الثلاثاء 15 تموز (يوليو) 2014

حقائق حول «فتح» والمقاومة

الثلاثاء 15 تموز (يوليو) 2014 par أيمن اللبدي

الكمّ الكبير الذي يتم تداوله منذ فترة حول حركة «فتح» وطبيعة موضعة موقفها من المقاومة وإنجازها في مشروع التحرر الوطني أصبح لافتا في الفترة الأخيرة ، وربما منذ بدء عملية «سيف الله المسلول» والتي بدأتها «فتح» غير المرئية بالنسبة لمعظم هذه التداولات على صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي بل وحتى بعض الفضائيات، ازدادت هذه التداولات ذات الخطأ المنهجي القاتل والذي يبدو أنه لا يريد الكثير من الناس التوقّف عنده، بعض هؤلاء لا يريد هذا التوقف لأنه لم يره أصلاً، والبعض الآخر يبدو أنه رآه وبحسن النيّة وغلبة محبة الشكل «الفتحاوي» المختزن في الذاكرة عليه، تراه ينادي ويتمنى وتغلب عليه التحسّرات أو التحذيرات في سبيل الحصول عليه استدعاءً من الذاكرة إلى واقع الحال، وآخرون يعلمون هذا الفرق علم اليقين ويصرّون على اختراقه وخرقه مراراً وتكراراً كلٌ لحساب أو لغاية.

ما هو هذا الفرق الكبير؟
إنه ببساطة عدم التفريق بين «فتح» الحركة، وبين الفتحاويين والحالات الفتحاوية، وهذا خطأ أو خلل كبير يقود حتماً إلى الخلوص بنتائج غير موضوعية فضلاً عن أنها غير مفيدة، بل على العكس إنها مدعاة في كثير من الأحيان لإشاعة الإحباط وتكريس اليأس والقنوط بدلاً من إثارة الهمم واستثارة الضمائر، وذلك لعمري لا يمكن أن يكون في نتيجة الحصيلة والخلاصة في مصلحة أي غرض وطني عام فضلاً عن أن يكون في مصلحة حركة التحرر نفسها، إذ السؤال الهام والمحوري سيكون عند إصرار بعضهم على تداول قوالب خشبية جامدة في المقاربة من مسألة حركة «فتح» وفق قالب من نمط« فالج لا تعالج » مثلاً، سيكون في نهاية الأمر على النحو التالي: أيّ مصلحة في تحطيم هذه المسيرة أو في إتلاف أي طريق من أي نوع أمامها لتصحيح إنحرافات الحالات الفتحاوية وانفلاشات بعض الفتحاويين؟

إن حركة «فتح» لا يجادل حولها منصفان في مسألتين في غاية الأساسيةك الأولى أنها صاحبة البداية لمسيرة الثورة الفلسطينية بحق، وليست أيّ بداية، بل بداية حرب التحرير الشعبية وكفاحها المسلح، والثانية أن «فتح» الحركة هي جملة ما تقوله منطلقاتها ومبادئها وأهدافها وأساليبها، وهي ذاتها اللغة التي استخدمها وتآلف عليها الفتحاويون الحقيقيون وتعاقدوا مع «فتح» على إظهارها وحراستها مهما كلفهم ذلك من غالٍ ونفيس، وهكذا ومن هذا الباب قدّمت «فتح» باكراً قادتها وأعضاء لجنتها المركزية ومجلسها الثوري قبل كادرها إلى مذبح الشهادة، وصاغت بذلك عنوان ما تكون عليه حركة التحرير الوطني، ومسيرة الشعب الذي استنهضته «فتح» هذه نفسها وفق هذا المنهاج من وضعية اللاجئ المشرّد، إلى وضعية المقاتل من أجل الحرية.

إذن من الجحود بمكان أن نتحدث عن «فتح» في إزاحة كبيرة عن هذا المتن الضخم واعتباره غير ذي وجود في وقت الذهاب فوراً إلى استجلاب وضع بعض الفتحاويين وبعض الحالات الفتحاوية لمحاكمتها على أنها هذه الفتح فهل هذا معقول؟

