الأحد 22 حزيران (يونيو) 2014

السلطة الفلسطينية .. رافعة وطنية أم غطاء للاحتلال؟!

الأحد 22 حزيران (يونيو) 2014 par محمد أبو مهادي

ثارت عملية خطف المستوطنين في 13 يونيو 2014 عاصفة من المواقف وردود الأفعال في فلسطين والعالم، أخطرها ما تقوم به إسرائيل حالياً في مختلف منطق الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تنتشر قوات الاحتلال“ الإسرائيلي” في كل مكان تبطش بالشعب الفلسطيني وتمارس أبشع عمليات العقاب الجماعي بحق الفلسطينيين تحت غطاء ودعم أميركي كاملين مصحوباً بحملة دبلوماسية دولية تقوم بها إسرائيل لإدانة الشعب الفلسطيني وتبرير جرائمها المتنوعة بحقه أمام المجتمع الدولي.
في المقابل أطلق الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” جملة من المواقف أدان فيها عملية الخطف وتوعد الخاطفين بالعقاب، معلناً التزامه بالتنسيق الأمني ومساعدة إسرائيل في عملية البحث عن المستوطنين في تحد للموقف الشعبي الفلسطيني المؤيد لعملية الاختطاف كوسيلة لتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين أخفقت المفاوضات في إطلاق سراحهم، وفقدوا الأمل في إمكانية حدوث ذلك نتيجة المواقف «الإسرائيلية» المتغطرسة والتي لا تواجه أي ضغوط دولية تذكر.
ضجيج عملية الاختطاف مرتفع جداً بحيث يخفي بين ثناياه حقائق سياسية يجري تجاهلها لصالح الرواية الإسرائيلية في ظل ضعف الدبلوماسية الفلسطينية وفشلها في تحميل “إسرائيل” كقوة احتلال المسؤولية عن كل ما يجري، هذا الفشل الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني كانت أبرز نتائجه فوز إسرائيل للمرة الأولى بمنصب نائب رئيس اللجنة الرابعة في الجمعية العامة، المُسمّاة “اللجنة السياسية الخاصة بتصفية الاستعمار”!.
منذ فشل عملية التسوية السياسية في كامب ديفيد 2000حتى الآن تتهرب القيادة الفلسطينية من حقيقة مفادها أن إسرائيل غير معنية بصناعة السلام مع الشعب الفلسطيني، ولا تفكر هذه القيادة بمناقشة موضوع السلطة الانتقالية نفسها – جدوى بقائها ووظائفها التي استخدمت إسرائيلياً كغطاء لممارساتها اليومية حيث الاستيطان وتهويد القدس وبناء جدار الفصل العنصري وشن الحملات العسكرية على قطاع غزة والعديد من مدن الضفة الغربية، سلطة نجحت إسرائيل في تحويلها إلى وكيل أمني المطلوب منه حماية الاحتلال ومستوطنيه وإفشال أي تحرك شعبي يواجه الاحتلال إلى جانب تنفيذ التزامات اقتصادية سياسية بموجب أوسلو وملحقاته.
رسالة الرئيس عباس إلى العالم كانت مشوشة وغير واضحة، أصبحت الآن بعد حادثة الاختطاف منحازة إلى الرواية “الإسرائيلية” وحازت على إعجاب قادة الاحتلال، وتعارضت بل طمست إلى حد كبير حقيقة الموقف الفلسطيني وجذور الصراع مع“ إسرائيل”، ومعادلة الاحتلال والحق في مقاومته حتى نيل الاستقلال، وحقيقة إفشال “إسرائيل” لكل فرص السلام منذ مؤتمر “كامب ديفيد 2000″ حتى الآن، وأغفلت ما تقوم به “إسرائيل” من أفعال عدوانية ووقائع تفرض بموجبها على كل الشعب الفلسطيني مواجهتها والتصدي لها حتى لا يصبح شعب كامل وسلطته عبيداً ساهرين على راحة الاحتلال وأمن مستوطنيه.
مجافاة الواقع أو ترحيل أزمات السلطة وشكل علاقاتها مع الاحتلال تحت عناوين مختلفة لن تمنع الوصول إلى لحظة الحقيقة إن لم نكن قد وصلنا إليها بالفعل، وعلى كل الفلسطينيين الإجابة على سؤال جدوى بقاء السلطة تحت الاحتلال، هل هي رافعة وطنية تعزز صمود الفلسطينيين وتؤهلهم لنيل دولتهم واستقلالهم، أم أنها أصبحت عقبة كأداء في طريق تحررهم بعد أن اتضحت وظائفها الأمنية والتزاماتها السياسية التي أفصح عنها رئيسها بشكل واضح لا يقبل التأويل والتي قد تسفر عن النكوص عن المصالحة وحكومة الوفاق الوطني؟
هذا السؤال كان مدار بحث الكثير من الفلسطينيين قبل انتخابات عام 2006، ومبررات طرحه الآن أكثر جدوى سياسية مما مضي، والتأخر في نقاشه والإجابة العملية عليه قد يضع الفلسطينيين في مواجهة حقيقية بين السلطة ومن يمثلها مع الشعب الذي ضاق ذرعاً بكل ما يجري ويشعر بتهديد وخطر حقيقي على مستقبله الوطني، كما هو التهديد حاصل الآن في حالة الحريات السياسية والأزمات الاقتصادية.
لا يمكن بأي حال من الأحوال التسليم بواقع الاحتلال، ولا بواقع رئيس شغله الشاغل تعزيز فرص بقائه في سدّة الحكم مهما كان الثمن، فهناك فارق بين الواقعية السياسية التي يؤمن ويتحدث عنها البعض وبين الاستسلام لشروط إسرائيل ورغباتها التي تقود السلطة إلى التجربة “اللحدية” في جنوب لبنان بكل ما تعنيه الكلمة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165538

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165538 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010