الاثنين 16 حزيران (يونيو) 2014

فوضى بلاد الشام والعراق

الاثنين 16 حزيران (يونيو) 2014 par سليمان تقي الدين

انعكس الفراغ الرئاسي في لبنان أزمة وطنية وانتشرت الاتهامات المتبادلة عن تعطيل الانتخابات والمؤسسات . ترافق ذلك مع استحقاق الاستجابة لمطالب هيئة التنسيق النقابية في تصحيح الرواتب والأجور، وهو القضية العالقة بين الشارع والحكومة منذ ثلاث سنوات . والتشريع بصدد الرواتب والأجور يأخذ بعده المهم من كونه يضغط باتجاه إصلاحات موازية إدارية وضريبية، الأمر الذي تتحايل الطبقة السياسية عليه وترفض الرضوخ لحاجاته . هذه المعركة الاجتماعية لا تغيّر في المعادلات السياسية باعتبار التواطؤ الضمني القائم بين جميع الأطراف على محاصرتها، إلاّ أنها تُستخدم في النزاع السياسي من أجل تحميل المسؤوليات وتسجيل النقاط ضد الخصوم في موضوع أزمة النظام السياسي وواقع الفساد المتراكم والمستشري .
كشفت المعطيات السياسية أن معركة رئاسة الجمهورية غير قابلة لتكون محطة لانتصار فريق على آخر، أو لاختيار رئيس من إحدى الكتلتين المتنازعتين . وما قيل عن محاولات البحث عن تسوية بمعنى توزيع المواقع في النظام بما يؤمن التوازن بين ممثلي هاتين الكتلتين من الأمور غير الناضجة وغير القابلة للتحقيق الآن . أقله أن المرشح الرئاسي الذي يعتقد أنه قادر على ممارسة دور وفاقي في حال فوزه لم يقدم ولا أية ضمانة ولا أية خطوة باتجاه إشعار الطرف الآخر بإمكانية لعب هذا الدور . وخارج طموحات المرشحين الرئاسيين هناك قناعة ضمنية أخذت تظهر عبر المواقف والتصريحات للبحث عن مرشح تسوية . لكن هذا المخرج يحتاج إلى المزيد من الوقت والمزيد من الحوار والتواصل ومن استشعار خطورة الفراغ الرئاسي على النظام كله لكي تصل الأمور إلى حد التوافق على رئيس للجمهورية .
يذهب الجدل الآن باتجاه “الشراكة الطائفية” في النظام، وفي المؤسسات، وتطفو على السطح مسألة المناصفة والمثالثة . لكن الخوض في هذه المسائل الآن لا يعالج المسألة السياسية المطروحة وقد تكون وظيفته التأسيس لحوار أو لصراع مستقبلي على إعادة تكوين النظام السياسي . وبالفعل بات الجميع يدرك أن النظام الحالي بما هو دستور أو بما هو ممارسة لم يعد يستوعب القوى السياسية وطموحاتها وفاعليتها . ومن اللافت أن فكرة “الفدرالية” على غموض دلالاتها في الحال اللبنانية وصعوبات تقديم تصور واقعي لها قد بدأت تطرح في أكثر من وسط سياسي .
على أي حال هذه الأزمة اللبنانية تلاقي الوضع الإقليمي وتتأثر باتجاهاته ومساره وهو ينبئ بأن التهدئة الدولية واستبعاد حروب الدول لا يلغيان واقع الحروب الأهلية الداخلية التي تتجذر مع عدم وجود حلول سياسية .
فلقد شهد العراق تطورات دراماتيكية تؤكد أن النظام السياسي وطريقة إدارة البلاد وتوزيع السلطة كلها أمور لم تنجح في وقف النزاع . كما أن كل مظاهر التقدم العسكري الميداني للنظام في سوريا لا يمكن أن تترجم الآن ولا في المدى المنظور استعادة لسلطة النظام على الدولة المركزية أو على الكيان السوري . على العكس من ذلك أدت تطورات العراق وسوريا في هذا الوقت القريب إلى زيادة منسوب الحديث عن خرائط سياسية جديدة بصرف النظر عن احتمالات بقائها واستمرارها وتحولها إلى مشاريع نهائية .
قد تكون كل هذه التطورات مجرد ضغوط متبادلة وتجميع أوراق لدى المفاوضين الكبار الدوليين والإقليميين، وأن هذه التطورات الميدانية تتلاشى لدى وصول التفاوض إلى خواتيمه ونتائجه . لكن قد تكون كذلك أبعد من تجميع الأوراق والنقاط وتحسين الشروط وتؤسس لأوضاع يصعب العودة عنها . تتخذ الحروب عادة ديناميات مستقلة حتى عند إداراتها العليا . في العراق وسوريا ولبنان أصبح للنزاعات الداخلية تاريخ مديد تتسع من خلالها الفجوة بين مكونات شعوب هذه البلدان .
وهناك على الأقل مكونات خرجت من حال “التعايش” إلى حال الانفصال ولو بأشكال مختلفة وهي تملك زخماً للبقاء على هذا الحال إلى أمد طويل . فهل نكون أمام نظام “فدرلة” شامل ونزاعي؟ أم أن التسويات الكبرى ستعيد هذه الأقاليم إلى حال من البحث عن أنظمة سياسية ترتفع عنها المحرضات الداخلية والخارجية وتتجه إلى صياغة استقرارها على نوع من المشاركة والعدالة في هذه المشاركة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2177827

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2177827 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40