجتماعات التفصيلية لبحت آليات التطبيق .

اول ما يثير الريبه في بنود الاعلان ذلك البند الذي يتحدث عن وقف الهجوم البري الاسرائيلي , اذ يحوي ذلك البند تهديدا مبطنا للمقاومة بأن هذا الهجوم على الأبواب , بل ويمنح اسرائيل الشرعية والمبرر لشنه في حال تعثر جهود التهدئة . ثم ذلك البند الذي يتحدث عن وقف الاعتداءات الاسرائيلية برا وبحرا وجوا , أما المقاومة فيضيف الى وقف اعتداءاتها البرية والبحرية والجوية !! , اعتداء من نمط جديد, وهو الاعتداء تحت الأرض , حتما لم يقصد الناطق المصري تحذير الشهداء الذين دفنوا تحت الأرض من مغبة قيامتهم وحملهم للسلاح مجددا , وانما القصد منها هو منع المقاومة من الاستمرار في حفر الأنفاق , أو بناء منصات للصواريخ , أو اي تحصينات أخرى , حيث يعتبر ذلك من الأعمال العدائية التي تخرق الهدنة وتبيح للعدو حق ضربها . يبدو واضحا أن هذا البند هو جزء من املاءات العدو وشروطه المسبقة , ويؤكد أن ثمة مشاورات قد جرت معه . أم ثالثة الأثافي في الشروط المسبقة فهو ربط فتح المعابر بالاستقرار الأمني , بكلمة أخرى ربط لقمة العيش باستمرار الرضوخ والخنوع وابقاء سلاح الحصار سيفا مسلطا على رقاب الجماهير في غزة .

من قراءة البنود السابقة فقط يمكن التنبؤ بأجواء المباحثات التفصيلية التي تعقد في اجواء التهديد والوعيد . على الأرجح سيتراوح جدول أعمالها بين مبادرة ليفني التي تطلب تجريد غزة من صواريخها وتدمير امكانيات صناعتها مجددا , و انتداب مصر والسلطة الفلسطينية للاشراف على ذلك , واقتراح موفاز بأن يتم ذلك تحت وصاية دولية شبيهة بنزع السلاح الكيماوي في سوريا .

الى ماذا تهدف هذه المبادرة الأشبة بوثيقة استسلام ؟ ولماذا في هذا التوقيت ؟ وما هي احتمالاتها ونتائجها ؟ اسئلة مشروعة تتلاحق في الذهن وتذكرنا بتلك الوثائق المتتالية التي كان يسلمها فيليب حبيب للمقاومة خلال حصار بيروت 1982 . ما اشبه اليوم بالبارحة . ولعل نتائج هكذا اتفاق ان فرض على المقاومة كما فرض عليها سابقا الانسحاب من بيروت في ظل الحصار الاسرائيلي تتشابه , وتنذر بفرز كبير بين قوى الحق والباطل وثورة شعبية ستتجاوز هذه المرة حدود فلسطين .

اولى الاجابات تتلخص في الرغبة بتجاوز أي مبادرات أخرى وقطع الطريق نحو اي اتفاق متوازن يحفظ للمقاومة كرامتها ويحافظ على سلاحها . اضافة الى تحميل المقاومة نتائج رفض هذا الاتفاق في ذات الوقت الذي سيتم تحميلها نتائج القبول به .

حتما المقاومة أدرى بظروفها , وهي لا شك تقدر المعاناة والتضحيات التي يبذلها اهل القطاع , في ذات الوقت التي تدرك فيه خطورة هذا الاتفاق على مستقبل المقاومة والقضية الفلسطينية برمتها . من جهة سيتم تحميلها مسؤولية الرفض وتبعات التصعيد الاسرائيلي , واستمرار القتال وسط حصار عربي وسحب سوداء تنذر بتصدعات في الجبهة الداخلية الفلسطينية , في ظل الترحيب الفوري للسلطة الفلسطينية بالمبادرة . وان وافقت ستخرج ألأصوات التي صمتت خلال الحرب في غزة عن صمتها , لتذكرنا بعم جدوى هذه الحرب العبثية , وتحمل المقاومة مسؤولية الدمار والأرواح التي أزهقت دون جدوى , وتعيد تذكيرنا بمقولات التوازن في القوى وضرورة الرضوخ اليها .

قديما قال القادة الصهاينة انهم يودون لو يبتلع البحر غزة , ولعل اول الأهداف الصهيونية في هذه الحرب , هو فصل القطاع عن المعركة الأساسية التي تجري في الضفة ضد الاستيطان والتهويد والاحتلال . وابقائه مستكينا مجردا من السلاح , راكضا وراء احتياجات الحياة اليومية التي يتم اتقطيرها عليه نقطة اثر نقطة , وبعيدا عن الهم الفلسطيني العام .

اافق الحل واضحة , تمسك المقاومة بشروطها مهما كانت النتائج وحتى لو استمر القتال وتصاعد , وحتى تتمكن من ذلك ينبغي أن يزداد لهيب الضفة , بيد الضفة وفلسطين الداخل الآن , مهمة انقاذ غزة ونجدتها , وينبغي ألتصدي بحزم للأصوات االنشاز التي صمت بعضها خلال القتال , ومنعها من استخلاص عبر ومبررات تتيح لها استمرار التعاون مع العدو , بل وهذه المرة الانضواء تحت جناحه .

حرب غزة هذه المرة لن تكون كسابقاتها . ستفرز على مستوى فلسطين كل فلسطين من يقف مع الاحتلال وييبر له قمعه لشعبنا واحتلاله لأرضنا , ومن يقف في وجه الاحتلال يقاومه بالبندقية والمقاطعة والكلمة و الحجر والصمود والتمسك بالثوابت الوطنية . وهذه المرة ستتجاوز ذلك الى العالم العربي لتعيد اصطفاف القوى من جديد بعد ان مزقتها الطوائف والمذاهب وأبعدتها عن طريق فلسطين مؤكدة لها أن طريق التغيير يمر عبر فلسطين وأن بوصلة متجهة للقدس لا تخطيء .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 78 / 2165395

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام الموقف  متابعة نشاط الموقع معين الطاهر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165395 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010