الأربعاء 28 أيار (مايو) 2014

قالها البابا

الأربعاء 28 أيار (مايو) 2014 par زهير ماجد

بدا ان البابا فرنسيس لم يكن سعيدا بما رآه في زيارته الرعوية إلى فلسطين المحتلة .. كان متأكدا قبل المجيء ان عذابات الشعب الفلسطيني ليست بعيدة عن اسماعه، وان مطالب هذا الشعب تتكرر صبح ومساء حتى اصبحت لازمة عالمية تؤرق الوجدان، وفي طليعتها تمسكه بقرار العودة الى دياره .. وكان يعرف ان الفلسطينيين ليس مقبولا لديهم اي بديل عن فلسطين، بل لا بديل عنها سوى فلسطين.
حين توقف امام الجدار العنصري الذي بنته اسرائيل كان منزعجا من مشهد لا ينم عن عقل طموح بالحق الانساني، ولا عن قلب سوى ان السوداوية تنهشه. فلقد رأى فصلا لم يعرفه من قبل ولا شاهده، لم يكن مضطرا للتعبير عن كرهه لمشهده، بل جاءه الكلام العفوي الذي ينم عن مضايقة منه، وعن اسلوبه الضارب للتواصل بين البشر، وهو الذي آمن بمد الجسور وبالمحبة والالفة، وآمن بالعلاقات الانسانية.
كان جميلا ان نراه بالكوفية الفلسطينية في بيت لحم، فهنالك كان أول فلسطيني ثائر هو المسيح عليه السلام، وهنالك خرجت افكار تحرر الإنسان من العبودية ومن رحم المكان قلد السيد المسيح البشرية افكاره النيرة في الأنسنة. اجمل المشاهد إذن، كانت الكوفية التي غمرت رأس البابا الذي يعرف سلفا كم يتوق الفلسطيني إلى وطنه، وكم تعني له تلك الأماكن في الذاكرة رغم ان جيل الشباب لا يعرفها، فيما اجيال رحلت ومن بقي سادت حياته صمت فعل الكهولة.
جلس البابا الذي عرف عنه ميزة الرحمة وحلم مساعدة الفقراء ومفاهيم الأخوة بين البشر، إلى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس مستمعا إلى شكواه التي يعرف عنها الكثير وربما اكثر مما يقوله عباس .. لكنه مع ذلك كانت ملامح وجهه تبدي استياء، ويعرف ايضا، ان فلسطين التي تعيش في قلب كل فلسطيني ما زالت وطن حلمه الذي لم يصل اليه .. وهي من أكبر المآسي التي عرفتها البشرية، وقد تكون اصعبها في التاريخ.، وان الاسرائيلي ما زال يزيد من مستوطناته إلى الحد الذي لم يعد هنالك مكان للفلسطينيين.
سيظل يذكر البابا فرنسيس ان ما كان يحس به ازاء القضية الفلسطينية رآه عن قرب، بل كاد ان يرتطم به .. كان الإسرائيليون وحدهم مستائين من زيارة فرضت عليهم، فأرادوا تبييض وجوههم، لكن سرعان ما اظهر امام الجدار موقفا صارخا، لم يعجب الاسرائيليين، وربما قال كلاما فيه الكثير من التورية التي آلمتهم.
زيارة رعوية حققت مبتغاها، كانت توقيتا مؤاتيا، خاصة بالنسبة للفلسطينيين الذين جاءتهم فرصة سانحة لإعادة شرح مواقفهم على قاعدة الانتكاسات التي يقوم بها الاسرائيلي، وتجاهله للمطالب الفلسطينية.
وزيارة جاءت في اللحظة المناسبة على الصعيد المسيحي الذي تنتابه مخاوف البقاء في الشرق الاوسط وخصوصا في فلسطين فيسعى للهجرة دون تفكير بالعودة، ويعرف البابا ان الوجود المسيحي في القدس وحدها اليوم وصل إلى واحد بالمائة فقط وهو امر حزين بالنسبة إليه. ولهذا تأتي زيارته كي تحد من هذه الظاهرة، فلسطين هي بلد التعايش، والعالم العربي ايضا .. ويفترض ان يبقى المسيحي مؤاخيا للمسلم، فالاثنان جناحا فلسطين ولا يمكن لدين واحد ان يلعب دور التاريخ في بلاد التاريخ.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2178099

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

2178099 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 32


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40