الاثنين 30 حزيران (يونيو) 2014

التسوية بين أنديك وبلير

الاثنين 30 حزيران (يونيو) 2014 par يونس السيد

جاءت الاستقالة التي قدمها مارتن أنديك كمبعوث أمريكي لعملية التسوية في الشرق الأوسط، لتؤكد من جديد عقم السياسات الأمريكية وفشلها الذريع في التعاطي مع قضايا الصراع، ليس في فلسطين فحسب، بل في مجمل المنطقة برمتها .
استقال أنديك، بعد أن تلفظ ذات مرة، بأن الاستيطان يعرقل عملية التسوية الذي هو أحد أبرز مهندسيها، وكاد ذلك أن يتسبب بأزمة كبيرة بين واشنطن و“تل أبيب”، أو ربما لأنه كان يعلم بأنه لا يمكن القدرة على إحياء تسوية كان محكوماً عليها بالموت قبل أن تبدأ، على أيدي الإدارات الأمريكية السابقة، وفي ظل الخلل الهائل في موازين القوى على الأرض، والانحياز الأمريكي المطلق ل “إسرائيل”، الذي قاده بنفسه مؤخراً .
مشكلة أنديك لم تكن في استقالته، بقدر ما كانت تكمن فيما يمثله، والدور الذي كان يلعبه كواحد من أبرز المدافعين عن الصهيونية، فلقد كان أنديك عضواً نافذاً في اللوبي الصهيوني ومنظمة “إيباك” في أمريكا قبل أن يعمل سفيراً للولايات المتحدة مرتين لدى الكيان، ثم يأتي ليلعب دور الوسيط في عملية التسوية، أي دور الخصم والحكم في آن . وهو، على أي حال، لم يذهب بعيداً، بل عاد ليتسلم منصبه نائباً لرئيس مركز أبحاث “بروكينغز” الشهير في وضع الخطط والاستراتيجيات أمام صانعي القرار في البيت الأبيض .
بالتأكيد، لن يذرف أحد دمعة واحدة على استقالة أنديك، بل يتمنى الجميع أن يلحق به توني بلير مبعوث ما يسمى اللجنة الرباعية لعملية التسوية، والذي لم يفعل شيئاً منذ نحو سبع سنوات سوى تنمية أعماله التجارية وزيادة أرصدته المالية، إلى جانب تمتعه بامتيازات المنصب الرفيع كمبعوث، وما يتطلبه من موازنة ضخمة له ولطاقم حراسة بلا أي فائدة تذكر . فمن يعرف مهمة بلير على وجه التحديد، هل هو مبعوث شرفي يحظى بتغطية دولية، أم أنه صاحب شركات استشارية واستثمارية لا تزال تثير الجدل داخل الأوساط البريطانية . الشيء الوحيد المؤكد حتى الآن، أنه لم يحقق إنجازاً واحداً على صعيد مهمته الشرق أوسطية، إذ لم يتمكن طوال السنوات السبع الماضية من إزالة حاجز واحد للاحتلال من بين أكثر من 500 حاجز تفتيش تخنق القرى والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية، أو يسهم إسهاماً واحداً في تخفيف الأزمة الإنسانية، حتى لا نقول رفع الحصار عن قطاع غزة .
أصوات بريطانية كثيرة، بينها شخصيات سياسية ودبلوماسية وإعلامية، تتعالى الآن للمطالبة بتنحية بلير عن منصبه كمبعوث للجنة الرباعية، وقد وقّع هؤلاء على رسالة بهذا المعنى نشرتها الصحف البريطانية، وبينها “الغارديان”، ووجهت إلى وزراء خارجية أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة، بينما تحدث النائب البريطاني جورج غالاوي عن أن عملية إقالة بلير برلمانياً قد بدأت وسيصوّت مجلس العموم على ذلك في وقت لاحق من العام الحالي . ذلك يحدث في بريطانيا، أما عندنا فلا يوجد سوى صمت القبور، أو أن لسان حالنا يقول “الجنازة حامية” . لقد استقال أنديك وذهب، وبلير على الطريق، فمتى يتم الإعلان رسمياً عن دفن التسوية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2165452

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165452 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010