الجمعة 27 حزيران (يونيو) 2014

عدوان صهيوني لإحباط الانتفاضة الثالثة

الجمعة 27 حزيران (يونيو) 2014 par عبد الرحمن ناصر

تشن قوات الاحتلال حملة مسعورة في الضفة الفلسطينية، بحجة البحث عن الصهاينة الثلاثة من الجنود الذين اختفوا قرب الخليل قبل نحو أسبوعين، وقد وسع جيش الاحتلال عملية التطويق والدهم التي بدأها في الخليل، لتطال غالبية مدن الضفة، حيث جرى اعتقال المئات، ومن بينهم عدد كبير من المناضلين المحررين في صفقة وفاء الأحرار، أو ما يعرف بصفقة شاليط، كما سجل استشهاد عدد من الشبان الفلسطينيين وجرح عدد آخر منهم.

وبحسب تصريحات المسؤولين الصهاينة، سواء في المستوى السياسي، أم على مستوى العاملين في المؤسسة العسكرية، فإن العملية ستتوسع على نحو أكبر، وكانت لافتة للانتباه تلك التصريحات التي تتحدث عن أن العملية، التي يقوم بها الجيش في الضفة ستستمر حتى لو تم العثور على المختفين الثلاثة.

هذه التصريحات دفعت البعض إلى الافتراض، بأن الصهاينة ربما يكونون وراء فبركة عملية اختفاء الجنود الثلاثة، من أجل شن حملة قمعية واسعة في الضفة، تحبط الإمكانية الواقعية لتفجر الانتفاضة الثالثة، أو أن الصهاينة يريدون استغلال عملية الاختفاء للقيام بالحملة التي يقومون بها، ولتحقيق الأهداف ذاتها.

عزز من هذه الافتراضات، تصريحات منسوبة لضابط كبير في جيش الاحتلال يؤكد فيها، أن ما يجري اليوم في مدن الضفة جرى التخطيط له منذ وقت طويل، كما عززها أيضاً، عدم تبني أي طرف حتى الساعة، المسؤولية عن اختفاء الصهاينة الثلاثة.

في الواقع كل شيء محتمل، وبصرف النظر عما إذا كانت هناك عملية أسر للجنود الثلاثة من قبل فصيل مقاوم، أم أن هؤلاء اختفوا لأسباب أخرى، أو كانت العملية مدبرة منذ البداية على ما يقول البعض، فإن السؤال المطروح اليوم، يتصل بالمآلات التي ستصل إليها عملية القمع واسعة النطاق التي يشنها الصهاينة في الضفة الفلسطينية.

إحباط الانتفاضة

تشير عمليات القمع الواسعة، والأسلوب الذي يعتمده جيش الاحتلال في تنفيذ العدوان على الضفة، إلى محاولة القيام بإحباط انتفاضة فلسطينية ثالثة، كانت المصادر الصهيونية قد تحدثت عنها مراراً، في الأشهر الأخيرة الماضية، وتتجمع مؤشرات عدة على قرب اندلاعها.

يعتمد جيش الاحتلال وأجهزته كثيراً على مفاعيل التنسيق الأمني مع أجهزة أمن السلطة، وقد جرى إحباط كثير من العمليات والتحركات بفعل أنشطة التنسيق المتنوعة ومتعددة الأشكال، لكن المحتلين الصهاينة، مع ذلك، يميلون إلى القيام بحملة استباقية واسعة في الضفة، وقد كان لافتاً حديث “عاموس غلعاد” الذي يشغل منصباً رفيعاً في وزارة حرب العدو، عن محدودية قدرة السلطة على السيطرة الأمنية، يقول “غلعاد”: “عبر تجربة طويلة مع السلطة، هم غير قادرين في هذه المرحلة على تحمل المسؤولية”، وفي هذا ما يعني أن الصهاينة يريدون القيام بالعملية القمعية مباشرة، مع الاحتفاظ بعلاقة التنسيق الأمني، وترتيب دور لاحق لأجهزة أمن السلطة، فقد ذكرت صحيفة “هآرتس” عمن وصفته بمسؤول عسكري رفيع قوله “إن التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة يسير بصورة اعتيادية”، وحسب الصحيفة فقد أوضح المسؤول أن “القوات الإسرائيلية” تبلغ الأجهزة الأمنية مسبقاً نيتها دهم أي مدينة فلسطينية، “وتطلب من رجال الأجهزة الأمنية البقاء في ثكناتهم على خلفية هذا الإجراء”، مضيفاً: “المس بالأجهزة الفلسطينية ليس جزءاً من الحملة العسكرية، ولا توجد نية لدى الجيش للتصادم معها”.

