الخميس 22 تموز (يوليو) 2010

أكفان صغيرة لأطفال غزة

الخميس 22 تموز (يوليو) 2010 par جمال الشواهين

قوافل كسر الحصار عن غزة وإرسال المساعدات إليها أضحت بلا تأثير كما كان عليه الحال عندما انطلقت أول مرة، ويبدو الآن أنها استنفدت أغراضها، وما عادت تحقق الأهداف المرجوة، ما يستوجب البحث عن بدائل للتضامن والانتصار للشعب المحاصر الذي يعاني حرارة القهر والجوع والإهمال.

ويبدو أن العدو «الإسرائيلي» في تعامله مع القوافل قد تمكن من امتصاص ردود الفعل الدولية في كل مرة كان يتعرض فيها للمتضامنين، وآخرها وأخطرها على الإطلاق ما أوقعه واقترفه من جرائم ضد قافلة الحرية، وعلى ظهر سفينة مرمرة التركية، التي خرج بعدها دون عقاب من أي نوع، باستثناء الموقف التركي من الاعتداء الذي أودى بحياة مواطنين أتراك، وغير ذلك فإن العدو وجد من يغطي إجرامه ومواقفه وتبريراته من الحصار، ومن هؤلاء عرب رسميون وقادة من سلطة رام الله وغيرهم، ليظل الموقف الأمريكي الأكثر سوءاً، عندما لم يحرك ساكناً من أجل السكان في غزة، أو الوقوف إلى جانب فك الحصار في أي مناسبة، وبدلاً من ذلك تجده يبرر العدوان «الإسرائيلي»، ويذهب أبعد من ذلك، وهو يستقبل نتنياهو، وكأن جرائمه ضد الأطفال العزل، وانتهاكه للقوانين الدولية مقبولة لدى الإدارة الأمريكية، التي لم تجد غضاضة بالتعامل والترحيب مع مقترفها.

كما أن الموقف المصري بمنع وصول المساعدات وعدم السماح للقوافل والمتضامنين بالدخول إلى غزة، وإغلاقها الموانئ والمعبر البري، بات أمراً روتينياً، ولا يشكل أي حرج للقيادة المصرية، وهي في كل مرة تمنع فيها وصول المساعدات أو دخول الناشطين للأراضي المصرية، لا تجد مجرد لومة لائم، وباتت الاعتصامات والتظاهرات أمام سفارتها في أي مكان من الأمور المعتادة، التي سرعان ما تجد من يفضها ويردها على أعقابها دون نتائج من أي نوع.

المواقف العربية الرسمية برمتها، لم تعد هي الأخرى محل متابعة أو اهتمام، فقد بات عادياً أمر الاستمرار في سلبيتها وحيادها، كما أن سماحها بجمع التبرعات أو انطلاق المساعدات والقوافل من أراضيها أو منع ذلك سيان، فلا هذا ولا ذاك بأي قدر من الأهمية والتأثير في أي مستوى من المستويات.

السلطة في رام الله عاجزة في الأساس عن تقديم أي مساعدة للشعب في غزة، وهي غير ذلك ما عادت معنية بالأمر أساساً، فيكفي أن تردد أنها على خلاف مع حركة «حماس»، من أجل أن تغطي عجزها وقلة حيلتها وعدم قدرتها على تحمل المسؤولية.

البحث عن بدائل ذات جدوى أكبر هو الأمر الأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة من أجل الانتصار للأهل في غزة، خصوصاً أن مشاريع القوافل تحولت إلى مجرد أعمال استعراضية أكثر من عملية في كثير من الحالات، وغير ذلك فإن التقرير الذي تحدث عن طبيعة المواد التي دخلت إلى القطاع يكشف مدى الاستعراض، والالتفاف على الأهداف المرجوة في مساعدة القطاع.

لقد كشف التقرير الصحفي الذي بثته قناة «الجزيرة» يوم أمس، أن المواد الطبية المرسلة كمساعدات غير صالحة للاستعمال، وأنها منتهية الصلاحية، وأيضاً وجود أدوية لأوبئة انتهت، مثل إنفلونزا الخنازير والطيور، وكذلك عن أجهزة طبية لا تعمل، ولن تعمل أبداً، وفي المجمل، فإن أكثر من 70 بالمئة من المواد الطبية التي دخلت غزة هي غير صالحة، وتتحمل حكومة القطاع أعباء إتلافها بالإمكانيات المحدودة جداً.

إذا كان هذا هو حال المواد الطبية فإن حال المواد الغذائية وغيرها ليس أحسن حالاً، وعليه فإن المطلوب الالتفات إلى أن غزة ليست سلة نفايات، وإنما مساحة عربية تتعرض للعدوان «الإسرائيلي» على مرأى ومسمع الزعماء الذين يتابعون الحصار، ولا يحركون ساكناً لكسره.

ولأن الرهانات على العمل الرسمي ساقطة في الأساس، وإمكانية عودته للتأثير قليلة أو معدومة، فإن المطلوب البحث عن وسائل ناجعة لردع العدوان، وإرغام العدو على إنهاء الحصار، والكف عن جرائم القتل التي لم تعد تحرك ساكناً هي الأخرى في نفوس الذين فقدوا وجدانهم وباتوا بلا إحساس عندما يشاهدونها بثاً حياً ومباشراً.

إن أغرب ما في تقرير «الجزيرة» عن المساعدات التالفة هو وجود مساعدات عبارة عن أكفان بطول متر وربع المتر من القماش الأبيض، وهذا القياس يخص الأطفال، فمن يا ترى الذي تبرع بها، وأي إحساس ذاك الذي يدفع لإرسال الأكفان بدل النداء للجهاد والمقاومة؟!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 52 / 2165303

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165303 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010