الجمعة 23 تموز (يوليو) 2010

هل كانت حركة «فتح» مغامرة كبرى؟ (2/3)

الجمعة 23 تموز (يوليو) 2010 par حسن خليل

بعد انتصار حركة «فتح» في معركة الكرامة 1968 لم تسجل الثورة الفلسطينية أيّ انتصارات تذكر.. نعم كانت هناك معارك جزئية في غور الصافي جنوب البحر الميت، وعمليات داخل الأرض المحتلة تنفذها مجموعة كبيرة من مقاتلي «فتح» مثل الاستيلاء على جبل، والصمود فيه عدّة ساعات يرفع خلالها علم فلسطين، ثم مغادرة المكان حين تتحرك قوات «إسرائيلية» مؤللة وجوية لمواجهتنا، وقصف شبه يومي من شرقي نهر الأردن لمستعمرات «جيشر وسمخ وبيسان»، وربما في العمق مثل مستعمرة «بتاح تكفا»، وفي لبنان كانت هناك معارك العرقوب، وقصف مستعمرات «كريات شمونة» (الخالصة) و«معالوت»، و«نهاريا»، سواء من داخل حدود لبنان أو من خلال عمليات نوعية تنفذها مجموعات فدائية من كل الفصائل داخل الوطن السليب، إلى أن كان اجتياح الصهاينة لجنوب لبنان عام 1968 واستيلائهم على ما كان يسمى بـ «فتح لاند»، وبعد ذلك الاجتياح الأكبر الذي وصل إلى بيروت حيث حاصرها طويلاً صيف 1982.

ودفعنا الثمن حين تمّ إرغامنا على مغادرة لبنان إلى مواقع عربية بعيدة عن الحدود مع فلسطين، في تونس واليمن والجزائر وليبيا والعراق والسودان والأردن.. كما دفع شعبنا الثمن باهظا خاصة في الحرب الأهلية اللبنانية وفي مذابح صبرا وشاتيلا.

وهنا يبرز السؤال : هل كانت حركة «فتح» مجرد مغامرة قام بها شبان متحمسون ليست لهم خبرة في فنون القتال؟ بل إن البعض يقول إنها كانت خدعة كبرى أو أكذوبة كبرى، خاصة بعد أن وقعت الحركة اتفاق أوسلو، ولم تحقق شيئاً من أهدافها التي قامت عليها، وكانت سبباً في انبهار الجماهير الفلسطينية والعربية بها، واندفاعها إلى تقديم التضحيات الجسام، ولا نغالي إن قلنا لقد فاقت تلك التضحيات في النفوس فقط عشرين ألفاً، وإن أوصلها البعض إلى الضعف، كما أدت إلى الزج بأكثر من مئة ألف من أبناء شعبنا في غياهب سجون الاحتلال، كما فقد قرابة مئة ألف من شبابنا ونسائنا وأطفالنا وشيوخنا أطرافهم، وباتوا يمثلون واحة ذوي الأجنحة المكسرة الذين زحف عليهم الإهمال والنسيان إلا من رحم ربي؟

نقول : هل كانت «فتح» خدعة أو أكذوبة أو على الأقل مغامرة كبرى؟ وهل كانت كل الثورات في العالم إلا مغامرات يقودها مغامرون ضعفاء أو مستضعفون ضد قوى أكبر منهم وأقوى، لكنهم يؤمنون بمنطق اللايأس واللاعقلانية؛ لأن الاستسلام لمنطق العقل يقود في بعض الأمور إلى الخنوع، والإحساس بالضعف، وإهمال الطاقات الكامنة في الشعوب، والتنكر لقوة الإرادة الذاتية، ولقد ردد قادة الثورات خاصة في الصين وكوبا وفيتنام والجزائر واليمن الجنوبي المحتل، رددوا جميعاً مقولة : لو استعملنا منطق العقل فقط ما واجه الشعب الجزائري الأعزل جيش فرنسا المدجج بأعتى أنواع السلاح.. وما واجه الفيتناميون البسطاء جيوش أمريكا بقلاعها العسكرية وعتادها الجهنمي، وأرغموا أمريكا على الهروب إلى بلادها، لدرجة أن سفيرها هرب بطائرة هليوكبتر تاركاً حذاءه على سطح السفارة.

هكذا يتحدث قادة الثورات، وبهذا المنطق قادوا ثوراتهم، ونحن نقول إن الثورة الفلسطينية لم تصل إلى شطآن النصر، ليس لأنها لم تتقن العمل بهذا المنطق، وإنما لأنها تواجه عدواً من نوع آخر.. إنه عدو استيطاني يؤمن بالإقصاء والإحلال.. يؤمن بالإبادة التي قام عليها المستعمرون في القرون الخمسة الماضية في الأمريكتين وأندونيسيا وجنوب إفريقية وأستراليا، ثم إن اليهود يشكلون قوة ضغط عالمية، وهم يرغمون كل الدول الكبرى والقوى المؤثرة على مناصرتهم ومؤازرتهم، ويصعب على شعب فلسطين منفرداً أو مدعوماً دعماً رمزياً مواجهة الخطر الجاثم على أرضهم، ولقد أدى طول المسيرة الثورية إلى تسرب اليأس إلى نفوس وعقول تيار كبير من الثوار، وبينهم عدد من القادة المؤسسين، فارتدوا على أعقابهم متنكرين لمبادئ الثورة التي ساهموا في قيامها، فكان هذا هو الخطر الأكبر الذي أصاب الثورة الفلسطينية!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2165776

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165776 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010