الجمعة 27 حزيران (يونيو) 2014

في تعددية الخيارات الفلسطينية

الجمعة 27 حزيران (يونيو) 2014 par ناجي صادق شراب

لعل المعضلة الصعبة التي تواجه صانع القرار السياسي الفلسطيني هي تعدد الخيارات المتاحة والممكنة، وأي من الخيارات في هذه المرحلة يمكن الذهاب إليه؟ في البداية قد يعتقد خطأ أن خيار المفاوضات لم يعد قائماً على الرغم من انسداد هذا الخيار وفشله حتى في إنهاء الاحتلال “الإسرائيلي” وقيام الدولة الفلسطينية . لكنه يبقى خياراً قائماً أو من الخيارات المتاحة إذا ما تغيرت المعطيات والبيئة التفاوضية التي تعمل لصالح “إسرائيل” .
وفي هذا السياق فإن السؤال الذي يردده الجميع هو ما هي الخيارات البديلة؟ هنا ينبغي أن نميز بين الخيارات المتاحة والخيارات الممكنة . والمشكلة لا تكمن في الخيارات المتاحة وهي كثيرة ومتنوعة، ولكن في الخيارات الممكنة التي لها تأثير مباشر على “إسرائيل” والولايات المتحدة لتغيير تصوراتهما للعملية السلمية والعودة إلى خيار التفاوض على أسس ومرجعية واضحة وسقف زمني حاسم .
والسؤال ثانية: هل الذهاب أو التلويح بالخيارات الفلسطينية هو بهدف العودة للمفاوضات؟ والإجابة نعم، ولكن بمرجعية تفاوضية تعيد التوازن التفاوضي وتوصل لقيام الدولة الفلسطينية الكاملة، وبسقف زمني محدد حتى لا ندور في دائرة تفاوضية مفرغة .
والخيار يعني القدرة على الفعل، والقدرة على التأثير في سلوك الآخرين وفي مدى توفر عناصر أو أوراق تفاوضية تحتاجها “إسرائيل” ومن دونها لا يمكن ل“إسرائيل” مهما توفر لديها من عناصر القوة أن تحقق أمنها وبقاءها . والمعضلة الأخرى في الاختيار والمفاضلة بين خيار وآخر هي القدرة على تحمل تداعيات أي خيار، واحتواء وإجهاض الخيارات المضادة سواء على مستوى الخيارات “الإسرائيلية” والأخطر منها على مستوى الخيارات الفلسطينية المضادة، وعموماً أي خيار في حاجة إلى عنصرين أساسيين: الأول عنصر القوة المتاحة والممكنة فلسطينياً، وهنا يمكن القول إن عناصر القوة ليست كبيرة، وتوجد صعوبات مالية واقتصادية كثيرة، ولا نملك في هذا السياق إلا العنصر الشعبي القادر على الصمود، ويمكن التغلب على هذا العنصر بتوفر الدعم المالي العربي، وحتى هذا الدعم له حدود ليست كبيرة، والعنصر الثاني، توفر بيئة سياسية داخلية وإقليمية ودولية حاضنة ودافعة للخيارات الفلسطينية، وهنا يمكن القول إنه توجد الكثير من المظاهر الإيجابية التي يمكن البناء عليها ومنها مقاطعة “إسرائيل”، وإمكانية نزع الشرعية عنها ولو بدرجات متواضعة . إلا أن هذه البيئة ليست في النهاية بيئة فلسطينية وتوجد في مواجهتها “إسرائيل” المدعومة أمريكياً .
لذا يحتاج صانع القرار السياسي الفلسطيني إلى رؤية استراتيجية لهذه الخيارات، أو خارطة طريق، يتدرج فيها من الخيارات المتاحة إلى الخيارات الممكنة، ويمكن تصور هذه الخارطة للخيارات الفسطينية على المستويات التالية:
الخيارات الدولية: على هذا المستوى يبدو من الأهمية العودة لأصول الصراع والقضية الفسطينية، فالمجتمع الدولي مسؤول عن نشوء القضية الفلسطينية، وهنا تبرز خيارات مثل تفعيل قرارات الشرعية الدولية، وتحميل الأمم المتحدة المسؤولية في إنهاء الاحتلال .
الخيارات العربية: على هذا المستوى لا بد من استعادة القضية الفلسطينية لبعدها القومي، ويمكن عقد قمة عربية طارئة، ويتم اتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة خصوصاً فيما يتعلق بالمبادرة العربية، والجانب الآخر الدعم الاقتصادي والمالي لمواجهة العقوبات المالية التي قد تمارسها “إسرائيل” والولايات المتحدة، وهنا يمكن قيام الجامعة العربية الطارئة بوضع حد للانقسام الفلسطيني .
الخيارات الفلسطينية: هذا المستوى هو الأساس لكل الخيارات الفلسطينية، وتتعدد الخيارات وتتراوح ما بين ضرورة إتمام المصالحة والمضي قدماً في تثبيتها، وتبرز المقاومة المدنية الشعبية بامتدادها الدولي الإنساني، خصوصاً تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني الدولي، وخيار حل السلطة الفلسطينية واستبدالها بمؤسسات الدولة، وأيضاً وهذا الأهم تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية واستعادة دورها في الفترة الانتقالية، كما تقوم بدورها السياسي والمرجعي العام لإدارة كل إدارات السلطة .
هذه بعض ملامح خارطة طريق للخيارات الفلسطينية، وتبقى الاشارة إلى أن هذه الخيارات تحتاج إلى خطط متكاملة ومتوافقة، ومتوازية، بمعنى السير في كل الاتجاهات والمسارات، بعيداً عن الخوف من تحمل النتائج والتداعيات انطلاقاً من قاعدة أساسية هي أن الكل يتحمل المسؤولية في استمرار القضية الفلسطينية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165488

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165488 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010