الأحد 13 تموز (يوليو) 2014

سحور منقع بالدم

الأحد 13 تموز (يوليو) 2014 par خيري منصور

ما يتغير فقط بين عدوان وآخر على غزة هو منسوب ردود الفعل سواء على مستوى المنطقة والإقليم أو على الصعيد الدولي، أما نشرة الأخبار الراصدة لتحولات المشهد فهي ذاتها ولا يتغير فيها غير الرقم، سواء تعلق بعدد الشهداء والجرحى أو بعدد المنازل التي تدمر على من فيها .
الولايات المتحدة تعيد المعزوفة ذاتها في كل عدوان، وهي حق تل أبيب في الدفاع عن نفسها، وهذه عبارة مرنة ومطاطية تماماً كمصطلح الإفراط في استخدام القوة الذي لا يحدد نوعية الأسلحة المستخدمة وهل هي منجنيق أم مدفع أم فانتوم؟
ورغم أن فلسطين واحدة ولا يخضع لجغرافيا الانقسام السياسي بين ضفة وقطاع إلا أن أحد أبعاد هذا العدوان يتجه نحو رام الله، فالسلطة الفلسطينية تلقت عدة تحذيرات من نتنياهو في أعقاب المصالحة، ومنها ذلك الخيار الأخرق الذي اقترحه نتنياهو على عباس وهو المصالحة مع حماس أو السلام، أما المساحة الرمادية بين حدي هذه المعادلة أو هذا الخيار فهي متروكة للدبابات والطائرات وأطنان الديناميت .
قبيل الشروع ميدانياً في هذا العدوان على غزة كان نتنياهو قد أعلن عن رغبته في أداء واجب العزاء لذوي الطفل الذي أُحرق حياً محمد أبو خضير .
وبالطبع وكما قال د . أحمد الطيبي كان ذوو الشهيد سيرفضون وجوده في خيمة العزاء، لكن ما حدث بالفعل هو أن عصابات نتنياهو قصفت الخيمة بقنابل الغاز، ربما لأن مجرد رؤية جنود الاحتلال لخيمة يذكرهم على الفور باللاجئين أو بالخيمة العربية بكل دلالاتها الثقافية والقومية .
عدوان يصعب أن نحدد رقمه في المسلسل الأسود فقد يكون الثالث أو العاشر أو الألف، فالمسألة ليست مقارنة بين اجتياح يحدث بالتقسيط وآخر بالجملة، وهو أيضاً ككل ما سبقه ليس بحاجة إلى ذريعة، لأن ثقافة الاحتلال تعبر عنها بدقة عبارة قالها الكاتب كونديرا وهي أن هناك عقاباً جاهزاً يبحث عن متهم، وهو أشبه بقبعة تبحث عن الرأس المناسب، تلك هي ثقافة السطو في كل الأزمنة، وقد تحتال على الواقع بحيث تبحث عما يسمى الشرعية المستدركة، أو التي تأتي بأثر رجعي بعد أن يكون الستار قد أسدل على المجزرة .
إن من فكر للحظة بأن يرتدي قناع الحمامة ليعزي بطفل عربي أحرق حياً يقتل الآن عشرات الأطفال ويحول مهودهم إلى قبور صغيرة، وهناك طفلة شاهدها العالم كله كسر كتفها وقذفت عن سريرها أمتاراً عدة بسبب قوة انفجار كان يبعد عن منزلها أكثر من نصف ميل . هكذا يصر نتنياهو على أن يكون فطور الفلسطينيين على دم، وسحورهم من دمع، وأعيادهم مآتم .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2181095

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2181095 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40