الثلاثاء 15 تموز (يوليو) 2014

عرفنا ما هو الوطن يا صفية!!

الثلاثاء 15 تموز (يوليو) 2014 par أحمد الدبش

“أتعرفين ما هو الوطن يا صفية ؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كله”، سعد مخاطباً زوجته في رواية “عائد الى حيفا”، للشهيد الشاهد، غسان كنفاني، صارت هذه الجملة تشير لكل المرارات التي يمر بها الفلسطيني، واختزلت معاني “فقدان الوطن” الذي عانينا منه، وأصبحنا نعيش في المنفي نبحث عن وطن في ذكرياتنا . وللأسف لم نفهم “أن الوطن ليس هو الماضي فقط، وليس مجرد تفتيش تحت غبار الذاكرة، فلسطين أكثر من ذاكرة”.

فالسكون، والانتظار المرهون بالشلل، أدى إلى ظهور قيادة فلسطينية تؤدى دوراً قاتلاً يتمثل في انهاء واغلاق ملف القضية، دون النظر إلى خيارات الشعب، فهذه القيادة العفنة تطابق شخصية أبو الخيزران، في رواية “رجال في الشمس”، الذي يعاني من نقص الرجولة (مخصي)، انتهازي، فهلوي، عاجز، مغرور، خادع مخدوع قائم على المداورة والمراوغة والكذب. كادت هذه القيادة ان تنفذ مشروعاً تصفوياً للقضية، عبر الطريقة التي انتهجتها، ونظريتها الرائدة “الحياة مفاوضات”. مثلما قاد أبو الخيزران الجميع إلى الموت. لولا طرح السؤال البديهي: “لماذا لم يدقوا جدران الخزان”؟ أي “إلى متى تظل بوادر الثورة هاجعة لا تستيقظ ؟”

أنبؤك يا غسان بأن الشعب الفلسطيني قد دق جدران الخزان هذه المرة وبكل قوته، فصواريخ المقاومة وَحَّدَت القدس بِشِقَّيْها؛ الغربي، والشرقي؛ ووَصَلَت إلي كلِّ مُدنِنا التي هُجِّرنا منها؛ وقطعت عده كيلومترات التي شبهتها “بالصراط الذي وعد الله خلقه أن يسيروا عليه قبل أن يجري توزيعهم بين الجنة والنار. فمن سقط عن الصراط ذهب الى النار، ومن اجتازه وصل الى الجنة”.

فالعودة إلى حيفا أصبحت واقع يكسر كل معاني الهزيمة المسخ، فما عليك إلا ان تحتضن الصاروخ الذي اطلقته يد مقاوم وجد بندقيته الضائعة الذي وصفته، في رواية “العروس”، بأنه: “محاط بشيء يشبه الغبار المضيء... ذلك الرجل المحاط بما يشبه النور... من الذي سيعيره بندقية في ذلك الطوفان الذي لا تنفع فيه إلا البندقية؟ هي وحدها التي كانت تستطيع أن تحمل الإنسان عبر ذلك الموج، الى شاطئ النجاة أو الى شاطئ موت شريف.”

والزورق الصغير الذي“يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود”، أصبح الآن يتسع لأربعة مقاتلين يرسو بهم على شواطئ عسقلان، وشعارهم “أموت وسلاحي بيدي، لا أن أحيا وسلاحي بيد عدوي”. خلفهم الأم، التي استعصت على التطويع والانحناء، رغم كل ما حاق بها، والتي وصفتها في روايتك “أم سعد”، “إن أم سعد ما تزال شامخة، تمشي بقامتها العالية، كرمح يحمله قدر خفي (....) تصعد من قلب الأرض، وكأنها ترتقي سلماً لا نهاية له”.

المقاتل اليوم يذهب إلى المعركة مودعاً حبيبته، قائلاً: “سأظل أناضل لاسترجاع الوطن لانه حقي وماضيّ ومستقبلي الوحيد… لأن لي فيه شجرة وغيمة وظل وشمس تتوقد وغيوم تمطر الخصب… وجذور تستعصي على القلع.” [رسائل غسان إلى غادة السمان]

إذن الوطن “هو المستقبل”، كما قال خالد في روايتك “عائد إلى حيفا”، فقد حمل خالد السلاح، واليوم “عشرات الألوف مثل خالد”.

اليوم، عرفنا ما هو الوطن يا صفية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 350 / 2165587

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع نوافذ  متابعة نشاط الموقع أحمد الدبش   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2165587 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010