قام الشيخ العلامة المجاهد الكبير طاهر آيت علجت خطيبا في حفل تكريمي للفيلسوف المفكر الجزائري الأستاذ الدكتور عبدالرزاق ڤسوم فأورد الشيخ قصة طريفة عن شخص باع نفسه وثقافته للمنطق الاستعماري إبان الثورة المجيدة، وكان يخاطب الناس موهنا في عزائمهم فيسألهم: إذا سقط الحجر على البيضة ما هي النتيجة؟ يقولون له تنكسر البيضة.. وإذا سقطت البيضة على الحجر؟ يردون تنكسر البيضة.. فيتهلل فرحا قائلا: هذا هو حالنا مع فرنسا.. وبعد أن انتصرت الثورة العظيمة ذهب إليه الناس يقولون له: يا سي فلان البيضة كسرت الحجر.
أجل إن البيضة تكسر الحجر.. هذه هي معجزة الثورة عندما يصمم أبناؤها على نيل كرامتهم وحريتهم.. ويدفعون في سبيل ذلك بلا تردد كل ما تتطلبه الحرية العزيزة.. وهذا هو الإصرار الفلسطيني والثبات الفلسطيني في شباب يتدافعون إلى الحياة الكريمة رفضا للاحتلال ومطاردة لجنوده في شعفاط والقدس والخليل ونابلس والطيبة وأم الفحم وغزة.. لن يكسر الحجر البيضة.. وستستمر هذه الانتفاضات موجة بعد موجه لأنها تسير بقوانين ربها، تنصره فينصرها سبحانه، رغم قساوة الظروف وتخلي الأقربين عنها.
في القدس عاصمة الروح.. عبؤوا جوفه بنزينا ولفوا جسده بقطعة من الإسفنج المنقوع بالبنزين وأشعلوا فيه النار.. إنه محمد خضير، الفتى المقدسي البريء.. في حين نقلت فيه قطعان المستوطنين يخطفون ويقتلون ويحرقون في الضفة الغربية وفي أراضي الـ 1948 .. الحواجز واقتحام الأقصى والتنكيل بالمرابطين فيه والاعتقالات والتفتيش وهدم البيوت والملاحقات.. هي السلوك الصهيوني خلال الأسابيع الفائتة.. إنه السعار الذي استنقر في كيان يترع عنصرية وجريمة ولا يجد من يردعه حتى بالكلام.
محمد خضير شرارة الغضب والانفجار الفلسطيني القادم.. فلقد قدم الفلسطينيون مئات آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين ونكبوا على مراحل واستبدت الجريمة الصهيونية بأرضهم ولم يفقدوا اليقين أبدا باستعادة حقهم.
لن يلتفت هؤلاء الشباب الرائعون في مخيمات الضفة الغربية وقراها ومدنها إلى ميزان القوى ولن ينشغلوا بتهديدات إسرائيل وخططها فهم بمقاومتهم الملتهبة سيعدلون في ميزان القوى ويصنعون من ألمهم ومعاناتهم ودمائهم الغالية فجر شعبهم وأمتهم.. لا يعتب هؤلاء الأبطال على أبناء أمتهم العربية والإسلامية تخليهم عنهم فهم يعرفون أن كل ما يدور في بلاد العرب إنما لإلهاء أبنائها عن فلسطين.. لن يحزنوا لتخلي الحكام والجيوش العربية عنهم فيما هم يدافعون عن كرامة الأمة ومقدساتها لأنهم يعرفون أن هؤلاء الحكام يسيئون إلى أنفسهم بهوانهم أمام المستعمرين فيلتفتون إلى شعوبهم قتلا وإرهاقا.. إن هؤلاء الشباب يخوضون أشرف معركة وأنبلها وأطهرها، لا شبهة في جهادهم ولا ريبة في مقاصدهم..
إن أياما قادمات مختلفات تمام الاختلاف عن المراحل السابقة فلقد امتلأ الزق قرفا ويأسا من إمكانية الوصول إلى حلول سياسية سلمية مع احتلال لم يتوقف لحظة عن القتل والاستيطان وانتهاك حرمة المقدسات.. شباب فلسطين الرائعون يجددون قصة البيضة والحجر.. تولانا الله برحمته.