سيمضي وقت يطول قبل أن يتمكن أحد من تحديد التحالفات التي يجري الآن بناؤها في المنطقة
ليس ثمة خريطة واضحة للتحالفات والإصطفافات السياسية والامنية في مشرق العرب. ثمة تداخل وتعارض في آن بين سلوكيات اللاعبين الكبار واللاعبين الصغار وتحركاتهم في المنطقة بعدما اصبحت أو كادت ساحةً واحدة لصراعات عدّة متزامنة من الساحل الشرقي للبحر المتوسط إلى جبال افغانستان، مروراً بسوريا ولبنان والعراق وتركيا وإيران. ولن يطول الزمن قبل ان تعصف بالاردن و«إسرائيل» ودول شبه جزيرة العرب احداث مماثلة.
من يستطيع، مثلاً، الجزم بأن الولايات المتحدة عدو فعلي لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش» وليست حليفاً ضمنياً له؟ فهي تناهضه في بلاد الرافدين بدليل انها تدعم، ولو ببطء ورفق وعونٍ محدود، حكومة نوري المالكي التي تحاربه على ابواب بغداد، لكنها لا تناهضه في سوريا بدليل انها تعادي وتناهض اعداءه بلا هوادة، أي سوريا وإيران وحزب الله.
مَن يستطيع الجزم بأن دول الخليج تناهض «داعش» فعلاً طالما هي تعادي عدوه، حكومة المالكي، كما يشارك بعضها بمناهضة اعدائه الفاعلين، سوريا وإيران وحزب الله؟
هل تخشى «إسرائيل»، كما تدّعي، من تداعيات سيطرة «داعش» على سوريا ام تسلّم بأن سوريا، حليفة حزب الله، اخطر على امنها القومي من «داعش» وحلفائه؟
هل يدعم رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني حكومة العراق الاتحادية في بغداد ضد تنظيم «داعش» ام يهادنه مؤملاً بأن تكون هجمته عليها مساعِدة له في إحكام سيطرته على محافظة التأميم «كركوك» بعد «عودتها إلى اقليم كردستان العراق»، على حد قوله؟
هل يعتبر المالكي الولايات المتحدة حليفاً بعد تعهدها بإرسال نحو 300 مستشار عسكري لدعم الجيش العراقي في حربه على «داعش» ام يبقى متشككاً في نياتها بدليل شكواه من عدم قيامها بتسليم العراق طائرات «اف 16» ال 36 التي سبق ان اشتراها منها الامر الذي اضطره إلى شراء طائرات مستعملة من روسيا وطائرات سوخوي من بيلاروسيا «لأنها تنفع في حرب العصابات»، على حد قوله؟
هل تعتبر تركيا «داعش» تنظيماً ارهابياً؟ وهل هي صادقة حقاً في مناهضته وبمنع «الجهاديين» القادمين من الخارج من التسلل إلى العراق وسوريا عبر حدودها طالما ان لها مصلحة في سيطرة «داعش» على آبار النفط في سوريا والعراق وقيامه بتصدير انتاجها إلى تركيا وعبر موانئها إلى الخارج؟
مَن ضد مَن في مشرق العرب حقاً؟