الجمعة 20 حزيران (يونيو) 2014

نحو وقف انفجار المصالحة الفلسطينية

بقلم: نهاد الشيخ
الجمعة 20 حزيران (يونيو) 2014

يبدو أن الترتيبات التي شملتها عملية المصالحة الفلسطينية، تؤسس لانفجار الأوضاع، وليس لانفراجها، لأن المؤشرات السالبة لم تتوقف لحظة واحدة منذ البداية، سواء في ما يتعلق بالحريات، أو الاعتقالات التعسفية، أو التصريحات السياسية، وحتى عملية تشكيل الحكومة ذاتها، وأخيراً انفجرت قنبلة رواتب موظفي الحكومة السابقة في غزة.
قبل تشكيل الحكومة، تجاهل الناس كل الإشارات السالبة، بدافع الرغبة في تحقيق المصالحة، لكن، بعد تشكيل الحكومة، والإعلان عن دفع الرواتب لجزء من موظفي حكومة التوافق، موظفي حكومة رام الله سابقاً، والامتناع عن دفع رواتب جزء آخر، موظفي حكومة غزة سابقاً، حدث الغضب من الجزء الثاني من الموظفين، بعد استماعهم لتصريحات حكومة الوفاق الوطني، بأن لجنة ستفحص وضع هؤلاء الموظفين، وستقرر احتياجات السلطة من بينهم في أربعة أشهر. فيبدو أن ما هو قائم، الآن، يشبه المعركة الصفرية بين الطرفين، فالبنوك في غزة لا تعمل، ولا أحد يستطيع أن يتسلّم راتبه، والوضع الاقتصادي يزداد سوءاً، الرئيس محمود عباس مصر على موقفه عدم الاعتراف بموظفي حكومة غزة السابقة، ولا يظهر أن أحداً من الطرفين ينوي التراجع عن موقفه. يتضح من متابعة ما يُقال ويُكتب عن الموضوع، أنه يدور في إطار محورين، حيث يتم شرح المشكلة، أو هجاء أحد الأطراف باعتباره مسؤولاً عن إحداث المشكلة.
لذلك، يجب أن نحاول إثراء التفكير في البحث عن بديل يُنزل الأطراف عن الشجرة، ويضمن للجميع إمكانية التقدم لتحقيق مصالحه، أو المصالح العامة كما يراها، وهنا أقترح تشكيل لجنة شعبية، أو هيئة وطنية، أو صندوق وطني في غزة، لحماية المصالحة وتعزيزها، تبادر إلى تأسيسه مجموعة من الشخصيات العامة التي تحظى بمصداقية، وتمتلك علاقات خارجية واسعة.
يهدف هذا الصندوق إلى استقبال المنحة القطرية، وصرف رواتب موظفي الحكومة السابقة في غزة لمدة عام. ويستند تسويغ الاقتراح إلى الأسباب التالية:
أولاً، قضية الرواتب مهمة للطرفين، فالسيد محمود عباس يريد استخدامها ورقة ضغط في الحصول على تنازلات إضافية من “حماس”، وبالتالي، لا أتوقع أن يتنازل عن هذه الورقة. ثانياً، ستكون حماس في وضع صعب للغاية، إذا لم يتلقّ الموظفون رواتبهم، أو جرى التنكر لهم، وربما ستخضع لابتزاز شديد، وتقديم تنازلات سياسية يريدها عباس، إن تم تأجيل الملف وبقي هؤلاء الموظفون من دون رواتب، أو بقي مصيرهم مجهولاً. أما ثالثاً: أدوات حماس ووسائلها في الضغط على محمود عباس محدودة جداً، فقضية إغلاق البنوك، وتأزيم أوضاع غزة، لن تؤثر على عباس، فهو يفاخر، كما قال عبر قناة “صدى البلد” المصرية، بأنه كان يقترح على حسني مبارك هدم الأنفاق، ويبدو أن مزيداً من الإرباك في غزة سيكون محل ترحيب من عباس، لأن ذلك سيساهم في إحراج حماس، والضغط عليها.
بناءً على ما سبق، تكون المصالحة قد وصلت إلى مرحلة الانفجار مبكراً، وهنا أهمية الاقتراح الذي سيحقق فوائد تتمثل في: أولاً، سيمنح الطرفين فرصة عام للتفاوض على كيفية تنفيذ بقية بنود المصالحة، وهذا سيجعل كل طرف يتصرف بنوع من الارتياح، وبعيداً عن العصبية والتوتر. ثانياً، سيُساعد على بناء حالة متوازنة في غزة، حيث يبقى الموظفون وأصحاب المناصب العليا من “حماس” قادرين على البقاء في أماكنهم، وهذا سيبعث على شيء من الارتياح لدى حركة حماس. وثالثاً، أبو مازن سيحقق ما يريد، أي عدم تحمل موظفي غزة، وسيقول للعالم أنا لا أُعطي مرتبات لمقاتلين في صفوف المقاومة، أو “إرهابيين” وفقاً للمصطلحات الأميركية والإسرائيلية، وسيبقى لديه أمل في تحقيق تنازلات إضافية من حماس، وحماس ستحقق مكسباً يتمثل في منح سنة أمان إضافية للموظفين، من دون أن تكون حماس المسؤولة عن هذا الأمر، وسيبقى لديها أمل في تحقيق مزيد من المكاسب للموظفين الذين التزموا معها طوال السنوات الماضية. هذا سيساعد على نزع فتيل القنبلة الأولى التي تفجرت في وجه المصالحة، وسيمنع الانفجار، ويعطي فرصة جديدة للانفراج، وسيمنح الجميع إمكانية للعمل، بعيداً عن التوتر والضغط. لكن، بعد ذلك يجب وضع كاميرات تلفزيون في غُرف اجتماعات المصالحة، حتى يعرف كل طرف أنه مُراقب، وبالتالي، يتصرف بحكمة وحذر ومسؤولية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2180950

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2180950 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40