تبرز هذه التصريحات الفروق الواضحة بين العدوان الذي شنه الصهاينة تحت مسمى “السور الواقي” عام 2002، وبين ما يقومون به حالياً، في ذلك الوقت هم شنوا العدوان لتقويض الانتفاضة، وضرب الأجهزة الفلسطينية، لكنهم في هذه المرة يريدون إحباط الانتفاضة، والحفاظ على الأجهزة التي تؤدي دوراً كبيراً في التنسيق الأمني.

النتائج المتوقَّعة

من الواضح أن العدوان الذي يشنه الاحتلال على الضفة يحظى بتغطية مباشرة وغير مباشرة من السلطة، وهذا معكس على نحو كامل لما كان عليه الأمر في العام 2002، عندما كانت الأجهزة الأمنية بهذه النسبة أوتلك جزءاً أساسياً من المواجهة.

رئيس السلطة يقول وبشكل علني، إن السلطة تعمل “للمساعدة في العثور على المستوطنين الثلاثة حتى نعيدهم إلى عائلاتهم، وسنحاسب من اختطفهم كائناً من كان”،
ويضيف “المستوطنون المفقودون في الضفة بشر مثلنا، وعلينا البحث عنهم وإعادتهم إلى عائلاتهم، ومن قام بهذا العمل يريد تدميرنا، ولذلك سيكون لنا موقف منه مهما كان، لأننا لا نستطيع مواجهة إسرائيل عسكرياً”.

هذا الموقف يغطي العدوان الصهيوني، لا يمكن قول شيء آخر، ومثل هذا الحديث عن التنسيق الأمني وتقديسه، فهو يعتبر أن التنسيق الأمني “من مصلحة السلطة لكي تحمي الشعب الفلسطيني”، ويوضح “هذا ليس عاراً، وإنما واقع نحن نلتزم به، كما تلتزم به حكومة التوافق الوطني”.

ليس من جديد في هذه المواقف المعهودة عن رئيس السلطة، وإن كانت دالة في فجاجتها في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لعدوان واضح الملامح، علني ويجري توصيفه من قبل الاحتلال على أنه غير مرتبط باختفاء أو خطف أو أسر الجنود من المستوطنين.

مواصلة العدوان، ستأتي بنتائج معاكسة لما تتطلع إليه الحكومة الصهيونية، فاستمرار اقتحامات المدن ودهم البيوت والاعتقالات، وعمليات القتل لن تقود إلى إحباط الانتفاضة الفلسطينية، بل ستسرع انفجارها، هذا ما تؤكده التجربة الطويلة في المواجهة المفتوحة مع العدو الصهيوني.

لقد كان القمع في أوجّه عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الشعبية الأولى عام 1987، وكان الأمر كذلك عند اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ومن يتخيل الآن أن بمقدوره ضرب الروح الكفاحية للشعب الفلسطيني، وتقويض تطلعاته الوطنية على النحو الجاري، يكون قد وقع في خطأ كبير ومتكرر.

ومتابعة ما يحدث أثناء الاقتحامات وعمليات التطويق والدهم، يقدم مؤشرات دالة، الشبان الفلسطينيون يتصدون لجنود الاحتلال بالحجارة، وهناك أنباء عن ظهور لبعض عناصر الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، ولن يطول الوقت حتى يواجه الصهاينة انتفاضة ثالثة، مختلفة عن كل ما سبق وواجهوه حتى الآن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 72 / 2165621

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165621 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010