هذا من جهة أولى، أما من الجهة الأخرى فإنه من غير المنطقي ولا المعقول ولا المنهجي لأي باحث أو سياسي أو إعلامي في هذا العالم وبالذات في الساحة الفلسطينية، أن يأخذ طريقه لتناول حالات فتحاوي بعينها أو فتحاويين بعينهم ويهمل كتلة فتحاوية كبيرة وواضحة ولها أثر لا يمكن إغفاله على الإطلاق مستخدما جملة معترضة أصبحت لازمة في أحاديثهم أو كتاباتهم هي جملة «شرفاء فتح» مبتورة متكونة من مضاف ومضاف إليه، ويكون معرض استخدامها عادة في سياق فتح الخناق عند قصف هذه الفتح بنوع من رفع العتب لا أكثر ولا أقل، ولم أشهد أحداً حتى الآن في عموم هذه الساحة الفلسطينية يشير بلسانه أو بيده أو بجزء من دماغه إلى نوعية هذه الجملة ومقتضاها أو إلى من يكون في نظره مستحقاً لهذه التسمية ليستعيض عن مجهولها المفتوح بمعلومها المقتول ولو كلفه ذلك دقيقة من وقته، غير معقول هذا الحادث وهو صادم بالمطلق، ولعلي أشير إلى حكاية طريفة مفادها أنه قبل أن انطلق تيار المقاومة والتحرير في حركة «فتح » بإبراز عنوانه، وتقدّم عدد من الأخوة ليكتبوا بيانه الأول بأسمائهم الواضحة والتي وصل عدد الموقعين عليها في حينه بضعة عشرات، كان السؤال الفاقع الفج الذي يأتيك به أحدهم عندما تحاوره وتقول له ثمة« فتحاويون » قابضون على جمر فتحاويتهم ولا علاقة لهم بصورة المهازل الحاصلة تجنيا على «فتح» وعلى فتحاويتهم ، كان يقول لك وأين هم هؤلاء؟ هل هم أشباح؟ مع من تريدنا أن نتعامل؟ ويالله بعد أربع سنوات بالتمام والكمال من هذا الاعلان لا زال بعضهم يستخدم ذات السؤال ولا أدري أهو استغبائي أم استفزازي وكلاهما فضل نزق.

حسنا،« فتح» هذه التي لم تمت ولم تنته بفعل حماقات بعض الفتحاويين وجرأتهم على حركة استخفّوا بالاسم الذي أعطته إياهم من أشلاء الشهداء وأرواحهم، هي نفسها التي احتفت بتجمّع عشرات أو مئات منهم مرة أخرى حاملين تجارب لافتة يمثلونها في هذا التيار الذي أطلقوه، فمن قادم من تجربة الكتيبة الطلابية وقوّات الجرمق، إلى قادم من تجربة القطاع الغربي والانتفاضة الأولى، إلى قادم من تجربة العاصفة والامن الموحد وسفارات الثورة ومواقعها، رفضوا الواقع الذي حاول فتحاويون آخرون إغراق فتحهم فيه وأصرّوا على قبض الجمر في عالم المغارم، هؤلاء جاءوا من تجربة الفرسان الثلاثة مثلا الذين وضعوا كبير همٍ في إطلاق سرايا الجهاد واحتفلوا بانطلاقة حركة الجهاد أخوتهم بعد استشهادهم! ومنهم من خاض الحوارات في الوطن المحتل بضعة سنوات حتى الانتفاضة الأولى مع حركة الاخوان المسلمين فرع فلسطين لتنطلق حركة المقاومة الاسلامية «حماس» تاليا إلى الميدان ملغية تعطيل كتلة مهمة من مقدّرات وثقل الشعب الفلسطيني التي سادت عشرات السنوات تحت مقولة لم يحن أوان الجهاد بعد فتصير هذه الحكاية بالنسبة لهم أجمل الهدايا ويغدوا فرحين بما تحقّق وليس بما أتوا! فبأي آلاء هذا النفر تكذّبان؟

حسناً قال الاخوة في قيادة الجهاد وحماس عشرات المرات أنهم في الضفة المحتلة ضمن دائرة الحرب عليهم في أجهزة أمن سلطة محمود عباس وجماعته من الفتحاويين الضالين الطاغين المنسقين والمنسقات، وكرّروا ذلك علنا غير مرة وهذا صحيح، لكن الصحيح المكمّل له أن «فتح» وفتحاويي المقاومة كانوا دوما على رأس قائمة استهداف عباس وسلطته وأجهزته وبكل الوسائل ببركار مفتوح من حدود القتل إلى حدود الإفساد أيهما نجحت في الوسائل، ومع ذلك فإن جزءً لا بأس به من حراكات الشارع الفلسطيني في الضفة المحتلة والقدس بل وحتى في فلسطين السليبة يشهد بكل جوانحه وجوارحه لدور مهم في ذلك كلّه لهذه الفتح ولهؤلاء الفتحاويين فلم غمط الناس حقهم ولم الاصرار على مناداة البائع المنهي أن يعود عن بيعه بدل ملاقاة الشاري المنتهي في الطريق المشترك؟ أيّ تقدير وأيّ ميزان في هذا كلّه؟

