الأربعاء 18 حزيران (يونيو) 2014

ماء وملح

الأربعاء 18 حزيران (يونيو) 2014 par أحمد مصطفى علي

يثبت الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، الذين يواصلون إضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم ال 56 على التوالي، احتجاجاً على سياسة الاعتقال الإداري التي تمارس بحقهم دون تهمة أو محاكمة عادلة، أنهم يخوضون حرباً قاسية من نوع آخر، ضد أبشع استعمار عرفه التاريخ .
إضراب الأسرى المفتوح طوال هذه المدة، يكشف عنجهية الاحتلال، بتكتمه على أوضاعهم الصحية المتدهورة، بعد أن نقل بعضهم إلى المستشفيات، وخاصة الأسير الإداري أيمن أطبيش الذي دخل إضرابه اليوم الحادي عشر بعد المئة على التوالي للمرة الثانية، ويحيط به السجّانون، الذين نكثوا باتفاقهم معه العام الماضي، حيث علق إضراباً بعد 105 أيام، عقب توصله إلى اتفاق مع سلطات الاحتلال بتحديد سقف اعتقاله الإداري، ولكنّ مصلحة السجون لم تلتزم بذلك الاتفاق، وجددت له مرات عدة بعدها .
لكم أن تتخيلوا كم هي صعبة هذه المعركة، إنها معركة إرادة وصبر، فكل منا يتناول وجبتين أو ثلاثاً في اليوم الواحد، هذا عدا عن الفاكهة والمشروبات المختلفة، وعندما يعود أحدنا إلى المنزل، أول ما يسأل عنه، هو الطعام والشراب، فيتناول وجبته قبل أن يخلد للنوم أو القيلولة، أو يعود إلى ممارسة حياته الاعتيادية، فماذا يكون موقفكم إن علمتم أن الأسرى قرروا خوض معركة الامتناع عن تناول الطعام والشراب، وأن أياماً وأسابيع طويلة مضت من دون أن يتذوقوا فيه طعاماً أو شراباً، سوى بضع قطرات من الماء وحبيبات من الملح، كنوع من الكفاح لتسليط الضوء على جزء من معاناة الشعب الفلسطيني جراء احتلال منحط وغاشم ومستهتر بكل ما يمت للإنسانية والقيم الأخلاقية بصلة .
تكمن خطورة القضية أن الأيام تمر بسرعة مع عدم وجود ضغوط حقيقية أو تدخلات دولية فعالة على سلطات الاحتلال، ما يدفعها إلى استغلال عامل الوقت ووصول الأسرى المضربين إلى مرحلة اليأس لوقف إضرابهم، لذلك لا بد من انتفاضة شعبية تدعم معركتهم ضد الاحتلال وتشعره بقوة الفلسطينيين وصعوبة المواجهة معهم، وبالتالي إجباره على التراجع عن تعنته والاستجابة لمطالب الأسرى وحل قضية الاعتقال التعسفي، لأن “إسرائيل” لا تفهم سوى لغة القوة والتهديد .
إصرار سلطات الاحتلال على تجديد أوامر الاعتقال الإداري بحق المضربين، يكشف نياتها الخبيثة بالإصرار على إعدامهم وتوجيه صفعة قوية لكل المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية ، من خلال تعريض حياة الأسرى لإجراءات قاسية ومذلة والتسبب لهم بأمراض كثيرة والتعجيل بانهيار أوضاعهم الصحية، فضلاً عن ممارسة كل أشكال الانتهاكات الإنسانية المحرمة ضدهم .
لا شك أن قرار الأسرى إعلانهم الإضراب عن الطعام لم يأت من فراغ، بل نتيجة طبيعية لإحساسهم بالظلم الممارس ضدهم من قبل الاحتلال، نتيجة اعتقالهم من دون مبرر، وأن انتصار إرادتهم هو انتصار لكل الفلسطينيين، لذلك لا بد أن تواكب معركتهم خطوات جماعية، على المستويين الرسمي والشعبي، لإسماع صوتهم للعالم وإغلاق ملف الاعتقال الإداري بشكل نهائي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2165632

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165632 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010