الجمعة 11 تموز (يوليو) 2014

ضربات خاطفة أم تدحرج نحو مواجهة كبرى؟

الجمعة 11 تموز (يوليو) 2014 par عبد الرحمن ناصر

بدأت قوات الاحتلال الصهيوني فجر الثلاثاء الماضي، حرباً جديدة على الشعب الفلسطيني، فما أن أعلن عن اكتشاف جثث الجنود الصهاينة الثلاثة بالقرب من بلدة حلحول قضاء الخليل، حتى اندفعت أعداد كبيرة من الجنود الصهاينة لمحاصرة البلدة، وتم إنزال وحدات من جنود الاحتلال جواً.

ومع حلول ساعات الفجر الأولى فجّر الجنود الصهاينة منزلي المواطنين عامر أبو عيشة، ومروان القواسمي، اللذين يتهمهم الصهاينة بالوقوف وراء خطف الجنود الثلاثة وقتلهم، وذلك في حي دائرة السير، حيث تم زرع المتفجرات في المنزلين ونسفهما.

في الأثناء كان المستوطنون الصهاينة في مدينة الخليل، يهاجمون بيوت المواطنين الفلسطينيين في البلدة القديمة، وعمد أحدهم إلى دهس شاب فلسطيني، كما هاجم المستوطنون سيارات المواطنين الفلسطينيين في بيت لحم ومدن أخرى، في حين بدأت الطائرات بشن عشرات الغارات العنيفة على قطاع غزة، مستهدفة ما قال جيش الاحتلال إنها مواقع تتبع لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في القطاع، وقد جرى استهداف خان يونس ورفح بنحو عشرين غارة، في حين جرى شن غارات عدة على مدينة غزة، وأنحاء أخرى طاولت معظم أنحاء قطاع غزة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة غزة والمدن الفلسطينية الأخرى في المنطقة.

العدوان الجديد الذي بدأه الصهاينة ترافق مع تهديدات أطلقها رئيس حكومة الاحتلال بنيامبن نتنياهو، بتوسيع نطاق العدوان، ليس في غزة وحسب، بل في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67.

واقع الحال أن العدوان قد بدأ قبل فجر الثلاثاء، فعلى مدى تسعة عشر يوماً، وبدعاوى البحث عن الجنود المختفين، استباحت قوات الاحتلال المدن الفلسطينية في الضفة، ونفذ الصهاينة عدداً من الغارات على القطاع، اغتالوا في واحدة منها قياديين في لجان المقاومة الشعبية، وهو ما استتبع رداً محدوداً من المقاومة الفلسطينية، حيث تساقطت الصواريخ على المستوطنات في محيط القطاع، وهو ما تكرر مع استئناف الغارات العنيفة على غزة، والتي استهدفت ما يعتبره العدو الصهيوني مناطق إطلاق الصواريخ.

التدحرج نحو مواجهة واسعة

تشي وقائع الأحداث بإمكان التدحرج نحو مواجهة واسعة، يكون ميدانها شاملاً كل فلسطين المحتلة، فالاستهداف الصهيوني سينصب على القطاع، والضفة معا بوتائر مختلفة، ورد المقاومة سيكون متناسباً مع طبيعة العدوان، أي التصعيد في مواجهة التصعيد، علماً أن القرار المتخذ في أوساط المقاومة، وبحسب قياديين فلسطينيين هو بالرد على الاعتداءت الصهيونية، مهما كانت النتائج المترتبة على هذا الرد، وينسب إلى القياديين الفلسطينيين قولهم: نحن لم نسع للمواجهة، ولكن إذا قام العدو باستهدافنا فإننا سنواجهه بالرد على عدوانه.

وعندما اغتال الصهاينة بواسطة الطائرات كوادر لجان المقاومة الشعبية، لم يكن النقاش حول الرد من عدمه، بل حول مستواه ومداه، القرار هو بعدم الصمت على أي اغتيال، وعدم الرضوخ للتهديدات التي يطلقها الصهاينة، ويصلون بها حد العودة إلى الحديث عن احتلال قطاع غزة من جديد، والقيام بتقويض البنية المقاومة فيه دفعة واحدة.

المصادر الفلسطينية تقول: إن الصهاينة يتحدثون عما يعرفون استحالة القيام به، المقاومة في غزة تملك الكثير، وهي قادرة على إحداث ألم كبير في جسد الاحتلال الذي اختبر المقاومة في غزة مرات عدة.

تضيف المصادر: أن التهديد بمعاودة احتلال القطاع لا يخيفنا، العدو سيدفع ثمناً باهظاً لقاء تحرك من هذا النوع، وحتى لو نجح في الدخول مجدداً إلى القطاع، فإن هذا لا يعني بحال من الأحوال قدرته على تقويض المقاومة كما يتوهم.

