الاثنين 12 أيار (مايو) 2014

عام آخر من عمر النكبة

الاثنين 12 أيار (مايو) 2014 par عوني صادق

عشية مضي 66 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، تزامن آخرها مع فشل إضافي في فصل إضافي من مفاوضات عبثية . وكان، كالعادة، موسماً للتصريحات التي حمل بعضها الجديد الكاشف لبعض جوانب الحاضر، وليؤكد بعضها على القديم المعروف من الحقائق التي يحاول البعض طمسها، لكنها مجتمعة أكدت ما هو أكثر من عبثية التفاوض مع دولة الاغتصاب الصهيوني .
أحدث تصريح أطلقه “كبير المفاوضين” صائب عريقات، وكان استعداداً وتمهيداً للقاء مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس في رام الله، كان قوله: “لم يغلق باب المفاوضات، ولم تنقطع الاتصالات مع الإدارة الأمريكية” . هذا هو الموقف حتى اللحظة فلسطينياً بعد كل الذي جرى، وما زال على الفلسطينيين المنتظرين أن يستبشروا خيراً! في الوقت نفسه، وفي آخر شهرين من رئاسته، وبعد أن قال في كلمة (عيد الاستقلال): “إننا ما زلنا نعيش بحد السيف دفاعاً عن وجودنا، وإن المهمة لم تنته بعد”، كشف شمعون بيريز عن حقيقة هي بمثابة مجموعة من الألغام كانت حتى الآن مدفونة تحت ركام المفاوضات، فأعلن أنه كان قد توصل في “مفاوضات سرية” جرت بينه وبين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عمان العام ،2011 إلى “اتفاق تسوية”، وبتفويض من نتنياهو، شمل كل النقاط . لكن الأخير “أحبط الاتفاق في اللحظة الأخيرة عندما طلب تأجيل التوقيع على الاتفاق لعدة أيام”! وأكد بيريز أن عباس وافق على “يهودية الدولة”، وعلى حل مسألة اللاجئين، إضافة إلى استبدال الحديث عن حدود 1967 مقابل الحديث عن مساحة الدولة الفلسطينية .
وكما هي العادة، تثير النكتة أكثر ما يمكن من الضحك، عندما تروى بقدر كبير من الجدية، خصوصاً عندما يكون شر البلية ما يضحك! فما يجري على “المسرح السياسي” بعد 66 عاماً على النكبة، يتناقض تماماً مع “الحقائق” التي كرستها حكومات الاغتصاب على الأرض . ويتضح ذلك من خلال شهادات “إسرائيليين مخلصين” لدولتهم أكثر من إخلاص أولئك الذين يقفون على رأس “المؤسسات” الحاكمة .
فمن جهة، وفي ندوة عقدت في بلدة مجد الكروم يوم 13-4-،2014 قال أبرز المؤرخين “الإسرائيليين”، إيلان بابيه: إن “سياسة التطهير العرقي ما زالت مستمرة، وإن بدلت”إسرائيل“أدواتها وآلياتها”، لافتاً إلى أنها “تهدف إلى التخلص من فلسطينيي الداخل، ومحو تأثيرهم وكيانهم الوطني والقومي” . وبخلاف الرواية الصهيونية السائدة، أوضح بابيه مجدداً أن “تهجير الفلسطينيين من ديارهم كان سبباً للحرب، ولم يكن نتيجة لها”، وأن “الحركة الصهيونية وضعت مخططاتها للتطهير العرقي والاستيلاء على أكبر مساحة من البلاد وبأقل عدد ممكن من الفلسطينيين منذ سنوات الثلاثينات، لكنها نفذت تلك المخططات في العام 1948” . وسارت الحكومات “الإسرائيلية” المتعاقبة على النهج نفسه . ولهذا يبدو طبيعياً أن يصرح وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، معلقاً على مظاهرة “مسيرة العودة”، التي نظمها عرب الداخل قبل أيام، بأنهم “طابور خامس” .
ومن جهة أخرى، نجد تأكيداً جديداً على صحة أقوال بابيه، في ما كتبه نمرود ألوني، رئيس “معهد التعليم المتقدم في كلية سيمنار الكيبوتسات”، في (هآرتس- 4-5-2014)، إذ يقول: “الغريب، إن لم نقل السخيف، هو إصرار المؤسسة الحاكمة”الإسرائيلية“على محو الحقائق الأساسية وإقصاء الفلسطينيين عن واقع الحياة في بلادنا المشتركة . وقد بلغت الأمور حد أنه حتى في أوساط الجمهور العلماني تجذر النهج الأصولي الذي عرضه النائب موتي يوغاف من (البيت اليهودي) من أن الرب أعطى بلاد”إسرائيل“لشعب”إسرائيل“”! ويشدد الوني على أن “الفكرة السائدة في أوساط العديد من”الإسرائيليين“اليهود (الحقيقة في معظمهم) هي أن الفلسطينيين ليسوا سكاناً أصليين، وأن هذه البلاد ليست وطنهم، وأنهم سكان مشروطون، ومسموح لهم بالعيش معنا بفضل موافقتنا السخية وتسامحنا المتنور”! ويختم ألوني مقاله قائلاً: “وليكن واضحاً أن هذه الفترة لا توشك على التغير، لأن السياسة الرسمية هي أنه في موضوع بلاد”إسرائيل“توجد حقيقة واحدة، ولا توجد روايات مختلفة” .
تلك هي حقائق الموقف على الجانب “الإسرائيلي” حتى اللحظة، لم تتغير مخططاتهم منذ ثلاثينات القرن الماضي، عندما كانت “الوكالة اليهودية” هي التي ترسم وتخطط، وكانت عصابات “الهاغناه” و“شتيرن” تقومان بالعمل العسكري الممهد ل“حرب الاستقلال” . لقد تغيرت “المسميات” لديهم ولم تتغير المخططات، أو الأهداف . أما الحقائق على الجانب الفلسطيني، فما أكثر ما تغيرت بعد قيام “منظمة التحرير الفلسطينية”، التي كانت، كما يفترض، الرد النقيض لقيام “دولة إسرائيل” . فمنذ سبعينات القرن الماضي، بدأت التغييرات تجري على “منظمة التحرير”، مع “برنامج النقاط العشر” الذي أطلق عليه “البرنامج المرحلي”، ولم يكن في حقيقة الأمر “مرحلياً” . كان خطوة أولى نحو الهاوية التي نكاد نصل قعرها اليوم . فمع الوصول إلى “اتفاق أوسلو”، اقترب “المشروع الوطني الفلسطيني” كثيراً من لحظة دفنه، وما تم “إنجازه” في “فترة أوسلو المجيدة” حتى اليوم يستحق أن نطلق عليه عنواناً مثل “الإبداع في زمن الضياع” .
66 عاماً انقضت على نكبة الشعب الفلسطيني، لتلحق بها نكبات عربية أخرى، وليكون له في كل نكبة منها نصيب . وإذا كان “لا يصح إلا الصحيح”، فإن 66 عاماً من السياسات الفاشلة والمواقف الخاطئة، تثبت أن “الصحيح” ليس إلا القطع مع هذه السياسات والمواقف، والبدء من جديد .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010