الاثنين 14 تموز (يوليو) 2014

نتنياهو يدير ظهره للعالم

الاثنين 14 تموز (يوليو) 2014 par محمود الريماوي

عندما يعلن بنيامين نتنياهو أنه لن يخضع للصغوط الدولية لوقف حربه على قطاع غزة، فذلك يضعه ويضع حكومته خارج ما يُتعارف عليه بالشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي، كما يعبر موقفه السياسي هذا عن طبيعة علاقة تل أبيب بكل من المنظمة الدولية والأمم المتحدة، والحليف الأمريكي لتل أبيب .
وابتداء، فإن المواقف الإقليمية والدولية لم ترق إلى مستوى الجريمة المتوالية فصولاً، ولم تظهر في واقع الأمر مواقف تتسم بما يمكن اعتباره ضغطاً، خلا مواقف قليلة منها الموقف التركي الذي عبّر عنه أردوغان بقوله إن الحرب على غزة لن تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب .
بما يتعلق بالأمم المتحدة، فقد خرجت مواقف عبّرت عنها مفوضة حقوق الإنسان نافي بيلاي بقولها: إن حصيلة القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين الفلسطينيين في غزة تثير شكوكاً جدية بمدى التزام “إسرائيل” بالقانون الدولي . غير أن هذا التقدير الذي صيغ بحذر شديد ليس مقدراً له أن ينعكس على المواقف الدولية أو على مجلس الأمن، إذ تسعى واشنطن إلى شراء الوقت وإرجاء إصدار قرار أو حتى بيان من مجلس الأمن، إلى أن يحقق نتنياهو أهدافه في إلحاق أكبر قدر من الدمار والتسبب في مصرع عدد أكبر من الضحايا في القطاع، فيما لا تجد روسيا والصين دافعاً قوياً لاتخاذ موقف ينتصر للعدالة ويُجنّب المدنيين الفلسطينيين إرهاب الدولة الصهيونية المعتدية . فليس هناك من نفوذ روسي، أو سوق واسعة للسلع الصينية في قطاع غزة وعلاقة الدولتين بتل أبيب ليست سيئة أو فاترة .
اما الحليف الأمريكي فقد خرج عن الرئيس أوباما تصريح يفيد باستعداده للتوسط بين الجانبين، وهو من التصريحات النادرة للإدارة في نظرتها إلى الجانبين بقدر من التكافؤ . غير أن الوزير جون كيري منح مشروعية للعدوان على غزة واعتبره عملاً دفاعياً . ويبقى الفيصل في المواقف الفعلية في مجلس الأمن، وفي ممارسة تأثير على تل أبيب وهو أمر مستبعد، وحتى لو حدث افتراضاً فإن نتنياهو سارع لرفض ما يسميه الضغوط، وفي البال الموقف الذي اتخذته الإدارة الديمقراطية في مسستهل الولاية الأولى بخصوص الاستيطان، ثم تراجعت عنه بعد إبداء
قدر من الصمود، وقد خرجت الوزيرة “المحنّكة” هيلاري كلينتون قبل أسابيع قائلة إن الموقف الأمريكي المناهض للاستيطان آنذاك، لدى توليها حقيبة الخارجية . . كان خاطئاً!
من أفغانستان إلى العراق إلى أوكرانيا تتخذ الإدارة الديمقراطية في الولاية الثانية الحالية موقفاً حمائمياً، مفسحة المجال لأطراف إقليمية ودولية باتباع أسلوب العسكرة، وفي طليعة هذه الأطراف الكيان الصهيوني، الذي له أن يشن الحروب وقتما شاء وفي أي اتجاه نحو “الجيران” ودول الجوار، ولن يلقى سوى الدعم الفعلي، والملاحظات الدبلوماسية الخفيفة، والتغطية السياسية في المحافل الدولية خصوصاً في الأمم المتحدة .
في هذه الغضون وصف وزير الخارجية المصري سامح شكري الموقف الدولي بأنه يعكس “صمتاً مريباً” . وتحدث عن اتصالات تجريها بلاده لترتيب وقف لإطلاق النار . ولا يعلم أحد كم من الفظائع تعتزم تل أبيب ارتكابها بحق المدنيين والبيوت والمرافق المدنية، قبل أن تبدي استعدادها لبحث وقف إطلاق النار (حتى فجر السبت 12 يوليو/تموز كانت الطائرات الحربية قد شنت أكثر من 850 غارة على القطاع الذي لا تزيد مساحته على 360 كيلومتراً مربعاً، وبمعدل غارتين إلى ثلاث غارات على الكيلومتر المربع الواحد حتى تاريخه) . المأمول والمنتظر أن تعمل مصر على فتح معبر رفح بصورة منتظمة على الأقل في هذه الظروف الحرجة، بعد أن بلغ عدد الجرحى المئات، وبعد أن أعلن الصليب الأحمر الدولي أن الجهاز الصحي في القطاع على وشك الانهيار، علماً بأن المرافق الطبية ليست بمنأى عن الاستهداف . كذلك الأمر بما يتعلق بالكادر الطبي خصوصاً المسعفين .
إن الوقت من دم، والتحرك إما أن يكون عاجلاً، أو أنه لن يؤدي إلى شيء . لمصر كما للأردن دور لا بد من تأديته من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار أو هدنة تلجم التغول الصهيوني . وسبق للوزيرة الأمريكية السابقة كلينتون أن عملت بالتنسيق مع أطراف إقليمية على ترتيب هدنة بين الجانبين قبل نحو عامين وهو أمر قابل للتكرار خاصة أن قطاع غزة أصبح مشمولاً بالولاية السياسية للسلطة الفلسطينية في رام الله . إن من شأن تواصل العربدة الدموية الصهيونية إضافة إلى جريمة تقتيل المدنيين، أن تنشر موجة جديدة من الاحتقان ثم العنف وحتى التطرف . والصمت الدولي معطوف على السلبية العربية الرسمية، يتحمل قسطاً من المسؤولية عن هذه المخاطر الداهمة . ولا يُعقل اقتصار توجيه اللوم إلى جماعات مسلحة بالتطرف، مع تبرئة الدول من هذه الخطيئة متى انزلقت إلى التطرف كما هو حال حكومة نتنياهو، وهذه لا تملك من برنامج أو مشروع سياسي سوى التطرف الأسود الأعمى، الذي لا يُنكر حقوق الغير فحسب، بل يُنكر عملياً وجود هؤلاء وحقهم في الحياة والكرامة الإنسانية والوطنية .
إن ثمة تقصيراً واضحاً في الاستجابة للتحدي، يبدأ بتوجيه العرب أسلحتهم هنا وهناك في الديار العربية، بينما يتم الاستنكاف عن توجيه طلقة واحدة نحو العدو اللئيم، وها هو التقصير يمتد ليشمل الجهد السياسي والدبلوماسي والفعال لمواجهة هذا التحدي الشرس، فإلى أي هاوية نمضي؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165532

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165532 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010