السبت 12 تموز (يوليو) 2014

مذبحة غزة... في الزمن القادم من الموت

السبت 12 تموز (يوليو) 2014 par صالح عوض

أكثر من 2000 طن من القنابل نزلت على رأس غزة.. أربعة ايام من القتل الذي يضاف إلى الجوع المستفحل وإغلاق المعبر المميت وغياب إمكانيات مواجهة الحرب على الصعيد الصحي والمعيشي عموما.. غزة تذبح على حجر من الوريد إلى الوريد وأهل غزة يتقاذفون مع الشظايا والصواريخ.. من لا يقتله الموت يصارعه الرعب والجوع والعنف الجنوني لآلة الحرب الصهيونية.. فما الذي يجري؟ مذبحة غزة تأتي في الزمن القادم من الموت الذي يجتاح بلاد العرب والمسلمين منذ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق.. اجل، انه زمن الموت المجنون.

- الموقف العربي والإسلامي

الملفت ان هناك تخليا واضحا من قبل الحكومات العربية والإسلامية تجاه ما يحدث في غزة من مذبحة همجية قلّ نظيرها.. ففي حين كانت هذه الأنظمة تسرع في تقديم الأموال والسلاح للمتمردين المسلحين في سوريا وليبيا وسواهما، كانت تلك الأنظمة تدعي بأن العدوان المسلح من قبل الأنظمة على الشعب يستدعي تسليح الشعب ليدافع عن نفسه.. وقدمت دول الخليج مليارات الدولارات للمجموعات المسلحة.. والآن هي القدس وفلسطين وغزة، لذلك فلا حراك ولا موقف حتى بالكلام.. والأمر لم يقف عند حدود الموقف الرسمي، بل امتد الى الأحزاب العربية والاسلامية منها على وجه الخصوص، حيث أصابها البكم والصمم.. فلقد ملأت أسماعنا هذه الأحزاب ضجيجا عن ضرورة مواجهة الحكام الطغاة بالسلاح في سورية وغيرها.. لدرجة ان بعضها رحب بالتدخل الأجنبي.

الموقف العربي والإسلامي مخجل، وهو يعبر عن حالة من التردي غير المسبوق، ولولا مظاهرات قامت بها الجماهير الحرة في اليمن ولبنان، لكان من الممكن القول بغسل اليد من العرب والمسلمين.. ولعل هذا هو أحد أهم نتائج الربيع العربي الذي أعاد صياغة الوعي والمشاعر والأولويات لدى القوى، بل والشعوب، فبعد الفتنة الكبرى التي طالت المجتمعات العربية وبرزت قوى الجهل المسلح، اندفعت شعوبنا إلى حرب داخلية في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وضرب الخوف والقلق صميم أرواحهم، وكان هذا في حد ذاته مطلوبا ليتم فيما بعد توجيه ضربات عنيفة ضد الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.

اننا نستطيع القول ان إشغال العرب إلى حد بعيد بأنفسهم سهل على اسرائيل القيام بما تقوم به من جرائم جنونية لم تشهدها الحرب العربية “الاسرائيلية”.. وهذا يعني أن موتا على الأقل مؤقت للفعل والوعي العربيين في مواجهة قضية فلسطين، ولعل الفلسطينيين المرابطين المقيمين في فلسطين وفي شتاتها يدركون اكثر من غيرهم ان الموقف العربي لم يكن في يوم مناسبا لحجم المعركة.. فها هو الموقف الرسمي العربي الاسلامي من موقف مؤتمر التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والحكومات والأحزاب لا يمكن النظر اليه الا على اعتبار انه موات ذليل.

- موقف محور الممانعة والمقاومة

في اللحظات التاريخية الحاسمة ينبغي ان يتوقف التكتيك والمناورة ويصدح الموقف الحقيقي والمبدئي وتتقدم شروط الواجب على الإمكان، اذ ليس بعد الموت موت.. في هذه اللحظات العصيبة والفارقة لا يستطيع محور الممانعة والمقاومة أن يقف مكتوف الأيدي وهو من يدعي ان قضية فلسطين هي قضيته المركزية، فماذا ينتظر بعد الذي يجري؟ هل ينتظرون فناء المقاومة الفلسطينية، وسقوط الشعب الفلسطيني؟ لا قيمة للكلام التبريري هنا، ولا قيمة للبيانات والتصريحات، فهي لا تصد صاروخا ولا تطعم بطنا خاويا.. المطلوب مباشرة ان توجه الطائرات السورية والمدفعية السورية والقنابل السورية فعلها نحو ساحة المعركة الحقيقية، كما ان على حزب الله اللبناني ان ينسحب من المعركة الخطأ ويفجر بصواريخه قلب المستوطنات الصهيونية.. المطلوب من الحركة الاسلامية الأردنية التي تقف على الحدود مع فلسطين فتح جبهة الأردن ضد الكيان الصهيوني، فمن غير المفهوم ان تقوم الحركة الاسلامية الأردنية وهي تحوي في معظمها فلسطينيين هكذا موقفا متخاذلا لا قيمة له، فيما هي تمتلك امكانيات تنظيمية فائقة وجبهة طويلة مع العدو، فلماذا لا تصبح هذه الجبهة جبهة الحشد الذي أخبرنا عنها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.. ان ذلك هو السبيل الوحيد لإنقاذ سورية ولبنان والأردن، بل والمنطقة كلها من التفسخ والتشظي، وحينذاك لن يكون أمام المجموعات المسلحة إلا أحد سبيلين، إما الانسحاب من الميدان، او الانحياز لإسرائيل، وفي كلا الحالين يكون الخير لسوريا ولخط المقاومة...

- الموقف الدولي

لم يقبل الأمريكان مجرد طرح الموضوع للنقاش في مجلس الأمن، ولم تستطع المنظومة الدولية ان تقوم بأي مبادرة لإيقاف المذبحة او بالمعنى الأصح لم تحاول.. وعلى الصعيد الرسمي الأوروبي هناك مواقف خجولة مترددة تصدر من هنا وهناك، لكنها دون الموقف المطلوب بحدوده الدنيا، الأمر الذي يكشف طبيعة الموقف الغربي الذي يكيل بمكيالين.. رغم علو صوت الأحرار من مثقفين وصحفيين في الغرب، الا ان ذلك كله دون حد الفعل المؤثر على صناعة القرار.

- الموقف الفلسطيني

يتوحد الفلسطينيون بفعالية في كل فلسطين التاريخية في الضفة الغربية وقطاع غزة والعمق الفلسطيني في هبة فلسطينية لافتة ويلتف حولها الشعب الفلسطيني في لبنان وسوريا والشتات كله.. يتوحد الفلسطينيون في المنافي ومخيمات اللجوء حول صواريخ المقاومة يرون فيها شعاع نور نحو العودة لحيفا ويافا وعكا وبئر السبع.. لقد ارتفع منسوب الأمل والشوق إلى فلسطين أرضهم المباركة وهم رغم الموت الزؤام تشرئب أعناقهم إلى نصر الله في رمضان شهر الانتصارات.. كان الله مع غزة حماها ونصرها ودافع عنها.. كان الله لغزة فهو أرحم الراحمين.. تولانا الله برحمته التي وسعت كل شيء.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 44 / 2165366

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165366 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010