الأحد 15 حزيران (يونيو) 2014

إنقاذ العراق بوحدته

الأحد 15 حزيران (يونيو) 2014 par أحمد مصطفى علي

الأحداث الكارثية والتطورات الأمنية المتسارعة، المتمثلة بسيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الإرهابي على مساحات شاسعة من غرب العراق، وتمددهم وزحفهم باتجاه بغداد والمناطق الجنوبية، يطرح تساؤلات عدة عن مدى هشاشة الجيش العراقي وضعف تنظيمه وتدريبه، جراء الانهيار السريع والكامل الذي لحق به، خاصة إذا علمنا أن القطعات العسكرية الموجودة في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين هي من أكثر التشكيلات العسكرية والأمنية العراقية قوة وتدريباً وتنظيماً وتسليحاً .
التطور الدراماتيكي المفاجئ في الوضع العراقي، يذكرنا بالانهيار السريع للجيش العراقي أمام الغزو الأمريكي، قبل أكثر من أحد عشر عاماً، وتم إلقاء اللوم وقتها على الخيانات والرشى والفساد ومساوئ الحكم والحصار الخانق، لكن أن يتكرر هذا التهاوي في زمن ما يسمى بالعراق الجديد ورئيس وزرائه نوري المالكي، فهذا يطرح علامات استفهام حول مدى شعبية الحكومة الحالية وقدرتها على لمّ الشمل العراقي وصهره في البوتقة الوطنية الواحدة والمصلحة العليا للبلاد، بدلاً من عمليات المحاصصة الطائفية واتباع سياسة إقصاء الآخر وتخوينه وملاحقته .
وإذا كان المالكي ديمقراطياً وليس ديكتاتوراً، كما يفترض، وبنى جيشه الجديد على أساس عقيدة مغايرة لجيش الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، فلماذا تهاوى بهذا الشكل الغريب إذن؟
الأطراف العراقية اليوم بأمس الحاجة إلى الشروع في حوار جدي يؤدي إلى إنجاز مصالحة وطنية حقيقية شاملة بين جميع مكوناته، لبناء عراق الوطن لا الطائفة، يتشارك فيه الجميع في إعادة بناء وطن عُرف في يوم من الأيام بقوة جيشه وبعراقة حضارته الممتدة إلى آلاف السنين، وغناه بالثروات البشرية والطبيعية، عراق فاعل في محيطه العربي والإقليمي، تستند فيه المسؤوليات إلى أساس الكفاءة، بعيداً عن الحزبية الضيقة والتقسيم الطائفي المقيت، والابتعاد عن سياسة إقصاء هذا أو تهميش ذاك، ولعل ما حصل يكون درساً لحكومة المالكي التي لا بد أن تقتنع بهشاشة حكمها وعجزها في إقناع العراقيين بوطنيتها ونزاهتها وبقدرتها على التعامل مع بقية المكونات، من دون أحقاد .
تكمن خطورة التنظيم الإرهابي بإزالته للحدود القائمة بين العراق وسوريا في سعيه لبناء إمارة إسلامية متطرفة تهدد المنطقة والعالم، وشحنه أحدث الأسلحة التي استولى عليها من مخازن الجيش العراقي إلى مناطق سيطرتها في سوريا، ما ينذر بشرٍ مستطيرٍ مرتقب، يهدد من تبقى من السكان في مناطقهم ومدنهم بكارثة إنسانية وأنهار من الدم ويجبرهم على النزوح واللجوء هرباً من أفعالهم المشينة وبطشهم اللاإنساني واللحاق بركب سابقيهم في بلدان الشتات واللجوء .
لا بديل عن تضافر جهود جميع القوى والفعاليات السياسية والوطنية العراقية في معالجة الوضع المتأزم ومواجهة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره درءاً للمخاطر وحفاظاً على وحدة العراق وأمنه واستقراره، وعلى المنظمات الدولية والعربية تقديم الدعم اللازم للعراق لمساعدته على دحر الإرهاب وبسط سلطة الدولة وتحقيق التوافق الوطني العراقي في هذه المرحلة الخطرة التي لا تهدد فقط أمنه وسلامته، بل ستكون له تداعيات خطرة عابرة لحدود الدول والقارات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2182161

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2182161 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40