وثمة نقطة هامة في الحسابات هذه المرة، وهي تلك المتعلقة بالأوضاع في الضفة الغربية، هنا يدور الحديث عن أن ما بعد أسر الجنود الثلاثة وقتلهم، مختلف كثيراً عما كان عليه الوضع قبل هذه العملية، فرغم القمع والتنسيق الأمني المقيت، يعرف العدو قبل سواه أن غزة لن تكون وحيدة في المواجهة هذه المرة، وأن العدو لن يترك ليستفرد بالقطاع، بينما يسود الصمت في الضفة، هذا الأمر مأخوذ بعين الاعتبار في الدوائر الصهيونية، ولذلك فإن الحديث عن مواجهة متدحرجة قد يقود ليس إلى مواجهة كبيرة بين صواريخ المقاومة وطائرات الاحتلال ومدافعه فحسب، بل إلى انتفاضة فلسطينية واسعة.

المسارات المحتملة

وفق ما يراه قياديون فلسطينيون، فإن العدو غير ميال للتسبب بمواجهة كبيرة، ولكنه في الوقت نفسه لا يقاوم إغراء القيام بضربة كبيرة في القطاع، بينما يكون قد هيأ الظروف لتدخل عربي في الوقت المناسب لوقف النار.

يقوم السيناريو الذي يعمل وفقه جيش الاحتلال، باستهداف كبير للمعسكرات ومواقع الصواريخ المفترضة، والابتعاد قدر الإمكان عن إيقاع خسائر بشرية كبيرة، وهو يريد بذلك ضرب مواقع المقاومة كلها، وتدمير المقدرات الصاروخية، دون أن يستدعي رداً كبيراً من المقاومة، التي لم تخسر شهداء، وليست واقعة تحت ضغط جماهيري يطالبها بالرد والثأر، وفي الأثناء يترك المستوطنين لتنفيذ اعتداءات وترهيب المواطنين في الضفة، ثم الادّعاء بأن هؤلاء من المتشددين الذين يريدون الثأر للجنود الثلاثة، وهم من المستوطنين أيضاً.

وفي حال سلكت الأمور مساراً خارج السيطرة، وانهمرت الصواريخ بمعدلات تفوق قدرة الصهاينة على التحمل، يجرى كالعادة طلب تدخل عربي (مصري تحديداً) لعقد هدنة جديدة، بعد أن يكون العدو قد حقق الكثير من الأهداف.

ولكن هل ستترك المقاومة للعدو أن يقوم بتنفيذ السيناريو على النحو الذي يخطط له ويريده؟ يؤكد قياديون فلسطينيون أن شيئاً من هذا القبيل لن يحدث أبداً، وأن العدو سيفاجأ برد كبير على كل استهداف يقوم به، في آخر المطاف، يستحيل ترك العدو يقوم بضرب مقدرات المقاومة، ومواجهة هذا السلوك العدواني بالصمت، أو بعدم القيام بالرد المناسب.

هنا يدور الكلام عن المواجهة المتدحرجة، فقد يبدأ الاحتلال معركة على النحو الذي جرت الإشارة إليه، ولكن مع وجود رد مناسب على كل خطوة يقوم بها، فهو إما سيرتدع، وإما سيذهب إلى التصعيد، وستقابل المقاومة كل تصعيد بتصعيد جديد، ما قد يدفع نحو مواجهة واسعة جداً، وسيخسر فيها العدو ما تبقى من هيبته.

تقول قيادات في المقاومة، إن المواجهة هذه المرة مختلفة كثيراً عن مواجهة 2008- 2009، وحتى عن مواجهة 2012، والتي شهدت لأول مرة سقوط صوارخ المقاومة الفلسطينية على تل أبيب، فالقدرات الصاروخية للمقاومة تطورت على نحو كبير، وهي تغطي فلسطين من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، بكلام أكثر تحديداً: ليس هناك مكان في أي جزء من فلسطين التاريخية لا تصله صواريخ المقاومة، وعليه فإن استهداف تل أبيب، ممكن جداً.. وببساطة.

التطور الذي يدور الحديث عنه، لا يقتصر على النمو في القدرة الصاروخية فقط، هناك أيضاً ما يقال عن الإمكانات الخاصة بمواجهة برية، لن تكون متكافئة بطبيعة الحال، ولكن على الصهاينة الاستعداد لكلفة عالية جداً فيها.

هذه المعطيات يعرفها العدو جيداً وفق تقديرات المقاومة الفلسطينية، وهو يعرفها بخطوطها العامة كما يقال، ولكن هناك الكثير مما يجهله أيضاً، وعليه فإن السؤال المطروح الآن هو: هل يريد العدو القيام بضربات خاطفة، يحقق فيها منجزاً إعلامياً ومعنوياً بعد أسر جنوده وقتلهم، أم يريد ترك المواجهة تتدحرج حتى الوصول إلى نقطة فاصلة في المواجهة المفتوحة مع المقاومة الفلسطينية؟ ربما كان العدو يتطلع إلى تحقيق الهدف الأول، مع بعض المكاسب الإضافية، ولكن من قال إنه الطرف الذي يقرر وحده هذه الأيام؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2177317

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

2 من الزوار الآن

2177317 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40