السبت 28 حزيران (يونيو) 2014

“إسرائيل” ومستقبل النفط العراقي

السبت 28 حزيران (يونيو) 2014 par د.حسين حافظ

أصدرالدبلوماسي الأمريكي المعروف بيتر غاليبرت في العام 2006م كتاباً بعنوان “نهاية العراق” ورأى فيه؛ “إن العراق الموحد قد ذهب دون رجعة” ومثلما كتب الأمريكيون شهادة وفاته بعد 9-4-2003 فهم اليوم معنيون باستصدار شهادة ميلاد دويلاته الثلاث .
الخطاب الاخير للرئيس الأمريكي باراك أوباما، الخميس الفائت، تضمن اعترافاً خطراً بمدى التخريب الأمريكي المخيف الذي أحدثته الولايات المتحدة في العراق، إذ كانت السفارة الأمريكية التي هي أكبر معقل مخابراتي في العالم، وتستطيع أن تتقصى وتتابع حتى دبيب النمل فيه، بدت كأنها على غير دراية بتحركات “داعش” وقدرتها على تقويض الجيش العراقي الهش البنيان الذي أشرفت على إعداده وتجهيزه وتدريبه الولايات المتحدة نفسها .
الخطاب المخيب للآمال في المعاونة الأمريكية التي كانت متوقعة وفق التزامات اتفاقية الإطار الاستراتيجي في عودة الأمن والاستقرار، بدا كأنه تكريس لشهادة وفاة العراق الموحد الذي أشار إليه غاليبرت، وأكده الرئيس الأمريكي أوباما في خطابه الأخير، بالقول “ليس هناك قوة عسكرية في العالم قادرة على إعادة وحدة العراق في ظل الاختلاف الكبير والبائن بين القوى السياسية العراقية” .
ثم حدد في الخطاب المسؤولية التي آلت اليها الأوضاع، وألقى باللوم وبإيجاز شديد على الحكومة أولاً التي يرأسها المالكي وهي التي حظيت بقبول ودعم وبمباركة أوباما نفسه، وثانياً على أطراف خارجية لم يسمها، التي كانت تتفاوت في الأدوار التخريبية، وبالتأكيد فإن الإدارة الأمريكية على علم بأنها هي من تدير خيوط كل تلك الأدوار .
لا نريد خلط الأوراق مثلما خلطها أوباما، فالجميع من دول جوار العراق يشترك في الهمّ العراقي وكل له شأنه، لكن ل“إسرائيل” همّ آخر، فهي مثلاً بوصفها دولة عنصرية وفق التصنيف الأممي السابق في القرار 3379 في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1975م كانت تدير الملف العنصري القومي وكل ما من شأنه إعلاء الورقة العنصرية الإثنية، والعنصرية هنا كونها استعلائية عدوانية وتدميرية فليس من المستبعد أنها كانت تدير أعمالاً إرهابية بالتعاون مع من تنسق معهم لإدارة هذا الملف وصولاً لاستصدار شهادة ميلاد دويلات العراق الثلاث .
الدور “الإسرائيلي” تمخض كذلك، ووفقاً لمشروع الشراكة في الموارد العربية طبقاً لرؤية الرئيس الصهيوني شمعون بيريز، وبعد أكثرمن عقد من الزمان على السعي “الإسرائيلي” الحثيث في العراق إلى أن تتحول الدويلة اللقيطة من كونها تفتقر إلى موارد الطاقة إلى مصدرة لها في القريب العاجل . وما تردد عن تصدير النفط العراقي إلى “إسرائيل” عبر ميناء جيهان التركي يؤشر في حال صحته إلى دور خطر يقوم به إقليم كردستان على قاعدة الشراكة الاستراتيجية بينه وبين “إسرائيل” سبيلاً لتطبيق قاعدة (إن للفقراء حقاً في مال الأغنياء) .
شهادة وفاة العراق الموحد اليوم يكرسها الرئيس أوباما بسلسلة من الإجراءات الصادمة التي تبدو كأنها تحول نوعي ليس بصدد ما هو حاصل في العراق فقط، بل بصدد التحول في الاستراتيجية الأمريكية الشرق أوسطية التي بانت أخطاؤها ليس على مستوى البنيان النظمي الإقليمي، وإنما على المستوى الدولي، الذي تم التعبير عنه أوروبياً ومسيحياً في الكثير من الدول والمنظمات المسيحية بحجم الخوف من الاحتمالية المترتبة على مستوى الارتدادات لمستقبل الإرهاب الدولي في البيئة الأوروبية، خصوصاً، والمسيحية عموماً، بعد أن تمكنت “داعش” من بسط سيطرتها على ثلاث محافظات عراقية وهي في طريقها إلى تأسيس نواة الدولة الإسلامية في العراق والشام بعلم وبإرادة الولايات المتحدة ذاتها .
عملياً، يبدأ الرئيس أوباما بكتابة شهادة ميلاد الدويلات الثلاث بالطاقم الذي وصلت طلائعه العراق لتقييم الأوضاع فيه، كأن أكبر سفارة في العالم لم تكن معنية بهذا الأمر، فالطاقم الأمريكي الجديد المموه، ليس معنياً بعودة العراق الموحد وإنما لترتيب الأوضاع الجديدة وإقناع الأطراف المعنية بأن العودة إلى حكومة الشراكة أو المحاصصة أمر مستبعد في ظل حكومة جديدة يرأسها المالكي وتصر عليها الأطراف الشيعية .
الجديد في المهمة الأمريكية هي بشرى يزفها أوباما إلى العراقيين بعراقهم المجزأ وهو ما اعتاد عليه في إنهاء معظم خطاباته ب“نحن قادرون على فعلها” (we cando it) . فعلاً لقد فعلها بوش الابن وأكملها أوباما في تحقيق الحلم “الإسرائيلي” في مشاركة “إسرائيل” العرب ثرواتهم، وفقاً لمشروع تقسيم العراق والمنطقة على حد سواء .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2178277

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178277 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40