والشيئ بمثله يذكر، فما انفك الناس في ضيق وخاصة عقب الأحداث التي شهدتها غزة وأسمتها «حماس » بالحسم قبل ثماني سنوات، ولا نلوم في الحرص والتدقيق سيما وأن بعض الفتحاويين هناك في القطاع انجرّ إلى منظومة حالات فتحاوية بعينها فغدت بالنسبة إليه «حماس » كحكومة من الاخصام، لكن ثلةً كبيرة من هؤلاء الفتحاويين أحسنت التمييز في الأمر فانحازت إلى فتحها على حساب خصومات الفتحاويين أو بعضهم، فالأولى في الميزان تعني خطا صحيحا واضحا لا يمكن لأحد أن ينال منه شبهة ولو بحجم بعوضة فما فوقها، والثانية الأخرى كانت وستبقى بمثابة صيحات القبائلية الفصائلية التي هي حمّالة الكثير ومنها الحطب، هذه الفئة التي قامت على شؤون حركتها بعيداً عن التهريج الكبير والضجوج الواسعة هي فئة من المؤمنين الذين صدقوا عهدهم، إنها كتائب الشهيد عبدالقادر الحسيني وأبطالها المجاهدين وفي مقدمتهم أخونا الحاج أبو صهيب زقوت، وهؤلاء اليوم وكأنهم يكتشفون فجأة وليس كأنهم ساروا مع أخوتهم في التيار مشوارا طويلا في العمل الجاد لأجل «فتح» التي آمنوا بها طريقا لحرية شعبهم رغم واقع الحصار الذي عانوه أولا من هذه الحالات الفتحاوية التي يلعنها اللاعنون وثانيا من العدو وزبانيته، فماذا بعد ذلك أنتم قائلون؟

منطق الذين لازالوا ينزلون« فتح» عند عباس وزمرته ومجموعة خطفة الشرعية الحركية عبر تزوير المؤتمرات ونسج العلاقات المشبوهة المستقوية بالمال وديكتاتورية الجغرافيا وحسابات العدو المساندة، منطق أعوج وليس منطقا صائبا على الاطلاق ولا خير فيه، في الواقع فإن فعل هؤلاء يبدو اليوم ميسراً لمجموعة الاختطاف الشهيرة إياها الطريق بالزعم أن هذا الاسهام يعبّر عن« فتح» التي يحتلون اسمها ، هذا هو موضع تبرير قفزات القافزين مؤخرا بالقول غن حركة عباس تقاتل في غزة على لسان بعضهم وناطقيهم، ويا للعجب فإن من سكتوا على ذلك أو حجبوا مواد أو إسهام هؤلاء الشباب في كتائب الحسيني والعاصفة كأنما يريدون التمهيد لعباس نفسه كي يختطف شرعية ثورية بعد أن اختطف شرعية حركية، ولكي تصير هذه البراعم الفتحاوية الأصيلة إن فعل ذلك إلىى ما سار إليه تنظيم« فتح» نفسه من انفلاش وعشائرية وإفساد وترهل، فتصبح عوامل التخريب بيد عباس وزمرته مكتملة الأركان حتى لا تقوم بعد ذلك لفتح الحقيقية قائمة وتتربع « فتح» الاخرى التي تناشدونها أن تكف عن استراتيجية التسوية والتنسيق الامني وتلتحق بالانتفاضة ومشوارها قد انقضى أمره؟ أفتكونون أيها السادة وأخاطب أصحاب النوايا الحسنة ، أفتكونون عاملا مضافا يزيد من البلوى بدل أن تكونوا عاملا يحمي السراط المستقيم؟

حسنا يعترف العدو وتقول صحافته أن ثمة «فتح» تقاتل في غزة وتؤذينا ويعتّم أفعالها الاعلام، وتقول متابعات تقدير الموقف للصهاينة وأجزهتهم الامنية في الضفة أن كادر «فتح» هناك بات لا علاقة له بعباس ولا بأطره المترهلة وأنه يندفع إلى الميادين تحت تأثير زخم معنوي جديد وغريب، نحن نعرف السبب ونعرف أن أكثركم يعرف السبب، والحمد لله كله من زكاة مالنا على حسب تعبير أحد الأخوة الأعزاء لا يد فيه ولا منة ولا قنطريرا، ولكننا في واقع الأمر ننقل ما قاله أخوتنا مؤخرا في كتائب الحسيني وقوات العاصفة، لا بأس لا نريد شكرانا ولا نريد جزاءً وفاقا، ويسعدنا أن نكون الجنود المجهولين، وهذا حق فعلا ولم يجبرنا التطرق إليه اليوم إلا سبب واحد وحيد، أتدون ما هو أيها السادة؟ إنه سبب أن يكون الإنكار سهما إضافيا في إظهار حالة عباس وفتحاوييه على حساب «فتح» الثورة وفرسانها الذين لا زالوا قابضين على الجمر فيها ولها، فهل هذا المصير هو ما تبحثون عنه يا سادة جملة «فتح الشرفاء» ؟


titre documents joints

16 تموز (يوليو) 2014
info document : PDF
306.3 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 51 / 2165477

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مستشار التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165477 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010